أين أصبحت قضيّة العميل الفاخوري؟

هكذا، كان يمكن إطلاق سراح الفاخوري لولا أن تفطّن المحامي معن الأسعد، وكيل أسرى محرّرين، إلى أن الفاخوري ينطبق عليه فعل الإخفاء القسري وحجز الحريّة بحقّ الأسير في معتقل الخيام، علي حمزة، الذي لا يُعرف مصيره إلى اليوم. تقدّم بأوراقه هذه، المدعّمة بالشهادات (والشهود الذين استمعت إليهم القاضية)، فأحكم بذلك الطوق القانوني حول عنق الفاخوري. يُسجّل هذا للمحامي الأسعد، في بلاد يضطر فيها أحدنا إلى اجتراح العجائب القانونيّة للتمكن مِن توقيف عميل، وأيّ عميل، هو أحد أبرز جزّاري معتقل الخيام. الأسير حمزة، الذي اعتقل في ثمانينيات القرن الماضي، لا يزال اسمه مدرجاً في القيود اللبنانيّة أنّه على قيد الحياة. مَن يقول إنّه قتل، جازماً، لا يمكنه أن يجزم بمكان جثّته. أما الشهادات على أنّه يمكن أن يكون حيّاً، إلى اليوم، فهي قويّة ومدعّمة بالمعنى القانوني. الفاخوري هو من أمر بتعذيبه على عمود الكهربا، معلّقاً، وهو من أمر بإنزاله عن العمود بعد التعذيب (إضافة إلى شتمه في تلك اللحظة). آنذاك، سمع بعض الأسرى حمزة يتكلّم، كان يذكر أولاده، أيّ إنّه كان حيّاً، قبل أن يُنقل بواسطة سيّارة إلى خارج المعتقل. ظلّ اسمه يُردّد في تعداد المعتقلين، بحسب الشهود، إلى حين تحرير جنوب لبنان وخلع أبواب المعتقل وتحرير من بداخله عام 2000. هذا السرّ يعرفه الفاخوري. عليه أن يعترف ويدلي بما لديه، وعلى القضاء أن يتعامل معه كخاطف، كآمر في معتقل أخفى مصير رجل لا يزال أبناؤه إلى اليوم يطالبون بمعرفة مصير والدهم.
إلى ذلك، تُقيم هيئة ممثلي الأسرى المحررين اعتصاماً، اليوم، تحت عنوان «الإعدام لجزّاري معتقل الخيام». الاعتصام يأتي «رفضاً لعودة جزّار معتقل الخيام، عامر إلياس الفاخوري، ورفضاً لإسقاط الحكم الصادر بحقّه بحجّة تقادم الزمن. العمالة والخيانة العظمى لا تسقطان بتقادم الزمن بل تبقيان وصمة عار على جبين مرتكبيها ومن يدافع عنهم». اليوم عند الساعة الرابعة عصراً، في وسط بيروت، سيحضر عدد مِن الأسرى المحررين ليحكوا تجاربهم أمام الجميع. يتمنون حضور عدد كبير من المتضامنين لمساندتهم في قضيتهم، التي هي قضية سواهم أيضاً، إذ لا تنحصر بهم... وإن كانوا هم الأكثر ألماً، الذين أعادت عودة الفاخوري إلى لبنان فتح جراحهم، التي بالكاد كانت بدأت تلتئم.