الثلاثاء 01 تموز 2025 الموافق 06 محرم 1447
آخر الأخبار

اتحاد بلديات اقليم التفاح وبالتعاون مع منتدى التنمية والثقافة والحوار نظّم لقاء 'الحوار العربي - الدانماركي'

ياصور
نظم اتحاد بلديات اقليم التفاح وبالتعاون مع منتدى التنمية والثقافة والحوار لقاء " الحوار العربي – الدانمركي : دور الحوار الاسلامي المسيحي في تعزيز السلم الاهلي، واستعراض العلاقات الاسلامية – المسيحية في الدانمرك ونقل تجرية اقليم التفاح في العيش المشترك".

اللقاء الذي أقيم في قاعة السيدة الزهراء في بلدة جباع ( اقليم التفاح) حضرها رئيس اتحاد بلديات التفاح بلال شحادة ونائبه يحيى جوني، رئيس المركز الكاثوليكي للاعلام الاب عبدو أبو كسم، راعي الكنيسة اللوثرية في العاصمة الدانمركية كوبنهاغن القس نيلس فيد، امام بلدة جباع الشيخ سليمان دهيني ، عميد كلية الشريعة في جامعة حلب السورية الدكتور علي عكام، ممثل مجلس علماء فلسطين في لبنان الشيخ الدكتور محمد صالح الموعد، امام وخطيب مسجد السلام في كوبنهاغن الشيخ خالد عدوان، مدير جامعة آزاد الاسلامية في النبطية الشيخ محمد سبيتي، وشخصيات من سوريا والاردن ومصر ، ورؤوساء بلديات من اتحاد بلديات الشقيف ومخاتير وفاعليات ووجوه اجتماعية وتربوية ومهتمين.

بعد النشيد الوطني اللبناني افتتاحا، وكلمة ترحيب وتعريف من الاعلامي قاسم قصير، ألقى رئيس اتحاد بلديات التفاح بلال شحادة كلمة قال فيها: كانَ الأنبياءُ ولا يزال للإنسانيَّةِ جمعاءْ... في البدء، كانَتْ الكلمةُ هيَ سرُّ الوجودْ وجسرُ الحوارْ ووسيلةُ الفكرْ وغذاءُ الرُّوحْ...

والقرآنُ الكريمْ يُعبّرُ عن السّيّدِ المسيحْ عليهِ السَّلامْ بأنَّهُ كلمةُ الله التي ألقاهَا إلى مريم البتول... القدّيسةُ التي ارتفعَتْ فوقَ كلّ العوالمْ... كُلَّمَا دخلَ عليهَا زكريَّا المحراب وجدَ عندهَا رزقًا قال: " يا مريم أنّى لكِ هذا؟"... قالت: "هو من عند الله، إنَّ اللهُ يرزقُ من يشاءُ بغيرِ حسابْ..."

وَهُنَا قانَا الجليلْ... كانَت معجزةُ السّيّدِ المسيحِ الأولَى، وليسَ من قبيلِ الصّدفةِ أنْ تكونَ قانَا نفسها مكانَ المجزرةِ الصهيونيَّة سنة 1996 ، عندمَا قصَفَ الجيشُ الصهيونيّ تجمُّعًا للمدنيّين، لجأَ إلى مركزِ الأمَمِ المتّحدة طالبًا الأمان... وانتصرت دماؤهُم على الإجرامِ الصهيونيّ بسواعدِ المقاومينَ من لبنانْ،لبنانْ التعايشُ الإسلامي-المسيحي، لبنانْ الحوارْ الحضاريّ، ولبنان الرسالة على حدّ تعبيرِ قداسةِ البابَا...

وقال: نُرحّبُ بكُمْ ضيوفًا أعزّاء على أرضٍ تَطَهَّرت بعدَ جلجلةِ الاحتلالْ... وتمسّكَتْ بالإيمان المتسامِي عندَ كُلّ أنواعِ العنصريَّةِ والطائفيَّة، أرضِ الإمام موسى الصَّدر الذي قالْ: الطوائف نعمة والطائفية نقمة والأكثر طائفيّةً أقلُّ تديّنًا...

إنَّ الحوارَ الإسلامي-المسيحي بحسبِ هذه المدرسة... ليسَ مجرّد مجاملات بل منصّةً تنطلِقُ منهَا مشاريعُ التحريرِ من العصبيَّاتِ والفتَنِ والتخلفْ... هو عيشٌ وليس تعايشًا وأسلوبَ حياةْ...
يتفتّحُ الحوارُ الحضاريُّ بينَ الأديانِ والمذاهبْ... من أجلِ الإنسانِيّة والإنسان كلّه...

بإسم إتحادِ بلدياتِ إقليمِ التفاح... النموذج في الانفتاح والعيش المشترك... أتمنّى لأعمالِكُم المباركة أن تُنتِجَ مزيجًا من التَّلاحُمِ بينَ القلوبِ المؤمنةِ بالله الواحِد لإرساءِ حوارٍ فاعلٍ يُساهمُ في تطهيرِ العالم من فِتنِ الصهيونيَّة... لأنّ المشروعَ الصهيوني العنصري قائمٌ أساسًا على تفتيت الأُمَمْ...

وكُلَّما أوقدوا نارًا للحربِ أطفأهَا الله...

وكانت كلمة لرئيس منتدى التنمية والثقافة والحوار القس رياض جرجور، اكد فيها على أهمية أن الحوار الاسلامي المسيحي بما أصبح عليه من تأزم لاسيما بين الغرب المسيحي والإسلام عامة، لابد من تفعيله بإعادة النظر في منطلقاته وبتحديد أولويات القضايا التي يجب ان يضعها على طاولة البحث المشتركة وإن وجوب هذا التفعيل أصبح مسألة ملحة يتأسس عليها مصير دول الشرق الأوسط الذي بلغ حد التشرذم والفوضى والدخول في مشاريع إعادة دوله، وكأنما سندخل في تشكيل سايكس بيكو جديد. وعليه فإن أحد المنطلقات التي يجب أن يتأسس عليها الحوار هو النظرة الى شرعية التعددية، فالتعددية الدينية والطائفية هي من وجهة نظر لاهوتية، وفي الحكمة الالهية ومقاصدها تعدد في سبل الخلاص إستنساباً للزمان والمكان ولأوضاع البشر المختلفة. لذلك فالتعددية تتنتاقض مع إحتكار شكل التدين والإستكبار والإختزال والإحتواء والإستتباع بل هي دعوة الى الحوار لمعرفة الآخر كما يعرف هو ذاته ويعرف هو عن ذاته وصولاً الى احترام متبادل ومشاركة فعالة لبناء المدينة الأرضية كما يريدها الله وليس كما يخطط رصف مداميكها البناؤون "إن لم يبن الرب البيت، باطلاً يتعب البناؤون".

وقال: أما على مستوى طبيعية الحوار الاسلامي المسيحي فعلينا ان نعطي الأولوية إما الى حوار الحياة والعيش المشترك وإما الى الحوار العقائدي، وإما الى المستويين معاً. إنها مسألة خيار وكل مستوى من تلك المستويات له ما يبرره إلا أنه وإرتكازاً على خبرتنا في هذا الحقل وصلنا الى قناعة عبرت عنها الوثيقة التي أقرها الفريق العربي الاسلامي المسيحي للحوار في العام 2001 بعد عامين من العمل ووضعها تحت عنوان "الحوار والعيش الواحد: نحو ميثاق عربي إسلامي مسيحي"، ومفاد هذه القناعة أن حوار الحياة او حوار العيش المشترك قد يكون أكثر إلحاحاً من الحوار العقائدي ولربما يكون الوسيلة الأفضل التي تمهد لحوار عقائدي لاحق وتسهل فرص نجاحه، لكن حوار العيش المشترك يجب أن ينطلق من قاعدة إيمانية حقيقية وليس من إهتمامات سياسية قد تكون آنية وظرفية وبالتالي عابرة. هذا وأنه في قناعتي لا يمكن إنجاح الحوار الحياتي إن لم يرسو على مبادىء لاهوتية أي أن يكون الحوار منطلقاً من دوافع دينية مبنية على أسس لاهوتية تلزم المؤمن بأن ينظر الى الآخر نظرة محبة وتقدير واحترام. مع عدا ذلك فالنظرات الأخرى الحوارية والتضامنية تبقى رهن الظروف السياسية الاجتماعية التي قد تتغير، كما قد تخضع لما هو ظرفي وتكتيكي ومؤقت وآني ودبلوماسي وغير ذلك.

وألقى رئيس المركز الكاثوليكي الاعلام الاب عبدو ابو كسم كلمة قال فيها: يسعدني أن أشارك في لقاء الحوار العربي الدنماركي الّذي ينظم بالتعاون مع منتدى التنمية والثقافة والحوار، حول التعايش الإسلامي المسيحي، تحت عنوان:"دور الحوار الإسلامي المسيحي في تعزيز السلم الأهلي".

وقال: لا بدّ من الإشارة أن ثقافة الحوار بين الأديان هي المرتكز الأساس لبناء جسور السلام بين الشعوب المتنوّعة الطوائف والأديان، وعمليّة الحوار هذه تبدأ إنطلاقاً من ما هو مشترك بينها، أي القيم الدينيّة والأخلاقيّة والإنسانيّة، الّتي يمكن أن تشكّل مادّةً أساسيّةً لعمليّة التلاقي، وتؤسّس لحوار بنّاء يخدم مجتمعاتنا وشعوبنا المتنوّعة بتنوّع طوائفها، فتضحي هذه الطوائف مصدر نعمة وغنى، يفتح مساحات واسعة للتلاقي في سبيل تعزيز هذه القيم ممّا يسهّل عمليّة الإندماج السلمي الرّاقي في مواجهة كل أشكال التعصّب الّذي يضرب، وللأسف، بعض المجتمعات والشعوب، ويعنى في نشر آفة الجهل والإنغلاق، والّتي تشكّل أرضاً خصبة لزرع بذور التطرّف والإرهاب.

وقال: إنّ أيّة عمليّة حوار تستوجب قناعة عميقة ونيّة صادقة، والحوار يعني التلاقي والتعرّف إلى الآخر المختلف والتفاعل معه، وبالتّالي فالتقارب يؤدّي إلى بناء الحوار الّذي من شأنه أن يؤسّس لبناء علاقات تساهم في إرساء الإستقرار في مجتمعاتنا المتنوّعة.

أمّا التحدّيات الّتي تواجه عالم اليوم في عمليّة الحوار بين الديانات والثقافات، فهي كثيرة، منها ما يتعلّق بنشر ثقافة العنف والتعصّب الديني، وممارسة الإرهاب والتشجيع عليه، ومنها ما يتعلّق بإستغلال المجتمعات الفقيرة والطبقات الإجتماعيّة المعدومة، لرزع التفرقة بين شعوبها.

من هنا، فإنّ المحور الأساسي الّذي يجب أن نعمل عليه من أجل تشجيع عمليّة الحوار والسلم الأهلي، هو تعزيز ثقافة اللقاء، اللقاء مع الآخر، فكيف لي أن أحاور وأنا لا ألتقي به؟ وثقافة اللقاء هذه تفترض الإنفتاح على الآخرين، والثقة بهم، وقبولهم واحترام معتقداتهم وعاداتهم وتقاليدهم، والتفتيش عمّا هو مشترك معهم، فيأتي إذّاك اللقاء بهم مثمراً وبنّاءً.

اضاف: إنّ عمليّة اللقاء والتواصل مع الآخرين، أصبحت اليوم عمليّة سهلة المنال من خلال شبكات التواصل الإجتماعي الّتي تشكّل ثورةً تقنيّةً، تقرّب المسافات بين الشعوب، وتجعل من عالم اليوم قريةً كونيّةً صغيرة، يجتمع في ساحتها كل شعوب الأرض، وعليه، يجب الإفادة من هذه الوسائل لنجعل منها منبراً للحوار بين الشباب ومكاناً للتلاقي في ساحاتها، حيث تبنى جسور الإلفة والمحبّة والإحترام والدّفع قدماً في سبيل تعزيز الكرامة الإنسانيّة.

لكن للأسف الشديد، هناك من يستعمل هذه الوسائل لنشر بذور الفتنة والتفرقة والتعصّب، وفي بعض الأحيان التحريض على الإرهاب، وهذا ما يشكّل تحدّياً كبيراً لعمليّة الحوار والسلم الأهلي ويجب علينا جميعاً مكافحته ومحاربته بشتّى الطرق.

اضاف: إنّ عمليّة تعزيز الحوار وإستثماره في بناء ثقافة السلام يجب برأيي أن تنطلق من خلال شباب اليوم، وإنطلاقاً منهم إلى كل العالم، فإنّ دور الشباب مهم في عمليّة الحوار، ويسهم إسهاماً قوياً في نشر ثقافة اللقاء والحوار والسلام، فالشباب ثروة وثورة في آن، وطاقة منفتحة على كل الخيارات الإيجابيّة الّتي من شأنها أن تعزّز عمليّة التلاقي والسلم الأهلي.

إنّ لبنان الرسالة، كما سمّاه البابا القدّيس يوحنّا بولس الثّاني، يخوض تجربة الحوار والتلاقي منذ زمن بعيد، لا بل يعيش تجربة الوحدة في التنوّع، فعلينا جميعاً أن نسعى من خلال هذا المؤتمر إلى مزيد من التعارف والتلاقي، ونؤسّس لعلاقات متينة بين شبابنا، فهم المستقبل وأمل الغد، ومداميك الحوار وبناة السلام.

ثم ألقى مدير جامعة آزاد الاسلامية في النبطية الشيخ محمد سبيتي كلمة اعتبر فيها ان الانسانية والدين توأمان لم يأتي زمان استغنى فيه الانسان عن الدين، روح الله المملوء بالمحبة وحبيب الله المبعوث بالرحمة ومن يحب لابد أن يرحم، إذ أن دليل الحب صدور الرحمة. فالرحمة أصلها الحب وهو نتاجها وإن مفهوم الدين ومصدره ومبادئه واحد إلا ان تشريعاته متعددة باختلاف البيئة وظروف الزمان. وهذا ما يدعونا للعمل على النظرة التوحيدية للدين ولله، لا التقارب بين الأديان إذ أننا لا نرى أدياناً متعددة تصدر عن اله واحد واذا كان تقارب الاديان ينتج تعايشاً اجتماعياً في مكان ما فإن توحيد الأديان ينتج إندماجاً روحيا سامياً وسلاماً روحياً ويولد عالماً لا إقصاء، ولا تكفير ولا أثنية.

ثم كانت مداخلة لرئيس الكنيسة اللوثرية في كوبنهاغن القس نالس فيلد وإمام مسجد السلام في كوبنهاغن خالد علوان حول تجربتهما في العيش المسيحي الإسلامي في الدانمارك حيث اعتبرا ان الحوار ليس دائما سهلا بل الاهم الارادة للحوار وللتحدث عن الامور الصعبة والاختلافات، ومشيرين الى ان التحديات التي نواجهها هي للجهل، جهل الآخر، جهل الغاية من هذا الحوار. ومن هنا شددا على فكرة الحوار لإزالة اي خلاف والوصول الى مساحة مشتركة بين الأديان.

وألقى الباحث الدكتور حسن موسى كلمة رأى فيها اننا في الجنوب عامة وفي اقليم التفاح خاصة نعيش الحوار والتواصل والتعاطف ونمارس العيش اليومي، ديناً وعبادة ووطنية وضرورات ونبالة.

وكانت كلمة لرئيس بلدية صربا المحامي إيلي الحلو إعتبر فيها أننا "لا نحتاج الى حوار فكل ما نحتاجه هو احترام ارادة الله بالتنوع فهو من خلق هذا الكون بمكوناته المختلفة، وهو من سمح بالتعدد بالاديان وبين البشر، فمن يحترم الله يحترم ارادته ويحترم حقوق الاخرين بالعيش والعقيدة والايمان. فمن نحن حتى ندين بعضنا البعض في ابسط حقوقنا التي نكتسبها بالولادة ومن الله الا وهي الحق بالحياة وحرية العقيدة والايمان تحت سقف القوانين والحقوق سواء الطبيعية او الوضعية اما الدينونة لجهة ما يخالف ارادة الله فتعود له وحده عملا بقول المسيح لا تدينوا لئلا تدانو، فالجميع متساوون واحرار امام الله، وهو مبدأ كل الاديان وافضل تعبير جاء لهذه الناحية ما اتى في رسالة الامام علي الى مالك الأشتر عن البشر بقوله فهو "اما اخ لك في الدين او نظير لك في الخلق"، والنظير يعني من ساواك وبالتالي فالخلق متساوون بفعل عمل الله في خليقته.

وكانت مداخلات لكل من إمام بلدة جباع سلمان دهيني والباحث علي جوني والناشط في مجال العلاقات بين الحضارات علي صعيد بريطانيا واوروبا جمال نظر وعميد كلية الشريعة في جامعة حلب الدكتور علي عكام والقس الاردني سامر عازر والصيدلانية السورية خانم ماراني والكاتبة الايرانية مريم دولابي وممثل مجلس علماء فلسطين في لبنان الشيخ محمد موعد. وشددوا جميعاً على ضرورة تواصل هكذا لقاءات وحوارات من أجل تعزيز السلم الأهلي والعيش المشترك الإسلامي المسيحي.
تم نسخ الرابط