السبت 05 تموز 2025 الموافق 10 محرم 1447
عاجل
آخر الأخبار

لماذا ينقسم النظام بين مؤيّد ومعارض للمتظاهرين؟ إطلاق نار على متظاهرين وبناء جدران... والحراك يلامس بعبدا

ياصور
للحراك الشعبي هوية مفترضة يقول الناشطون إنها تتعلق باستعادة الدولة الحقيقية. المشترك الوحيد الفعلي بين كل من يصرخون في الساحات اليوم هو المطالبة بإسقاط رموز السلطات الحاكمة في لبنان جميعاً. ويجتهد الحقيقيون منهم، وحتى المزوّرون، بالتأكيد أن لا وجود لأجندات أخرى غير المطالبة بتغيير حقيقي في بنى السلطة أو حتى النظام. ولكن، لدى التدقيق، يمكن التمييز بين مطالب ذات طابع فئوي، وأخرى لمجموعات تطالب بإنتاج آليات جديدة لقيام سلطة تمنع القهر بكل أشكاله السياسية والاجتماعية والإنسانية. أما ما يصرخ به الجمهور لجهة عدم الحاجة إلى قيادة أو ناطقين أو ممثلين يفاوضون باسمهم، فلا يعبّر بدقة عمّن يمكن تسميتهم بـ«الوجوه المعبّرة» عن تطلعات قسم كبير من المشاركين في الاحتجاجات. وهؤلاء يسردون وقائع كثيرة تراكمت حتى لامست حدّ الانفجار الكبير، قبل أن يصمتوا عندما يُسألون: كيف يتم التغيير السلمي؟ وعبر مَن؟ وبواسطة مَن؟
لنعد إلى البداية.
لا يحتاج عاقل في لبنان إلى معرفة طبيعة الانقسام القائم حول آلية إدارة الدولة. وهو انقسام له خلفية طائفية ومذهبية ومصلحية. وقد أدت التسويات بين أركان القوى النافذة إلى تعميق الخلل على صعيد البنية الإجمالية للنظام، ما جعله مُنهَكاً حتى وصلنا إلى مرحلة الموت. وهذه الحقيقة التي يعاند أركان الصيغة في رفضها. وبما أن الانهيار حاصل حتماً، فإن الغضب الشعبي الذي كان يقوم مرات بصورة قطاعية، تجمع هذه المرة على شكل احتجاج عام، شارك فيه قسم كبير من اللبنانيين، سواء من نزلوا إلى الشوارع أو الساحات أم من لازموا منازلهم. لكن الحقيقة الأكيدة أن اللبنانيين أعلنوا، هذه المرة، أن الصيغة القائمة سقطت. إلا أن أحداً لم يتحدث عن بديل جاذب لغالبية لبنانية جديدة تُتيح بناء الجديد.
لكن، ماذا عن التدخلات في الحراك القائم، قبل اندلاعه وبعده؟ وهل صرنا في وقت مسموح فيه السؤال عن بعض الأمور وعرض بعض التفاصيل التي تفيد في الإجابة عن أسئلة كثيرة حول هوية المستفيدين والمستغلّين؟ وكذلك حول قدرة أهل الحراك على حمايته من الخطف أو الأخذ صوب مواجهات تخدم أركان الصيغة الساقطة أو رعاتهم الخارجيّين؟ وطالما يصعب توقع تفاهمات وطنية كبيرة على صيغة جديدة قريباً، فإن البلاد أمام خيارين: إما ترميم الحكم الحالي في انتظار لحظة تغيير جذرية تحتاج إلى عناصر جديدة؛ وإما الاستمرار في حال الفراغ القائمة على صعيد الحكم، مع ما يصاحبها من مخاطر الفوضى وما هو أكثر (بالمناسبة، هل كنا نحن خلف الفوضى القائمة عندما حذّرنا منها باكراً؟).

عند هذه النقطة، يبدأ الانقسام الكبير في المقاربات مع من يعتقدون، واهمين، أن المسألة محلية مئة في المئة، ويتماهون مع شعراء الكبة النية والتبولة وفخر الصناعة اللبنانية والوحدة الوطنية وبقية الزجل السخيف!
لا بأس، هنا، من الحديث بصراحة عن التدخلات. داخلياً، هناك قوى وجهات مختلفة صاحبة مصلحة في استخدام الاحتجاج لإحداث تغييرات تصبّ في مصلحتها، أبرزها قوى 14 آذار التي خسرت الكثير منذ عام 2005. وهي لم تخسر محلياً فقط، بل خسرت كل عناصر الدعم النوعي في الإقليم والعالم، وتشعر بوهن كبير نتيجة التراجع الذي أصاب المحور الإقليمي - الدولي الذي تنتمي إليه. هذه القوى تريد نسف التسوية الرئاسية التي قامت في الأعوام القليلة الماضية، لكنها لا تريد نسف النظام لأنها، تاريخياً، من المستفيدين منه. وهذه حال وليد جنبلاط وسمير جعجع وفريقهما، كما هي حال قوى وشخصيات «خرجت من المولد بلا حمص» رغم انخراطها في الصراع الداخلي. ويضاف إلى هؤلاء خليط من الشخصيات التي يمكن أن تُطلق عليها تسميات كـ«التكنوقراط» و«الاختصاصيين» ممن ينتشرون في كل مفاصل لبنان تحت عناوين المنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني وتوابعهما. وهؤلاء، باتوا اليوم في صلب الحركة السياسية الطامحة إلى امتلاك مواقع في السلطة. وهم يقولون، صراحة، إن عجزهم عن إنتاج أحزاب سياسية يجعلهم أكثر حرية في العمل ضمن أطر ذات بُعد مهني أو قطاعي أو مدني.
اليوم، يمكن أيّ مواطن الانتباه إلى أن كل من مرّ على قوى 14 آذار لا يشعر بالذعر جراء ما يحصل في الشارع، وإلى أن يتصرف على أنه جزء من الحراك الشعبي. وحتى من يتجنبون الظهور مباشرة في الساحات، ولو بغير رضى، لا يتصرفون كما لو أن ما يجري يستهدفهم. بل يتصرفون من موقع الداعم. وفي كل مرة يُتاح لهم التحدث، يعلنون «تبني مطالب الناس». وهو لسان حال كل من في هذا الفريق. كما تجدر ملاحظة أن كل من له علاقات جيدة مع السعودية والإمارات العربية المتحدة وأميركا وفرنسا وبريطانيا، يتصرف براحة وفرح إزاء ما يحصل في الشارع. وهؤلاء ليسوا سياسيين فقط، بل بينهم أيضاً اقتصاديون وإعلاميون وناشطون وناشطات وخبراء!
في المقابل، يمكن أيّ مواطن الانتباه إلى أن كل خصوم 14 آذار، من حزب الله إلى حركة أمل والتيار الوطني الحر وكل من هو في موقع الحليف للمقاومة، يتصرفون بقلق كبير إزاء الحراك. ويمكن من دون جهد كبير ملاحظة أن الشعارات والهتافات التي سيطرت على المشهد الإعلامي الخارج من الساحات، ركّزت - ولا تزال - على هذا الفريق ورموزه، كما يمكن بسهولة ملاحظة حال القلق، بل وحتى الذعر، التي تسود لدى جمهور هذه القوى في الشارع. ويمكن، أيضاً، ملاحظة أن الناس العاديين الذين يقفون إلى جانب المقاومة، والذين بكّروا في النزول إلى الساحات للمشاركة في الاحتجاجات، خرجوا منها تباعاً بمجرد أن سمعوا ملاحظات مقلقة من السيد حسن نصرالله حيال ما يجري وما يُخطَّط له.
كذلك يمكن، من دون جهد استثنائي، ملاحظة أن وسائل الإعلام والإعلاميين الذين بنوا امبراطورياتهم وشركاتهم الموازية عبر الاستفادة من هذا النظام ومن كل من تعاقب على الحكم فيه، ومعهم جيش من رجال الأعمال العاملين في لبنان وخارجه، يقفون إلى جانب الحراك، بل يتغنون به بلا تردّد. ويفاخرون بحروبهم ضد الفساد، وهم الذين استغلوا كل أنواع التسهيلات المصرفية والإعلانية والقانونية للحصول على مكتسبات لا يمكنهم الحصول عليها في ظروف طبيعية.
اجتماعات لغالبية الجمعيات غير الحكومية في مكاتب للاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والوكالة الأميركية

خارجياً، لم تبق جهة تعادي المقاومة إلا ورحبت بما يجري، من دون أي استثناء. من عواصم سياسية ومؤسسات اقتصادية أو إعلامية أو خلافها. ويذهب كثيرون في المحور السعودي – الأميركي إلى اعتبار ما يجري على أنه مرحلة الانتفاضة ضد النفوذ الإيراني في لبنان (اقرأ حزب الله وسلاح المقاومة). بينما كانت روسيا، ومعها الصين وإيران، تبدي خشية سابقة (نشرت «الأخبار» مقابلة مع السفير الروسي في بيروت قبل اندلاع الحراك حذّر فيها من فوضى تعد لها أميركا في لبنان).
ببساطة، يمكن قراءة ما يعتقده الأطراف من نتائج لهذا الحراك. وهذا ما يجعلهم يرحبون به أو يحذرون منه، من دون أن يعني ذلك أن النتائج ستصيب في نهاية المطاف ما يريده كل منهم. وهذا رهن أداء الأكثر حضوراً ونفوذاً في الساحات، ومدى قدرتهم على تنظيف صفوفهم من اللصوص.

هل من خطة غربية؟
إلى جانب كل ما سبق، وبرغم الحساسية المُبالغ فيها عند مشاركين أو ناشطين في الحراك إزاء الحديث عن استغلال لهم أو وجود مؤامرة، صار من الواجب ذكر العديد من العناصر التي لا يرغب كثيرون في سماعها، ومنها:
أولاً، ما إن انطلق الحراك حتى انطلقت ماكينة عمل فريق الخبراء والناشطين والاختصاصيين المرشحين لتولي مناصب حكومية بديلة. وبعد مرور نحو شهر على الحراك، خرجت الأحاديث إلى العلن، عن اجتماعات عقدت في مكاتب هؤلاء، بحضور ممثلين عن «الجمعية الدولية للمدراء الماليين اللبنانيين -LIFE»، وناشطين ممن كانوا منضوين في مجموعة «بيروت مدينتي» التي خاضت الانتخابات البلدية الأخيرة في العاصمة، إضافة إلى ممثلين عن حزب الكتلة الوطنية بقيادته الجديدة وناشطين عادوا وانضووا في تجمعات مثل «وطني» الذي تتصرّف النائبة بولا يعقوبيان كما لو أنها قائدته، وممثلة عن جمعية «كلنا إرادة» التي تعرّف عن نفسها بأنها مجموعة من الشخصيات اللبنانية العاملة في القطاع الخاص خارج لبنان، وتهتم بأن تشكل «مجموعة ضغط» من أجل الإصلاح السياسي والاقتصادي في لبنان.

قوى 14 آذار تريد نسف التسوية الرئاسية لا النظام لأنها تاريخياً من المستفيدين منه

ولم يكن قد مرّ وقت طويل على انطلاق التجمعات الكبيرة في الساحات، حتى انعقدت الاجتماعات بصورة مختلفة، وأكثر كثافة، بمشاركة غالبية الجمعيات والمنظمات غير الحكومية أو التي يحب روّادها تسمية أنفسهم بالحراك المدني. وكان بعض الاجتماعات يُعقد في مكاتب تخص ممثليات للاتحاد الأوروبي أو الأمم المتحدة أو الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، وهي الجهات التي تموّل غالبية هذه الجمعيات. ويحضر اللقاءات إلى جانب ممثلي هذه الجمعيات، موظفون من المؤسسات الغربية والدولية، وفي بعض الاجتماعات حضر دبلوماسيون من رتب متدنية.
خارج لبنان، كانت الحركة تدبّ في ثلاث عواصم رئيسية. في واشنطن، دعت مراكز دراسات أميركية إلى عقد ندوات حول الأزمة اللبنانية، وإرسال رسائل إلى الإدارة الأميركية والكونغرس، إضافة إلى لقاءات عقدها ناشطون من قوى سياسية، بينهم فريق التقى صهر الرئيس الأميركي جاريد كوشنير الذي وعد بنقل الصورة إلى الرئيس دونالد ترامب. وقد تم جمع الوفد اللبناني الذي التقاه من عدة ولايات أميركية. أما في باريس، فإلى جانب التحركات الشعبية التي قامت دعماً للحراك في لبنان، عُقدت سلسلة اجتماعات مع مسؤولين في وزارة الخارجية، وأخرى مع المعنيين بملف لبنان والشرق الأوسط في جهاز الاستخبارات الفرنسية الخارجية الذي يديره السفير الفرنسي الأسبق في لبنان برنارد إيمييه. أما المدينة العربية التي تحسّست حكومتها من النشاط العلني، فكانت إمارة دبي التي رفضت إعطاء الإذن لمجموعة لبنانية بالتظاهر تضامناً مع الحراك الشعبي، ثم نبّهت الحكومة هناك «المتبرعين» من تحويل أي أموال عبر المصارف العاملة في الإمارة إلى لبنان، مع إبراز خشية أن تكون الأموال ذاهبة عن طريق الخطأ إلى جهات معادية.
اللافت للأمر أن مجموعة «life» كانت حاضرة في غالبية هذه الاجتماعات والتحركات. لكن الأهم، هنا، هو أن ممثلي هذه المجموعة سارعوا، منذ اليوم الأول، إلى الحديث عن الحكم البديل. في بيروت أثارت مندوبة «كلنا إرادة»، وآخرون من «بيروت مدينتي»، إمكان الشروع فوراً في خطة لتنظيم إطار تنسيقي، والإعداد لورقة عمل تحت عنوان «حكومة الإنقاذ البديلة». وفشلت مساعي هذه المجموعة في جذب شخصيات وقوى وجماعات مشاركة في الحراك. بينما تعمّدت إبعاد مجموعات أخرى، لا سيما من هم أقرب إلى الحزب الشيوعي. والحجة الدائمة، هي نفسها التي استُخدمت مع الفرنسيين أثناء التحضير لزيارة الموفد الفرنسي، بأن الشيوعيين ليسوا أصحاب نفوذ قوي، وأنه يمكن الاستعانة بشخصيات مدنية واقتصادية تمثلهم، ويكون هؤلاء من أصحاب وجهات النظر الأقل تطرفاً تجاه التغيير الجذري في النظام الاقتصادي.

لم يكن مشهد أمس، إلاّ امتداداً لما بدأ أول من أمس، من قطع للطرق ورفع لسقف المطالب الذي طاول «رحيل» رئيس الجمهوريّة ميشال عون بعد مقابلته المتلفزة الأخيرة. إلا أن اليوم الـ 28 للهبة الشعبية استحضر ممارسات ميليشيوية مُخيفة في منطقة جل الديب نهاراً مع إطلاق مدني النار على شبان كانوا يقطعون ساحة البلدة (قالت أجهزة امنية إنه مناصر للتيار الوطني الحر الذي أصدر بياناً أعلن فيه أن مطلق النار لا يحظى بغطائه)، ومساء في منطقة نهر الكلب حيث أقدم أنصار القوات اللبنانية على بناء حائط اسمنتي داخل النفق. والأمر نفسه حصل على الطريق الساحلي في منطقة الناعمة، ما أعاد إلى الأذهان أبشع صور الحرب الأهلية، وأشار الى المدى الذي يمكن أن يبلغه استثمار بعض القوى التي ركبت موجة الحراك الشعبي، وخصوصاً القوات اللبنانية. علماً أن حال الاستياء التي أثارها بناء جدار نفق نهر الكلب دفع أنصار القوات إلى إزالته لاحقاً. ونفت الدائرة الإعلامية لـ«القوات» أي علاقة لها ببناء الحائط، معتبرةً أن إقحامها في هذا الموضوع «يندرج في سياق الشائعات التضليلية الرامية إلى تسييس الحراك».
وكان مقتل علاء أبو فخر ليل الثلثاء - الأربعاء بإطلاق نار تحت جسر مثلّث خلدة، شكّل الحادث الأكثر مأسويّة في الانتفاضة وطغى على المشهد العام في البلد. وقد حلّ اسم أبو فخر على مختلف نقاط التجمّع ورُفعت صوره مصحوبة بعبارة «شهيد الثورة» الثاني، بعد حسين العطار الذي قضى في بداية الانتفاضة على خلفيّة قطع طريق المطار. وفي وقت كانت عائلة أبو فخر تتلقّى التعازي بفقيدها، كان النائب السابق وليد جنبلاط يستكمل شقّ طريقه إلى «الحراك» متبنّياً «شهيد الثورة والحزب» ومتلقياً اتصالات التعزية، وأبرزها من رئيس الجمهوريّة ورئيس المجلس النيابي. نعش أبو فخر، الذي يشيّع الواحدة ظهر اليوم في الشويفات، وصل مساءً إلى ساحة رياض الصلح على وقع النشيد الوطني اللبناني. مقتل أبو فخر بسلاح مرافق مسؤول مخابرات الجيش في الشويفات (العقيد نضال ضو)، المقرّب من الاشتراكي، عقّبت عليه مديرية الاستخبارات في الجيش معلنةً «إحالة المعاون أول شربل حجيل إلى القضاء المختصّ، بعد الانتهاء من التحقيق معه». ومساء، تجمع عدد من المتظاهرين أمام منزل جنبلاط في كليمنصو، ووزّعت دعوات باسم «الحراك المدني»​ الى التظاهر أمام منزل جنبلاط السادسة من مساء الجمعة «لأنه جزء من الطبقة السياسية التي خرجنا ضدها».
على مقلب بعبدا، كان التحرّك الأبرز على طريق القصر الجمهوري، مع وصول متظاهرين من جسر الرينغ إلى أوتوستراد إميل لحود عمدوا إلى قطع المسرب من مستديرة الصياد باتجاه الحازميّة. الجيش اللبناني والقوى الأمنيّة أقفلوا الطرق المؤدّية إلى القصر بالأسلاك الشائكة، بينما حاول أحد ضباط الحرس الجمهوري إقناع المتظاهرين بتفويض ممثلين عنهم للقاء الرئيس، وهو ما رفضه هؤلاء، فيما حاول بعضهم اجتياز العوائق الحديديّة. المطالب تراوحت بين رحيل الرئيس والبدء الفوري بالاستشارات النيابيّة المُلزمة لتشكيل الحكومة، ليعود التدافع في ساعات المساء في محيط القصر بين المعتصمين والقوى الأمنية.

بنى عناصر القوات اللبنانية جداراً اسمنتياً داخل نفق نهر الكلب

في جلّ الديب لم يقتصر قطع الطرقات على الأوتوستراد، بل طاول الطرقات الداخليّة التي شهدت توتّراً وإشكالات وعمليات كرّ وفرّ وتضارباً بالسكاكين وتراشقاً بالحجارة بين المتظاهرين ومواطنين أصرّوا على فتح الطريق من جهة والجيش من جهة ثانية. وأعلن الأمين العام للصليب الأحمر اللبناني ​جورج كتانة​ وقوع أربعة جرحى حصيلة إشكالات ​جل الديب​، مطالباً بترك ممرات لسيارات الإسعاف خصوصاً في الطرق المقفلة بالسواتر الترابيّة. المشهد الأكثر استفزازاً في المنطقة المتنيّة، كان في إشهار مدنيّ سلاحاً حربياً وإطلاقه النار باتجاه المتظاهرين الذين تمكّنوا من تطويقه وعمدوا إلى ضربه لتعتقله القوى الأمنيّة. تبعات الحادث لم تتوقّف عند اعتقال مطلق النار الذي أشيع أنّه من مرافقي النائب السابق في التيار الوطني الحرّ نبيل نقولا. المكتب الإعلامي لنقولا نفى «أي صلة له بمطلق النار». كما أوضح النائب إبراهيم كنعان أن الصورة المنتشرة له مع أحد الأشخاص وتزعم أنه مطلق النار «تزوير وافتراء، والشخص الظاهر فيها مختلف عن الموقوف». وعلى خلفيّة الحادث أقدمت مجموعة من المتظاهرين على محاصرة مبنى في أحد الطرقات الفرعيّة في جل الديب، عُلم أنه يضمّ مكتب المختار جان إيليّا الذي لاذ إليه عدد من السكان المعترضين على قطع الطريق بينهم «مناصرون للتيار الوطني الحر» كما أعلن المتظاهرون، وقامت لاحقاً قوة من الجيش وفوج المغاوير بإخراج المحتجزين من المبنى.
مشهد قطع الطرقات وتعزيزات الجيش، انسحب على مناطق عدة، أبرزها مثلث خلدة الذي أُضيء بالشموع في مكان سقوط أبو فخر والمدينة الرياضية وقصقص، حيث وقع إشكال خلال محاولة ​الجيش منع أنصار ​تيار المستقبل​ من قطع الطريق. وعلى مستديرة الكولا استمرّ مشهد قطع التفرّعات بالإطارات المشتعلة وسط تدافع مع الجيش. الإشكالات «المتقطّعة» انسحبت على منطقة الشيفروليه تارة مع عناصر الجيش وطوراً مع سيارات حاولت اجتياز عوائق المتظاهرين.
تم نسخ الرابط