الخميس 03 تموز 2025 الموافق 08 محرم 1447
آخر الأخبار

الشيخ حسين إسماعيل في لقاء ثقافي في البابلية : ' قام مشروع الإمام الصدر على طرح الإسلام في بعده الإنساني '

ياصور
في أجواء ليالي شهر رمضان المباركة أقامت شعبة البابلية في حركة أمل لقاء ثقافيا في دارة الأخ السيد محمد ملحم حطيط " أبو ملحم "، وحضر هذا اللقاء نخبة ثقافية ومن أصحاب الرأي، ومن الحضور الدكتور حسين حطيط المسؤول التنظيمي للشعبة، الدكتور احمد حطيط المسؤول الثقافي، الدكتور عباس رضا، الدكتور عدنان غبريس، الدكتور محمود قري، والحاج علي الراعي والأخ أحمد محسن، الاخ حيدر بعجور، الاخ ابو ملحم حطيط وأعضاء الشعبة وأخوة آخرين، وتحدث في هذا اللقاء فضيلة الشيخ حسين اسماعيل عن معاني شهر رمضان ودلالاته العقائدية والتربوية والأخلاقية ، ودعا إلى ضرورة الإستفادة منها.

كما دعا الشيخ إسماعيل إلى ضرورة الإهتمام بالقرآن الكريم دراسة وتدبرا في هذا الشهر المبارك شهر رمضان، وخاصة أنه نزل فيه، كما أخبر تعالى عن ذلك في سورة البقرة حيث يقول : " شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ( 185) "، فشهر رمضان يوثق العلاقة بين الصائم والقرآن ويجعلها متينة، ليكون القرآن الكريم منطلقا له في هذه الحياة في كافة محطاتها الرسالية والإجتماعية.

ثم شرح الشيخ إسماعيل الآيات الأوائل من سورة لقمان الشريفة، والتي تتحدث عن صفات المؤمنين، وهي قوله تعالى : " الم (1) تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ (2) هُدًى وَرَحْمَةً لِّلْمُحْسِنِينَ (3) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5) ". ذكر الله تعالى في هذه الآيات بعض صفات المؤمنين، حتى يتعرف عليها الناس، ويعملوا على تجسيدها في حياتهم، فالإيمان في الإسلام ليس مجرد عقيدة بل هو عقيدة وعمل والتزام برسالة الله، ولا قيمة للإيمان من دون ارتباط برسالة الله تعالى، وفِي هذه الآيات المجيدة تحدث الله تعالى عن بعض صفات المؤمنين، وهي :

الصفة الأولى للمؤمنين : وهي التمسك بالقرآن الكريم والعمل بهديه وتعاليمه وتوجيهاته، والله تعالى أشار إلى صفة من صفات القرآن الكريم، وهو أنه كتاب متصف بالحكمة ، لأنه يفرق بين الحق والباطل، وهذه الصفة تنتقل إلى المؤمن فيما إذا التزم خط القرآن في حياته، فيصبح حكيما وبصيرا بمواطن الحق والباطل، لذا قال تعالى : " تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ. هُدًى وَرَحْمَةً لِّلْمُحْسِنِينَ "، فالمؤمن يتخذ من كتاب الله مرجعية له في حياته، لتحديد دوره ورسم علاقته بمحطات هذه الحياة.

الصفة الثانية للمؤمنين : وهي التمسك بخط الإحسان، وهو خط العطاء الإيثار والتضحية في سبيل خدمة المجتمع، دون استغلال بل تقديم عمل الخير للناس دون مقابل، فالمؤمنون هم محسنون، ويحملون في قلوبهم محبة للناس ، ويعملون على نشر الخير والمودة والتسامح بين الناس، وهذا البعد هو من أهم الأبعاد الإيمانية، التي تساعد على نشر الإسلام، وزرع المحبة للإسلام في قلوب الناس، والرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وآله حمل صفة الإحسان لمجتمعه، وخاصة اتجاه المستضعفين والفقراء والمحرومين، وذلك قبل البعثة، وكان لذلك أثره الطيب والمبارك بعد البعثة، حيث كان الفقراء والمستضعفون من الأوائل الذين نصروا النبي والرسالة، وقدموا التضحيات الكبرى، لذا وصف الله تعالى المؤمنين بالمحسنين، حيث قال تعالى : " هُدًى وَرَحْمَةً لِّلْمُحْسِنِينَ "

الصفة الثالثة والرابعة للمؤمنين : وهي أنهم يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة، والمقصود بإقامة الصلاة أدؤها بشكل صحيح وكامل، وبكافة شروطها وأجزائها، التي شرعها الله تعالى، وخاصة الخشوع الباطني لله، ومن صفات المؤمنين إيتاء الزكاة، والتي تهدف إلى مساعدة الفقراء والمساكين، والنهوض بأهداف المجتمع التربوية والرسالية.

وتحدث الشيخ إسماعيل عن نهج الإمام السيد موسى الصدر وخطه بأنه يجسد نهج الإسلام وخطه الأصيل، وخاصة في بعده الإنساني، والذي يقوم على خدمة الإنسان، والسعي لرفع الحرمان عنه بعيدا عن دينه ولغته وبلده، والإمام الصدر لم يترك مناسبة إلا وأكد فيها، الهدف من وجود الرسالات السماوية، وهي خدمة الناس ، ومن أقواله في هذا المقام ما جاء في عظة له ألقاها في كاتدرائية الآباء الكبوشيين في بيروت عام 1975، قال الإمام الصدر فيها : "اجتمعنا من أجل الإنسان الذي كانت من أجله الأديان، وكانت واحدة آنذاك، يبشّر بعضها ببعض، ويصدّق أحدها الآخر، فأخرج الله الناس بها من الظلمات إلى النور بعد أن أنقذهم بها من الخلافات الكثيرة الساحقة والمفرِّقة، وعلّمهم السلوك في سبيل السلام. كانت الأديان واحدة حيث كانت في خدمة الهدف الواحد دعوة إلى الله وخدمة للإنسان، وهما وجهان لحقيقة واحدة. ثم اختلفت عندما اتجهت إلى خدمة نفسها أيضًا، ثم تعاظم اهتمامها بنفسها حتى كادت أن تنسى الغاية، فتعاظم الخلاف واشتد فازدادت محنة الإنسان وآلامه". فالإمام الصدر يرى أن الهدف من الأديان هو خدمة الإنسان، وأن الأديان تنتهي عندما تصبح رسالة هذه الأديان هي خدمة نفسها، أي خدمة من يدعو إليها، حيث تتحول إلى مصدر لاستغلال الناس والمجتمعات، لذا يرفض الإمام الصدر استغلال الدين من أجل مصالح سياسية ومكاسب آنية وضيقة. وكان هناك مداخلات هامة من قبل الحضور تؤكد على أهمية الربط بين الدين وخدمة المجتمع ، وفي خاتمة اللقاء أثنى الشيخ إسماعيل على هذا اللقاء وعلى نشاطات شعبة البابلية الثقافية، ودعى للجميع بالتوفيق لما فيه رضى الله تعالى.
تم نسخ الرابط