الجمعة 11 تموز 2025 الموافق 16 محرم 1447
آخر الأخبار

لماذا ، مش 'كلن' ؟ ................. بقلم الاستاذ غازي بنجك ( ناشط حقوقي )

ياصور
... وٌلِدَ هذا الطفل في السنة الستين من القرن الماضي ، و نشأ و ترعرع في حَيٍّ شعبي يسكنه خليط من البشر ، من مختلف الدِيانات ، يجْمَعُ بينهم الفقر و الحرمان ، والشقاء ، و التعب في سبيل تحصيل لقمة العيش ، و كان هذا الطفل ، يرافق والده الفقير و الطيِّب في الحواري وهو يجر امامه عربة ، يبيع عليها الخضار لتحصيل قوت عياله ، و يساعده ولده البكر في بعض مايمكن ان يتحمله جسمه الصغير و الغض ، و كان أبوه يعطيه في نهاية كل اسبوع في نهاية الستينات من القرن المنصرم مبلغ (نصف ليرة لبنانية) ، أي خمسين قرشاً ، و لم يكن هذا الطفل يأخذها ليشتري بها لعبة يلهو بها كما يفعل الكثير من ألأطفال ، و لا حتى ليشتري الحلوى كما يحلم طفل في سنه ، أو حتى ليدَّخِرها في "قجة" او حصَّالة نقود ، كما يفعل الأغلب من اترابه .
بل كان هذا الطفل يقوم بتجزئة ال خمسين قرشاً إلى عشر فرنكات (الفرنك الواحد يساوي خمسة قروش) و يقوم بتوزيعها كصدقات على عشرة من فقراء بيئته ، لعله يسهم بكامل ماله وزيادة على الحق المعلوم من ما فرضه الله على عباده من المقتدرين والميسورين في إنفاق الحق المعلوم من اموالهم ، للسائل و المحروم ، كل ذلك و هو في عمر لم يبلغ بعد سن تكليفه الشرعي !
وكَبُرَ هذا الطفل و سار على نهج المؤمنين و الأولياء من عباده الصالحين ، لا يهمه إلا مرضاة ربه ، دون العِبادْ .
و كبر هذا الطفل وأصبح شاباً و مسؤولا ً ، وجَرَتْ الملايين و المليارات من بين يديه ، فلم تغرَّه الإغراءآت و لا مباهج الحياة و مفاتنها و بهرجها ، ولا الدور ولا القصور ، ولا الاملاك والاطيان .
... كل مطمعه و حلمه في وطنه أن يضُمهُ مترين مربعين من تراب الأرض التي أحبها و ساهم مع الأحرار من كل اللبنانيين في تحريرها ، و ليقابل ربه بيدين نظيفتين من وسخ هذه الدنيا الزائلة ، تماما كما منحت هذه الأرض الطيبة مترين مربعين ، مرقداً و قبراً لجثمان ولده الشهيد .
أليس من الظلم ياأهلنا و شعبنا أن نُصِرَ على كلمة "كلن" !
تم نسخ الرابط