المشنوق: لانتخابات رئاسية مبكّرة وحكومة تكنوقراط وإلا سيجد 'صهر الرئاسة' الدماء على يديه

في البداية، تحية تقدير وإكبار إلى عناصر قوى الأمن الداخلي ودعم إلى الجيش اللبناني.
موجع كان المشهد في وسط بيروت ليل أمس، حيث رأينا فقراء، يتقاتلون مع فقراء. غاضبون ومفلسون يتضاربون مع غاضبين ومفلسين مثلهم، فيما مسبّبو الأزمة النقدية والمالية والاقتصادية يكملون مسلسل تشكيل الحكومة، بأموال اللبنانين، التي تنزف مع كلّ تأخير في التشكيل.
والغريب إنّه إذا كان المتظاهرون والمحتجّون يمثّلون الشعب اللبناني الغاضب والمعترض، في واحدة من أكثر اللحظات اللبنانية صدقاً ونزاهةً في تاريخ لبنان، فإنّ قوى الأمن ليست هي المسؤولة عن انحراف الطبقة السياسية، ولا عن الأزمة النقدية، ولا عن التأخير في تشكيل الحكومة. وليست قوى الأمن ولا الجيش هم من أصلوا البلاد إلى ما هي عليه اليوم.
ألم يلاحظ أحدٌ من المسؤولين، وأوّلهم رئيس الجمهورية، أنّ الصورة انتقلت من الشارع إلى المستشفيات التي تعجّ بالجرحى، مواطنين وعناصرَ أمنية، وأنّ عددهم زاد عن 400 بحسب المصادر الطبية؟
ألم ينتبه الثوّار إلى أنّ السؤال والجواب على أسئلتهم هو في بعبدا وليس في وسط بيروت؟
ألم يلاحظوا أن هناك عناصر من أمن مجلس النوّاب بلغ بهم التهوّر حدّ كسر المحرّمات باقتحام مسجد محمد الأمين، الذي بناه الشهيد رفيق الحريري، للاعتداء على المحتمين بداخله؟ في وقت يراقب البيارتة من منازلهم، إلا من أضاء منهم بحضوره الواجبات الوطنية للمدينة الأم.
الحلّ الوحيد المؤقّت المتاح لكل القوى السياسية هو دعم تشكيل حكومة تكنوقراط لا تشبه ما سبق من حكومة أخذ فيها التيار الوطني الثلث المعطّل، والذهاب إلى انتخابات رئاسية مبكّرة تنهي مرحلة تحطيم الوفاق وتدمير التوازن وتفجير الاستقرار في لبنان، وتفتح الباب لاحقاً لقانون انتخابيّ عاقل وانتخابات نيابية مبكّرة، لأنّ ما وصلنا إليه سببه قانون الانتخاب الذي جرت على أساسه الانتخابات الماضية.
والحديث مؤجّل عمّن أقرّ عرف "الثلث المعطّل"، المخالف للاستقرار الوطني. وها هو التيار نفسه الآن لا يعترف بالشعب ولا بمطالبه، ويعتبر ما حصل عليه سابقاً هو حقّ مكتسب له.
هذا الزمن انتهى في الشارع، وفي بعبدا، ولن تكون هناك حكومة كسابقاتها في السراي.
إذا كان الدم في الشارع هو الثمن للاعتراف بالوقائع فسيجد "صهر الرئاسة" دم اللبنانيين على يديه خلال أسبوع. وعندها لن ينفع الندم.
أتمنّى أن أكون مخطئاً بما حذّرت منه الأسبوع الماضي من "الدم على الأرض"، وأعود إلى التحذير منه اليوم.
الحديد أرخص ما تقدّمه العاصمة، أمّا الدماء فهي أغلى من كل الأثلاث.
ستعود بيروت مضيئةً بأهلها مهما فعلت أحزاب التأليف من ضرر، والحكومة ستُشكّل دون ثلث حكومي معطّل. ومن يعِش يرى".