خطبة الجمعة [الإمام زين العابدين (ع)] لفضيلة الشيخ علي ياسين العاملي

وإنّ غلاماً بين كسرى وهاشمٍ *** لأكرم من نيطت عليه التمائمُ
عاش مع جدّه أمير المؤمنين (ع) سنتين ، ثم عشر سنوات مدّة إمامة عمّه الإمام الحسن (ع) ، وبعدها إحدى عشرة سنة مدّة إمامة والده الإمام الحسين (ع) ، وانتقلت له الإمامة ساعة شهادة الإمام الحسين (ع) في العاشر من محرم سنة 61 للهجرة ، واستمرت إمامته 34 سنة ، وهي المدة التي عاشها بعد شهادة والده الإمام الحسين (ع) ، حيث انتقلت الإمامة من بعده لولده الإمام محمد الباقر (ع) ، الذي حضر كربلاء وعاش السبي برفقة والده وجميع النسوة والأطفال ، وقد كان له من العمر أربع سنوات ، وقد أبلغه الصحابي جابر بن عبد الله الأنصاري سلام رسول الله (ص) . ففي كتاب [ مطالب السؤول في مناقب آل الرسول (ص) ] صفحة 81 ؛ كتب محمد بن طلحة الشافعي : قال محمد بن أسلم المكي : كنا عند جابر ابن عبد الله فأتاه علي بن الحسين (ع) ومعه ابنه محمد (ع) وهو صبي، فقال علي (ع): قبل رأس عمك فدنا محمد (ع) من جابر فقبل رأسه، فقال جابر: من هذا؟ وكان قد كف بصره، فقال علي (ع): هذا ابني محمد فضمه جابر إليه، فقال: يا محمد يا محمد إن رسول الله (ص) يقرؤك السلام، فقالوا لجابر: كيف ذلك يا أبا عبد الله ؟ قال: كنت عند رسول الله (ص) والحسين (ع) في حجره يلاعبه، فقال: يا جابر يولد لابني هذا ابن يقال له علي (ع) إذا كان يوم القيامة نادى مناد ليقم سيد العابدين فيقوم علي بن الحسين (ع) ويولد لعلي بن الحسين (ع) ابن يقال له محمد، يا جابر إن رأيته فاقرأه مني السلام واعلم أن بقاءك بعد رؤيته يسيرا فلم يعش بعد ذلك جابر إلا يسيرا .
هو عند السنة والشيعة أفضل أهل زمانه ، يقول الزهري – وهو من معاصري الإمام (ع) – : ما رأيت قرشيّاً أفضل منه . وقال سعد بن المسيب : ما رأيت قط أفضل من علي بن الحسين . وعن الإمام مالك : أُسمي زين العابدين لكثرة عبادته . وقال الشافعي : إنه أفقه أهل المدينة . يذكر الذهبي في كتابه (سير أعلام النبلاء) عن الصحابي الجليل جابر بن عبد الله الأنصاري قال كنت جالساً عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) والحسين في حجره، وهو يداعبه، فقال (صلى الله عليه وآله) يا جابر يولد له مولود اسمه (علي) إذا كان يوم القيامة نادى مناد ليقم سيد العابدين، فيقوم ولده، ثم يولد له ولد اسمه محمد، فإن أدركته يا جابر فأقرئه مني السلام . ورواه ابن كثير في البداية والنهاية .ويقول عنه الأصمعي : لم يكن للحسين بن علي عقب إلا من ابنه علي بن الحسين، ولم يكن لعلي ولد إلا من أم عبد الله بنت الحسن، وهي ابنة عمه ،قال سعيد بن عامر، عن جويرية بن أسماء: ما أكَل علي بن الحسين بقرابته من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم درهما قط. و قال يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق: كان ناس من أهل المدينة يعيشون لا يدرون من أين كان معاشهم، فلما مات على بن الحسين فقدوا ما كانوا يؤتون به بالليل. واشتهر علي بن الحسين زين العابدين (ع) بالورع والطاعة والتقوى وكان عابداً زاهداً وقد أوردت كتب الشيعة أدعيةً باسم الصحيفة السجادية لهذا الإمام مليئة بالأدعية الخاصة لله .
اهتم الإمام زين العابدين (ع) بنشر تعاليم الدين بقوله وفعله وبيّن مفاهيم الإسلام بالدعاء وكان يحسن للمسيئين ، فكان المسلمون يحترمونه ويقدّسونه ويهابونه ، وليست قصيدة الفرزدق إلاّ تعبير عن مقام الإمام (ع) وقد نظمها الفرزدق في أيام الحج . وللإمام زين العابدين (ع) آثار علمية كثيرة أهمها : الصحيفة السجادية التي فيها من المناجاة والأدعية والتذلّل لله سبحانه والحث على الطاعة وبر الوالدين وبيان كثير من الحقائق العلمية من خلال تسبيح الله سبحانه ، منها مناجاته (ع) : سبحان من يعلم وزن الغيمة والهواء ، سبحان من يعلم وزن الظلمة والنور . حقائق علمية لم يدركها العلماء إلا في العصور المتأخرة ، حيث أدركوا بعد اختبارات كثيرة أن هنا وزن للظل ووزن للظلام ، لكن الإمام (ع) أعلنها لأنه العالم بكل شيء ، وهذا من أوضح الأدلة على أنهم هم – لا غيرهم – خلفاء الله على الأرض وهم الحجج المفروضة طاعتهم .وكذلك رسالته المعروفة بـ ( رسالة الحقوق ) التي يذكر فيها الإمام حق الله سبحانه على الإنسان وحقوق نفس الإنسان ، حتى أنه يُبيّن حقوق أعضاء الإنسان من يدٍ ولسان وعين وأذن ، وحق العبادات وحق العالم وحق طالب العلم وحق الحاكم وحق الرعية .
لقد عمل الإمام زين العابدين (ع) على إظهار مظلومية أهل البيت (ع) وتعريف الناس بهم ، ومواجهة العقائد الفاسدة والمنحرفة – كعقيدة الجبر ،ومسألة التجسيم والتشبيه - ، التي عمل أعداء الإسلام على إدخالها في أذهان العامة ، لجرهم إلى الصنمية وإبعادهم عن المعارف الحقة بتمويه وتشويه وتحريف النصوص التي تتحدّث عن الأعضاء ونسبتها إلى الله جلّ شأنه ، كاليد والعين ، وكانوا علماء البلاط ووعاظ السلاطين يذكرون ذلك في حلقات دروسهم حتى مسجد النبي (ص) ، فكان الإمام زين العابدين (ع) يردّعليهم ويفضح أكاذيبهم .فقد جاء في الحديث أن الإمام زين العابدين (ع) كان في مسجد الرسول (ص) ذات يوم ، إذ سمع قوما يشبّهون الله بخلقه ، ففزع لذلك ، وارتاع له ، ونهض حتى أتى قبر رسول الله (ص) ، فوقف عنده ، ورفع صوته يدعو ربّه ، قائلاً في دعائه : إلهي بدت قدرتك ، ولم تبد هيبة جلالك ، فجهلوك ، وقدّروك بالتقدير على غير ما أنت به مشبّهوك. أنا بريء ـ يا الهي ـ من الذين بالتشبيه طلبوك ، ليس كمثلك شيء ـ يا إلهي ـ ولن يدركوك. فظاهر ما بهم من نعمة دليلهم عليك ، لو عرفوك. وفي خلقك ـ يا إلهي ـ مندوحة عن أن يتأوّلوك. بل ساووك بخلقك ، فمن ثمّ لم يعرفوك. واتخذوا بعض آياتك ربّا ، فبذلك وصفوك. فتعاليت ـ يا إلهي ـ عمّا به المشبّهون نعتوك . فعل الإمام (ع) ذلك ليجلب انتباه من كانوا في المسجد النبوي ، وليعلن استنكاره تجرّؤ أولئك القوم على الإجهار بإلحادهم وكفرهم ، الذين ما كانوا ليتجرّؤا على ذلك لولا دعم السلطة وحمايتها لهم فعلاً ، فكان لا بدّ للإمام زين العابدين (ع) أن يتصدّى لهذه الأفكار الباطلة .
ومن أقواله (ع) لإصلاح المجتمع : مِن حُسن خُلق الرجل كَفُّ أذَاه ، ومن كرمه بِرُّه لِمَن يهواه ، و من صبره قِلَّة شَكواه ، و من نُصحِهِ نَهْيِهِ عما لا يرضاه ، و من رِفقِ الرجل بأخيه ترك توبيخِهِ بِحَضرَةِ مَن يَكرَهُ ، و مِن صِدق صُحبَتِهِ إسقاطُه المُؤنَة ، و مِن علامة مَحبَّتِهِ كِثرةُ المُوافَقة وَ قِلَّة المُخَالفة . ومن أقواله (ع) : إِنَّ للهِ عِباداً يخصُّهُم بدوام النِّعَم ، فلا تزالُ فِيهم ما بَذلوا لَهَا ، فإذَا مَنعُوهَا نَزَعَهَا عنهم ، وَ حَوَّلَهَا إِلى غَيرهم . وقال (ع) : التارك للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كالنابذ كتاب الله وراء ظهره إلا أن يتقي منهم تقاه . وقال رجلٌ بحضرة الإمام زين العابدين (ع) : اللهمّ اغنني عن خلقك . فقال (ع) : ليس هكذا ؛ إنما الناس بالناس ، ولكن قُل : اللهمّ اغنني عن شرار خلقك .
استشهد في 25 محرم سنة 94 هـ في أيام حكم الوليد بن عبد الملك الأموي ، كانت مدّة إمامته 35 سنة ، عاصر خلالها من حكّام بني أمية : يزيد بن معاوية ومروان بن الحكم وعبد الملك بن مروان والوليد بن عبد الملك .وكان له من الأولاد عشرة ذكور وخمس إناث .
إنّ الكثيرين لا يعرفون من حياة الإمام السجاد إلاّ الجانب المأساوي ، وأن حكمة الله سبحانه اقتضت أن يكون مريضاً في العاشر من المحرم فلا يبرز للقتال فيُقتل ، وتخلو الأرض من حجة آل محمد (ص) ، فالنبي (ص) قال : لا تخلو الأرض من قائمٍ لله بحجة إما ظاهراً مشهوراً أو خائفاً مستوراً . لذا ينبغي الحديث عن جوانب من حياة الإمام زين العابدين (ع) غير الجانب المأساوي ، كالحديث عن أخلاقه وكرمه وعلمه وعبادته ، عن حياته التي تحاكي حياة جدّه النبي (ص) والأوصياء (ع) من بعده في الشجاعة والكرم والأخلاق .
لقد شهد واقعة الطف بكل تفاصيلها وكان عليلاً ، وقد حضر بعض القتال كما يروي البعض ، لكن الله سبحانه دفع عنه القتل وأخذ أسيراً مع النساء والأطفال ، يذكر اليعقوبي في الجزء 2 من تاريخه ما نصه : فروي عن علي بن الحسين أنه قال: إني لجالس في العشية التي قتل أبي الحسين ابن علي في صبيحتها، وعمتي زينب تمرضني، إذ دخل أبي، وهو يقول:
يا دهر أف لك من خليل ... كم لك في الإشراق والأصيل
من طالب وصاحب قتيل ... والدهر لا يقنع بالبديل
وإنما الأمر إلى الجليل ... وكل حي سألك السبيل
ففهمت ما قال: وعرفت ما أراد، وخنقتني عبرتي، ورددت دمعي، وعرفت أن البلاء قد نزل بنا، فأما عمتي زينب، فإنها لما سمعت ما سمعت، والنساء من شأنهن الرقة والجزع، لم تملك إن وثبت تجر ثوبها حاسرة، وهي تقول: ووا ثكلاه! ليت الموت أعدمني الحياة اليوم! ماتت فاطمة وعلي والحسن بن علي أخي، فنظر إليها فردد غصته، ثم قال: يا أختي اتقي الله، فإن الموت نازل لا محالة! فلطمت وجهها، وشقت جيبها، وخرت مغشياً عليها، وصاحت: واويلاه! وواثكلاه! فتقدم إليها، فصب على وجهها الماء، وقال لها: يا أختاه، تعزي بعزاء الله، فإن لي ولكل مسلم أسوة برسول الله، ثم قال: إني أقسم عليك، فأبرى قسمي، لا تشقي علي جيبا ولا تخمشي علي وجها، ولا تدعي علي بالويل والثبور، ثم جاء بها حتى أجلسها عندي، فإني لمريض مدنف، وخرج إلى أصحابه. ثم يروي ما شهده في كربلاء وما سمعه وكانت آخر مشاهد كربلاء حرق الخيام وسبي النساء ، كل ذلك طوى عليه قلبه وضلوعه اختزنه وبيّنه ، إذ لم يتسنّ له أن يبذل مهجته ، حمل كل تلك المشاهد ليصير الناطق الرسمي بما شاهده واطلع عليه والمنتدب لاتمام المهمة التي استشهد من أجلها أبوه (ع) والتي بدأت بعد شهادة الحسين (ع) مباشرة ، فكان هو (ع) وعمته السيدة زينب (ع) المكملان لأهداف ثورة الحسين (ع) ، فكان وجوده (ع) مبعث اطمئنان للنساء والأطفال .
وفي أول مراحل السبي إلى الكوفة ؛ يؤكّد الإمام زين العابدين (ع) ردّاً على ابن زياد بأن علي الأكبر قد قتله الله ؛ قال له الإمام زين العابدين (ع) : بل قتله الناس . وثنى الرد عليه من دون الالتفات إلى أنه أسير وأن ابن زياد ظالمٌ ويبطش ، قال : " اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا " ... "وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله " . بعد أن كانت عمته الحوراء (ع) قد وقفت في وجه ابن زياد الذي قال لها بعد أن عرفها : الحمد لله الذي فضحكم وقتلكم وأكذب أحدوثتكم . فقالت زينب(عليها السلام): الحمد لله الذي أكرمنا بنبيه محمد(صلى الله عليه وآله) وطهرنا من الرجس تطهيرا، وإنما يفتضح الفاسق ويكذب الفاجر، وهو غيرنا يابن مرجانة ... ومنعته من قتل الإمام زين العابدين حينما أمر بذلك قائلة له : يا ابن زياد حسبك منا ما أخذت ، أما رويت من دمائنا ؟ وهل أبقيت منّا أحداً ، أسألك الله إن كنت مؤمناً إن قتلته فاقتلني معه .
وأكملا دورهما الإعلامي الذي فضح المخطط الأموي الذين أراد أن يصور أنّ هؤلاء سبايا وخوارج ، فيقف الإمام زين العابدين (ع) مسفّهاً الدعوة الأموية التي حاولت تشويه نهضة الإمام الحسين (ع) وتزييف أهدافها ، فقال خطبته المشهورة والتي بدأها بقوله : يا معشر الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا أعرفه بنفسي ... ولم ينهِ خطابه حتى كاد المجلس أن ينقلب على يزيد الذي قطع كلام الإمام (ع) بطلب من المؤذّن أن يؤذّن ولم يكن قد حان وقت الصلاة ، فأصبح الإمام بهذه الخطبة الموجزة الرمز الذي يقود مسيرة إحياء هذا الدين الذي شوّهته السلطة الأموية ، وبدأ الناس يتلاومون ويترك يزيد المجلس ، ويتقدم من الإمام بعض من حضر المجلس ويسأله : كيف أمسيت يابن رسول الله ؟ فيجيبه بقوله : ويحك كيف أمسيت ؟ أمسينا فيكم كهيئة بني إسرائيل في آل فرعون يذبحون أبناءهم ويستحيون نساءهم ، وأمست العرب تفتخر على العجم بأن محمدا منها ، وأمسى آل محمد مقهورين مخذولين فإلى الله نشكو كثرة عدونا ، وتفرق ذات بيننا ، وتظاهر الأعداء علينا .
لقد بيّن الإمام زين العابدين (ع) للسواد الأعظم من الأمة التي غلب عليها الجهل ؛ أنّ شهادة الإمام الحسين (ع) كانت من أجلهم ومن أجل الإسلام . يقول الشيخ باقر القرشي (رض) في حديثه عن الإمام زين العابدين (ع) : لقد قام هذا الإمام العظيم ببلورة الفكر العام، وإزاحة التخدير الاجتماعي الذي مُنيت به الأمة أيام الحكم الأموي الأسود الذي عمد إلى شل الحركة الثورية في الإسلام، فأحال حياة المسلمين إلى اشلاء مبعثرة ما بها من حياة وإحساس لقد وضع هذا الإمام العبوات الناسفة في أروقة السياسة الأموية ففجرت نصرهم المزعوم، ونسفت معالم زهوهم وجبروتهم، وأعادت للإسلام حياته ونضارته... لقد حقق الإمام (ع) هذه الانتصارات الباهرة بخطبه الحماسية الرائعة التي ألقاها على الجماهير الحاشدة في الكوفة، وفي دمشق، وفي يثرب، والتي كان لها الأثر البالغ في إيقاظ الأمة وتحريرها من عوامل الخوف والإرهاب .
وعاد إلى المدينة وهو في حال الحزن الشديد ومظهراً الأسى العميق ، تحدّث عن انتصار الحسين (ع) في كربلاء ، يروي الشيخ الطوسي في كتابه الأمالي : عن الإمام الصادق (ع) أنه قال : لما قدم علي بن الحسين (ع) و قد قتل الحسين بن علي (ع) استقبله ابراهيم بن طلحة بن عبيدالله ، و قال: يا علي بن الحيسن، من غلب؟ و هو مغطي رأسه، و هو في المحمل. قال: فقال له علي بن الحسين: اذا أردت أن تعلم من غلب، و دخل وقت الصلاة، فأذن ثم أقم ...
وأيام إقامة الإمام زين العابدين (ع) في المدينة لم يترك مناسبة إلاّ وبيّن للناس مظلومية والده الحسين (ع) ، هذه المظلومية التي لم تمنعه من ممارسة دوره بتعليم الأمة وتوجيهها وإعانة من يحتاج إلى المعونة حتى ولو كان من أعدائه ، حيث حمى نساء الأمويين من غضب أهل المدينة في واقعة الحرة . مروان بن الحكم الذي كان قد أشار على والي المدينة أن يحبس الإمام الحسين (ع) أو يقتله إن لم يبايع يزيد ، فهذا مروان نفسه طلب من عبد الله بن عمر أن يستضيف نساء بني أمية ويحميهم فرفض ، فأتى مروان إلى الإمام زين العابدين (ع) فما كان من الإمام إلاّ أن يستضيفهن في بيته ويحميهن ويحسن إليهن . وروي عنه (ع) أنه كان يقول : إن بين الليل والنهار روضة يرتع في رياضها الأبرار ويتنعم في حدائقها المتقون فادأبوا رحمكم الله في سهر هذا الليل بتلاوة القرآن في صدره وبالتضرع والاستغفار في آخره وإذا ورد النهار فأحسنوا قِراهُ بترك التعرض لما يرد لكم من محقرات الذنوب فإنها مشرفة بكم على قباح العيوب وكأن الرحلة قد أظلتكم وكأن الحادي قد حدا بكم جعلنا وإياكم من أغبطه فهمه ونفعه علمه .وكان (ع) يقول : لو مات مَنْ بين المشرق والمغرب لما استوحشت بعد أن يكون القرآن معي .يروى في بحار الأنوار وفي علل الشرائع أن أحدهم أخذ من الإمام زين العابدين (ع) بعض حقوقه بغير حق ، فقال له بعضهم : لو سألت الوليد أن يرد عليك حقك ؟ فقال (ع) : ويحك أفي حرم الله عز وجل أسأل غير الله ؟ إنّي آنف أن أسأل الدنيا من خالقها فكيف أسألها مخلوقاً مثلي ؟ وكان (ع) يقول لابنه محمد (ع) : افعل الخير إلى كل من طلبه منك ، فإن كان أهله فقد أصبت موضعه وإن لم يكن أهله كنت أنت أهله ، وإن شتمك رجل عن يمينك ثم تحول إلى يسارك واعتذر إليك فاقبل عذره .
إننا نشيد بموقف رئيس الجمهورية في الجمعية العمومية في الأمم المتحدة، والذي يعكس التاكيد على الثلاثية الماسية (جيش شعب مقاومة) وذلك بدعوته وإصراره على الدفاع عن لبنان بكل الوسائل بوجه الاعتداءات الصهيونية.
إن وحدة الموقف اللبناني هو السلاح الأمضى في حفظ الوطن والمواطنين، ونطالب بعض الفرقاء بوعي دقة المرحلة التي تشهدها المنطقة هذه الأيام، إن حالة الفلتان المالي القائمة هذه الأيام والتلاعب بسعر العملات الأجنبية مقابل العملة الوطنية من شأنه أن يزيد هموم المواطنين، ويؤدي لعدم الاستقرار الاقتصادي على كافة الصعد، ونحذر من ثورة جياع تأكل أخضر الفاسدين ويابسهم، الذين يتاجرون بالوطن والمواطنين.
إن التلاعب بسوق المحروقات والهاتف والقمح يهدد بإشعال الاوضاع ونزول الناس للشارع للحفاظ على لقمة عيشهم، ويعيد إلى الذاكرة ما جرى في أيار ١٩٩٢.
ونختم بالتنديد بمواقف بعض القوى العربية التي تستجدي تدخلات أجنبية في المنطقة مع ما يعنيه ذلك من ضرب الاستقرار في المنطقة ولن يكون أولئك بمنأى عنه.