الإثنين 07 تموز 2025 الموافق 12 محرم 1447
آخر الأخبار

صنع أكثر من نصف 'مراجيح العيد' في منطقته ثم قضى برصاصة غدر ليلة العيد: 'جمال' (55 سنة) عصامي مكافح وأب لـ7 اولاد ما خلع ثوب العمل الا ليذهب الى المسجد لصلاة الجمعة

ياصور
في كل حي من أحياء الفقراء حيث يخيم القهر وتنسج المعاناة خيوطاً من لهيب الشمس وزمهرير عواصف الشتاء ، لن تخلو الحياة من بارقة أمل على هيئة رجل عطوف... يحتضن بطيبة قلبه من قست عليهم الحياة وينذر نفسه ليضفي بعضاً من الوان الفرح والبهجة على صورة سوداوية قاتمة... وهكذا كان جمال (55 سنة)... لسنين طويلة، هندس "العاب العيد" لفقراء مخيم الرشيدية والجوار قبل أن يرحل برصاصة غدر ظالمة ليلة العيد.... ليصبح عيد اولاده السبعة مناسبة حزينة بعد ان كان ميعاداً لفرحة أبيهم بحلوله لتحل معه البهجة على اولاد المخيم....

ليلة العيد الثانية كان من المفترض ان تكون ليلة فيها الحد الادنى من البهجة المغمسة بقهر الظروف الاقتصادية والمعيشية المتردية التي حلت على الناس في لبنان، ثم جاءت كورونا لتقتلع ما بقي من أمل لأهله فيه.... ولكن علا صوت الاشتباكات .... ضجت رشقات نارية في ارجاء مخيم الرشيدية وترددت اصداؤها في الاجواء... لم يحسب "جمال سالم" (55 سنة، الملقب بالجاعوني) انها ستكتب نهايته.... رصاصة طائشة اصابته بينما كان يمر بالمكان صدفة، فاردته وحرمت أولاده السبعة من نعمة الأب المكافح العصامي...

صاعقاً حل الخبر على جميع من عرفه.... فـ"جمال" من خيرة رجال المخيم وأطيبهم كما أكد الجميع ممن تداول صوره شهيدا للغدرعلى مواقع التواصل الاجتماعي... وكما أكد مقربون لموقع "يا صور"، "المعلم جمال صنع اكثر من نصف اراجيح العيد في المخيم.... فهو في بداياته، عمل في مجال الحدادة عند الطلب، ولشدة تفانيه واخلاصه في عمله، تحولت ورشته الصغيرة عند قارعة الطريق الى متحف.... ثم لما ضاقت سبل الحياة به، طرق باب الهجرة... الا ان مرارتها لم تستسغها نفسه فعاد الى لبنان ليعمل كسائق لسيارة اجرة... وانتهى به الأمر يعمل ايضاً في مجال نجارة الباطون كما افتتح دكانه الصغير ليؤمن عيشة كريمة لعائلته".

يتابع بنفحة فخر وانكسار معاً، "كان جمال مثال الرجل المثابر المؤمن حتى الرمق الأخير بان العمل جهاد في سبيل الله ايضاَ.... فمنذ بزوغ الفجر حتى ساعات الليل الاخيرة من كل يوم، كنت ترى "جمال" بثياب العمل والشرف ما فيها من حلاوة الا "جمال ابتسامته وطيبة ملقاه" يتنقل من عمل لآخر... يمازح الصغير والكبير ويرفض ان يغتاب احدا او يتم التهجم على احد امامه.... كل ساعاته كانت ساعات كفاح حتى يحل يوم الجمعة... فتراه خلع عنه ثوب الكد وارتدى الابيض وتوجه الى المسجد لاقامة الصلاة....خسارة كبيرة ان تزهق روحه بهذه الطريقة الماساوية في ليالي العيد المباركة"

عباس قاسم (31 سنة) وجمال سالم (55 سنة) قضيا برصاص طائش في شهر رمضان من هذا العام.... سقط كثيرون جرحى ايضاً..... عملت قوى الأمن الفلسطينية على تسليم الجناة والمشتبه بدور لهم في الجرائم النكراء للسلطات اللبنانية ولكن.... ما زال وهج الجمرات متقداً تحت رماد الصبر.... علت اصوات كثيرة لمطالبة المعنيين بضبط الاوضاع لحماية ارواح الابرياء من نهايات مأساوية.... فكم من ضحية يجب ان تقدم على مذابح الثبات حتى يصحو الضمير وتكف الأبالسة عن التلاعب بأرواح الابرياء الذين يسعون خلف قوت يومهم وكل رجائهم أن ينعم الله عليهم وعلى عائلاتهم بيوم سكينة خال من أزيز الرصاص وسلاح الغدر؟ !
تم نسخ الرابط