الأربعاء 02 تموز 2025 الموافق 07 محرم 1447
آخر الأخبار

التدبّر قبل العمل يُؤْمِنك من الندم - بقلم قنصل بيلاروسيا السابق الحاج علي عجمي

ياصور
يا سادتي ماذا زرعنا غير المقاومة والإيثار والتضحية كي نحصد غير النصر؟!

نحن شعب عشنا سنواتنا نتأرجح بين الحروب الساخنة وما بين الحروب الباردة ولم نتأفّف يوماً لأننا شعب شجاع، مقدام، جريء ومضحي قدّمنا الدماء ولم نتوانَ قيد أنملة.

نحن لم نؤمن إلا بالوطن الحر والعزيز في حين كانت تدار الصفقات والمؤامرات لهدم القوى الإقتصادية والمالية والإجتماعية لإفلاسنا وتجويعنا من خلال تعيين عملاء في مراكز القرار الحساسة وفي مصارفنا -عصب الأوطان - من وراء ظهورنا لكي تدخل السوسة إلينا في غفلة منا.

ونحن كنّا في ميادين الجهاد و الكفاح نحارب الشيطان على البقاء.

نحن شعبٌ حُرِمنا من كل البنى التحتية المنيعة، فكان صرفنا الصحي مثقوباً فغدا جداولا تلتهمها البحور. كنّا نجاور جبال النفايات حتى تأكلنا وتخنقنا وتجتاح أبداننا الأوبئة حتى تفنينا أباً عن جد دون أن يحمينا مسؤولا.

في بلد الماء حرمنا من المياه، حتى أنهارنا دفعنا الدماء لكي لا تدنسها يد العدو ولكن تركناها تُدنّس بالإهمال والزبائنية لأجل فلان البيك وصديق علتان في مؤامرة على سلامة حيواتنا.

هل يستطيع ان يخبرنا أحد لماذا نحن لا نملك أقل مقومات الحياة الذي يستحقها أي مواطن عادي في لعبة انتهجوها آساقفة المعابد فوجدنا أنفسنا ننزلق في الطائفية وندافع عنها بالروح والدم دونما أن ترفعنا الوطنية لتكون سفينة نجاتنا.

لماذا لم نملك المصانع؟!نحن الشعب الذي احتفى بنا الكون ومسحوا بنا الأرض في أوطاننا؟

لماذا لم ندعم المستثمرون ككل الدول ؟! وأغلقنا أبواب فرص العمل أمام مواطنينا؟ ولماذا المستثم لا يجد في لبنان أرض خصبة للإستثمار إلا إذا فتح كفه للساسة وأزلامها التي لا تشبع؟ نجد ثمن الإستثمار يبدأ بخوّة أول الطريق ثم بضرائب عالية وجمارك مرتفعة ومتطلبات جمّة ورشاوي تنهك كاهل المستثمر التي لا تبيح بإنتاج سلع مقبولة السعر في مجتمع جائع فيكون الفشل حليف مشاريعه من قبل القيام بها لأن عدوّنا لطالما كان يسرح ويمرح في الداخل ويحمي اللا شرعيين الذين لا يُطالبون بأي ضرائب ورسوم في حين أنهم غير مستوفون لأقل المقوّمات والمواصفات والشروط المطلوبة في أشغالهم وكان الشعب مشغولا بحماية ظهره من الشيطان الأكبر في الخارج الذي كان يخترق كل القوانين الدولية ويرهب أهلنا ليلا نهارا دون حسيب أو رقيب.

كان لزاماً في وطن أطباؤه في كل العالم يختلقون حلولا للأمراض المزمنة المستعصية أن تموت أطفاله على أبواب المستشفيات.

في وطن الحب يخاف المرء أن يشيخ كي لا يهان فلا من يضمن شيخوخته ولا من يحترم سنين شقاءه وغصباً عنه يشيخ قبل أوانه.

هل يخبرنا أحد لماذا طرقاتنا تعاندنا مثل كل شيء في هذا الوطن من المسير والوصول بينما سكك الحديد والقطارات التي أكلها الزمن ولولا أنها مازالت تجني عرق الناس ومدخراتها بالسر لكانت نسيا منسيا؟!

لقد أُخِذ قرار أن لا يهنأ الشعب اللبناني بالنور على مدار يومه ولا يتعلّم في مدارس جيدة تتابعها الرقابات التربوية بشكل مهني سليم من قبل تربويين كفوئين بامتياز ولا في جامعات حكومية ذات جودة.

كان لزاماً أن تدس الحشيشة وشاكلاتها في جيوب ودماء وأحزان شبابنا كي يدمنوا على المسكّنات ومخرّبات العقل لكي يخرجوا من منظومة الوعي ويغدو أسرى المروّجين والفاسدين.

كان لزاماً أن يسحقوا نفوسنا وطاقاتنا حينما يصبح الفرد منا جاهزاً مستحقاً لنيل مركزا أو وظيفة فيجد أنّ من لا يملك ربع مقوِّماته يستولي عليها لأن في جعبته ما هو أرقى من العلم والخبرة ، في جعبته وساطة الزعيم بينما الكفوء ينأى بنفسه ويأسه إما للهجرة أو لتكبير هوة البطالة.

كان لزاماً أن تتفرّق الأسر وتهاجر وخاصة ذوو الكفاءات والخبرات لأن وجودهم يشكل خطرا على الوعي العام ، كان لزاماً أن تكون العدالة بيد أمراء المناطق لكي تكتمل أداء المناسك ويتقبّل العبيد تقديم التضحيات والأضاحي بكل سرور.

حتى رغيف الخبز كان متعلّقا ببورصة الرضا، ما دام آداؤنا سيئاً نموت جوعاً عند أقدام السنابل.

لأننا تعودنا الصبر ومنسوب حبنا للوطن كان عاليا فما استطاع علينا العدو يوماً نصرا فكان القرار جلياً أن شدّوا وثاق المشنقة على الرقاب كي يصرخوا. ودعوهم يسألوا لما سُكِتَ عن الفساد والنهب والنصب؟!

دعوهم ينتفضوا من أجل لقمة العيش لماذا أوصلتم الشعب إلى الجوع؟! لماذا استزلمتمونا عصورا وآثرتم على كرامتنا الذلّ نحن الذين تعوّدنا العز وكان شعارنا على مر السنين "هيهات منا الذلة".

واليوم تحقق المراد وقد انتفض الشعب ضد الفساد وضغطوا على كل الحكومات التي شاركت في اذلالهم "أن حان وقت الحساب و الإصلاح وسحق الفساد من بؤرة أبيه، هذه الإنتفاضة ستكون مدخلا لمحاربة منظومة المؤامرة لا شك. ولكن يأتي السؤال :الشارع إلى أين اليوم ؟!

ما بين ما أراده الغرب لنا وهَيّأ له منذ سنين وسيسعى اليوم بكل ما أوتي من قوة وامكانات ضخمة لحصاد الثورة وما بين ما يريده عَصب الحراك الحقيقي والذي يمثّل شريحة كبيرة من هذا الشعب الطيب، مَن يحمي الثورة من انحراف المسار وتضييع الأهداف؟! هل إسقاط النظام بكامله يحمي الشعب من منظومة الفساد أم أن هناك ثلة من المنظومة ولو قليلة أفنت سنواتها في سبيل زرع زهرة الحرية في حقول الوطن تستحق أن تُنحّى جانباً وتحتضن لحاجتنا الملحة لها ولا يستفيد من انهيارها إلا أعداء الكرامة في الداخل والخارج ؟!

أَجِد اليوم من المهم التمسّك بثوابتنا والحذر في رسم خارطة الطريق ف
"التدبّر قبل العمل يُؤْمِنك من الندم" وحمى الله شعبنا ولبناننا من كل الفتن والمحن المتربّصة بِنَا.
تم نسخ الرابط