الخميس 19 حزيران 2025 الموافق 23 ذو الحجة 1446
آخر الأخبار

تاريخ دور السينما في صور

ياصور
أحد مقالات كتاب صور في السبعينيات الذي سيطبع بعد الانتهاء من عرض المقال الاخير و أسمه  الشاطىء الشمالي و بركة البقبوق

مقدمة :

كتاب صور في السبعينيات هو كتاب من تأليف الدكتور جمال يونس عام 2012 سوف يطبع بعد الانتهاء من عرضه على موقع يا صور على عدة أجزاء سميت بالمقالات . تبدأ من المقال الأول وتنتهي  بالمقال ما بعد العاشر.

وهذا الكتاب يجسد ذاكرة الصوريين في تلك الفترة من عام 1960 حتى عام 1975 حيث بدات الحرب الاهلية وبدات معالم صور تتغير نهائيا ومعها  كل العادات والذكريات التي عايشها جيل ابناء صور ممن يبلغون الان عمر الخمسين سنة وما فوق وهو مناسبة لأبنائنا وللأجيال التي ولدت بعد عام 1975 والتي فاتها ان تعيش هذه الذكريات التي انا على ثقة بأن اباؤهم  سوف يضيفون لهم بعض التفاصيل التي لم يرد ذكرها في هذا الكتاب . وهذا الكتاب سيكون اول كتاب يدّون تاريخ صور في هذه الفترة بكل تفاصيلها الدقيقة من اماكن ازيلت مثل الحرش الصوري نهائياً والى الأبد .وكذلك من أحداث وعادات كان يمارسها اطفال صور في ذلك الزمان انقرضت واختفت هي الاخرى وقد نشر حتى الان وعبر موقع يا صور الكريم  6 مقالات  منهم:

  المقال الاول بعنوان : مغامرات اطفال صور البريين -  واختفاء الحرش الصوري ومعه اختفاء الفطر الصوري الى الابد.

المقال الثاني بعنوان :  مغامرات اطفال صور البحريين، وهو الاغنى والاجمل والذي ما زالت اجزاء منه تنشر عبر موقع يا صور بالتتابع. الجزء الأول  وكان بعنوان اختفاء الشاطىء الجنوبي لمدينة صور.

المقال الثالث : الشاطئ الغربي .

المقال الرابع : ميناء صور .

المقال الخامس : مطعم بي بي عبد .

المقال السادس : مسلخ صور القديم ومقهى أبو ديب قشاش

المقال السابع : الشاطئ الشمالي – الغرق الاول

والى القراء الذين لم يسعفهم الحظ بقراءة هذه  المقالات عليهم البحث عنها عبر موقع يا صور بهذه العناوين 

وهذا سيجعلكم امام الصورة الكاملة للكتاب لان كل الاجزاء السابقة التي نشرت والاخرى التي سوف تنشر لاحقا هي مترابطة مع بعضها البعض.

وقد بذلت جهدي  لوضع صُور املكها بالصدفة عن تلك الامكنة وذلك الزمان لكي أٌغني هذا الكتاب الذي يجسّد تاريخ وذاكرة المدينة في ذلك الوقت واتمنى ان اكون عبر هذا الكتاب الذي سيصدر لاحقا قد أوفيتُ مدينتي صور الخالدة بعضا من حقها .



صورة رقم 1                         

صورة الدكتور جمال يونس في السبعينيات في عمر 6 سنوات كما كنت ابدو عند روايتي لهذه المغامرات والذكريات

مقدمة تاريخية

سينمات صور القديمة  في فترة الاربعينيات كان عددها  خمسة .

1 – سينما روكسي



صورة رقم 2

صورة من الاربعينيات تظهر فيها ساحة البوابة ( حالياً ساحة الامام الصدر ) و يبدو الرصيف  الذي بني في زمن الانتداب الفرنسي في الاربعينيات وقد بناه العمال الارمنيين والملتزم كان كارابيت الارمني. ( السهم الاحمر – سينما روكسي )

كانت محلات الوقف السني الحالي  3 محلات (طرف الصورة -السهم الاحمر )  عبارة عن اسطبلات للخيل ومشاغل لصناعة الاحذية والبناطلين والثياب للجيشين الفرنسي الديغولي والفيشيين الذين كانوا يتعايشون معا في مدينة صور ويفرق بينهم الزنار الاحمر الذي كان يضعه الفيشيين على وسطهم  ، وعند انسحابهم من لبنان تم استئجارها من قبل حسن الشميساني ( المحل الثالث ) واستعمله لتلحيم المعادن بالاوكسجين ، يشغله حاليا  محل صرافة حلاوي . 

بجانبه ( المحل الثاني ) أستأجره  محمد بحسون الذي  استعمله لتصليح و تأجير الدراجات وكانت اجرة الساعة 25 قرش لبناني  .

المحل الثالث ( السهم الاحمر) كانت تشغله سينما روكسي وحاليا يشغله محل الدجاج والحمامات العمومية .

 والسينما كان يملكها سامي وكامل الدادا سنة 1949 واستمرت بالعمل لمدة  10 - 12 سنة واقفلت لقلة الرواد وعدد السكان القليل في ذلك الحين . وكان الموظف ينادي المواطنين اللذين يمرون – قرب هنا سينما روكسي إقطع كرت و خذ كرسي ، وهي أولى سينمات صور حتى أنها عاصرت أيام السينما الصامتة .وكان يوجد أمامها موقف باصات صور – صيدا – بيروت لأل جودي و آل قصاب .



صورة رقم 3

صورة لساحة البوابة في الخمسينيات - الشاطىء الشمالي و سينما روكسي ( السهم لاحمر) 



صورة رقم 4  

ساحة البوابة في اواخر السبعينيات و مقهى البيطار بدل سينما روكسي شمال الصورة



صورة رقم 5

مبنى سينما روكسي أصبح مكانه محل للفروج و الطيور مقابل السوق الشعبي - 2019



صورة رقم 6

ساحة البوابة رمز الازدهار الاقتصادي للمدينة عام 2016 قبل تحويلها الى ساحة الامام الصدر للقضاء على وسط صور الاقتصادي ( المقصود ) و تدميره نهائياَ

والمبنى الاحمر هو مكان سينما روكسي و بعدها مقهى جودي (محل الصراط حالياَ )

سينما متروبول - 1954   - 2

 لصاحبها جان ثابت من دير القمر ويملكها حاليا مهنا الصفدي للاخشاب  وهو المحل المغلق مقابل نوفيتيه قدادو و مكتب  المختار السحمراني .وهي سينما صغيرة حوالي 100 كرسي و استمرت سنوات قليلة .



صورة رقم 7

المحلين المقفلين حالياَ هو ما تبقى من سينما متروبول  - الصورة أخذت عام 2019

سينما شهرزاد- 1960  - 3

و هي سينما صغيرة أيضاَ حوالي ال 80  كرسي من الخشب و لم تدم طويلاَ و يشغل مكانها حاليا منجرة المرحوم الشيخ علي بحسون ( محلات الجعفرية مقابل الحفريات ) و كان يملكها المرحوم أبو فريد الاشقر. و كان يرسم إعلاناتها الرسام الفنان غازي تمساح أول متزلج صوري على الماء .



صورة رقم 8

منجرة بحسون أو سينما شهرزاد  –  خلف الكلية الجعفرية عام 2019



صورة رقم 9

المنجرة أو سينما شهرزاد من الداخل  – عام 2019

   - سينما كايرو 4

فوق سطح  مبنى بارود الاثري حاليا ( المكتبة العامة ) داخل صور القديمة وهي أيضأ سينما صغيرة حوالي 100 كرسي من الخشب و لم تدم طويلاَ 3-4 سنوات و أصحابها حسين و كامل سعيد و كانت تعرض معظم أفلام فريد الاطرش بكاميرا 16 ملم . 



صورة رقم 10 

منزل أل بارود في حارة صور القديمة و السينما كانت على سطحه 



صورة رقم  11

مبنى بارود من جهة الحفريات

سينما الامبير - 5

سينما الامبير قرب منزل القاضي أنطوان فرحات و كان يملكها بولس خيرالله وقد انهار سقفها حديثا ولم ترمم حتى الان . وهي الاكبر و الاشهر بين سينمات صور القديمة  ( حوالي 300 كرسي ) و الوحيدة من طابقين صالة وبلكون أقفلت عام  1959 .  



صورة رقم 12

سينما أمبير مدمرة بفعل القصف الاسرائيلي لمدينة صور عام 1978 و تبدو السراي الحكومي في طرف الصورة



صورة رقم 13

سينما أمبير كما تبدو حالياً – عام 2019

أما في السبعينيات فقد كان يوجد في مدينة  صور ثلاث دور للسينما فقط وهي  .

سينما الحمراء -1

سينما الحمراء التي ما زال مبناها يشهد على تلك الفترة الذهبية من تاريخ صور وتقع في اول شارع الحمراء الذي يحمل اسمها. و كان أصحابها بولس خيرالله و أحمد شحادي أبو حسين .

 شيدت عام  1962 و تبلغ مساحتها حوالي 515 مترأ مربعاَ و عدد مقاعدها يفوق ال 500 مقعد ، وكانت سينما فخمة جداَ و مزدهرة حتى إقفالها في الثمانينيات بسبب ظهور الفيديو و المسلسلات المصرية التي كانت تؤجر للمواطنين بأسعار بخسة و بإشتراك شهري و كانت السبب في إقفال جميع سينمات صور الحديثة الثلاثة  .



صورة رقم 14

سينما الحمراء حالياً



صورة رقم 15

بلكون سينما الحمراء حالياَ و قد أختفت الكراسي منه بسبب أهترائها



صورة رقم 16

مسرح صالة السينما و كانت تغطيه هذه البرادي الفخمة و الرائعة



صورة رقم 17

ألة عرض الافلام العملاقة ما زالت مكانها و قد تآكلها الصدأ والإهمال و هي شاهد على تاريخ صور الذهبي في السبعينيات



صورة رقم 18

مدخل السينما الداخلي الى الصالة و البلكون (الدرج)

سينما دنيا  - 2

سينما دنيا هي احدث سينمات صور و أجملها  و أكبرها حوالي أل 700 مقعداَ فخماَ وقد بناها حسين جفال و كامل مكحل  عام 1964 ، وقد هدمت في فترة الثمانينات وشيَد مكانها مبنى البنك اللبناني الفرنسي في شارع الحسبة القديمة او ما يسمى الآن شارع ( المصارف ).



صورة رقم 19

بناية سينما دنيا التي بنيت مكانها بعد هدمها

3- سينما ريفولي - 1960

سينما ريفولي ما زالت في مكانها في الشارع الذي يحمل اسمها شارع سينما ريفولي في طرف حارة صور . أصحابها المرحوم فؤاد حلاوي و أبو البير واكيم . و ما زالت تحافظ على شكلها الخارجي و الداخلي كما كانت أيام العز .



صورة رقم 20

سينما ريفولي حالياَ – 2019



صورة رقم 21

السينما من الداخل

في تلك الفترة لم يكن يوجد اماكن للتسلية او للسهر ولتمضية الاوقات المممتعة سوى دور السينما اعلاه ، ولم يكن الفيديو قد اخترع بعد والتلفزيون يحتوي فقط على قناتين لبنانيتين تبث من الساعة السادسة مساءً وتقفل في الحادية عشرة ليلا. وكان عدد قليل  من المواطنين يملك اجهزة تلفزيون آنذاك، حيث ان العائلة التي تملك جهازا  كانت تفتح منزلها  للجيران  ، لكي يشاهدوا احدى المسلسلات المهمة، وكانوا  يتجمعون بالعشرات امام  المنزل .



صورة رقم 22

تلفزيونات و مسجلات و بكرات أفلام سينمائية من زمن السبعينيات

كانت هذه الدور تتنافس فيما بينها على عرض اجمل الافلام في ذلك الوقت من افلام الكاوبوي والافلام التاريخية والهندية والمصرية  والكوميدية. وكانت تعرض هذه الافلام على فترتين في اليوم من الساعة 2 الى الساعة 4 بعد الظهر، ومن الساعة السابعة والنصف الى الساعة التاسعة والنصف مساء ، حيث كانت الجموع  الغفيرة من المشاهدين من صور والقرى والمجتمعات المجاورة تحضر بالمئات، وكانت وسيلة التنقل المتاحة في ذلك الوقت هي البسكلاتات ( الدراجات ) والموتوسيكلات التي كانت تتجمع خارج السينما وكانت تسد الطرقات وخاصة عندما يعرض احد الافلام الشهيرة  . 



صورة رقم 23

فيلم عنترة من أكثر الافلام مشاهدة في ذلك الوقت – حتى قيل  فلسطين في رقبتك يا عنترة كي تحررها من الاسرائيليين . و بقي يعرض لمدة شهر متواصل .



صورة رقم 24

لي فان كليف – ممثلي المفضل

في تلك الفترة وفي عمر مبكر لا يتعدى 5 الى 6 سنوات وبسبب قرب منزلي الذي لا يبعد اكثر من 50 متر عن سينما الحمراء و عن سينما دنيا وخاصة ان مكان ملعب الطفولة الدائم هو حي سينما الحمرا كما يسمى حتى الآن ، وهو الحي الذي امضيت معظم طفولتي به لوجود تلة ومساحة رملية كبيرة بجانب السينما وقد تحولت الى موقف للسيارات لبناية تاج الدين.



صورة رقم 25

ما تبقى من حي سينما الحمراء( ملعب الطفولة ) أصبح موقفاً للسيارات للأبنية المجاورة

لهذا السبب فقد اندمجت تماما بكل ما يحدث امام تلك الدور حيث كانت لي زيارة يومية لارى ما يعرض من الافلام  ، حتى اذا اعجبني احداها اكون قد جهزت نفسي وتدبرت سعر التذاكر الذي كان يعتبر باهظا في ذلك الوقت حيث كان سعر البطاقة للصالة الارضية مبلغ 60 قرش وللبلكون ( الصالة العليا) وهي للعائلات تبلغ 110 قرش ،وكانت هذه الدور تخصص يوماً لافراد الجيش من ايام الاسبوع حيث يكون عدد الرواد اقل من باقي الايام وكانت هذه الايام بالاتفاق في ما بينهم ايام الثلاثاء و الاربعاء والخميس بخفض السعر الى 40 قرش للصالة و75 قرش للبلكون حيث ان يومية العامل في ذلك الزمان لا تتعدى 2- 3 ليرات يوميا . اي ان تذكرة دخول السينما كانت تكلف ثلث يوميته ، اما اذا اراد ان يشرب احدى المرطبات او اكل سندويش فكان يدفع العامل يوميته كاملة من اجل ان يتمتع بلذة  مشاهدة احد  هذه الافلام الجميلة التي كانت تعرض في تلك الايام .



صورة رقم 26

بطاقات سينما ريفولي من أوقات مختلفة من فترة السبعينيات و أسعار مختلفة

ما عدا اللون الاخضر هو ما تبقى من أثارات سينما الحمراء



صورة رقم 27

بطاقات لسينما ريفولي – أسعار الصالة و البلكون 



صورة رقم 28

بطاقات للجيش - بلكون بسعر 75 قرشاً للبطاقة مقارنة مع سعر 110 للعموم 

من هذه الظروف وكوني احب جميع انواع الافلام مع عدا الافلام العربية ، فإني لم ادع اي فيلم جميل او مشهور ان يفوتني مهما كلفني الامر وباي الطرق ،  وكانت اشهر افلام الكاوبوي التي ما زلت اذكرها ويذكرها اهالي صور و التي يلعب دور البطولة فيها الممثليين العالميين مثل كلينت ايستوود ( من أجل حفنة من الدولارات ) ،لي فان كليف، جوليانو جيما ، ومن الافلام التاريخية من كان يمثل دور هرقل ( ستيف ريفز) و ماشيستي ( غوردن سكوت )  ، و الافلام الحربية  (جحيم المعركة ) من بطولة تيلي سافالاس الاقرع ، ومن الافلام الهندية فيلم ماسح الاحذية – ولدي ،

 وفيلم  شامي كابور و اغنيته الشهيرة  (أياياي كرمباياي سوكو سوكو) التي كنا نغنيها عند خروجنا من السينما مسرورين حتى وصولنا الى المنزل.

 وعندما كانت تعرض احد هذه الافلام فان صور وجميع أهالي القرى و المخيمات  المجاورة تأتي كبيرها وصغيرها لحضور الفيلم حيث تمتلىء كل المقاعد من اول نصف ساعة عند افتتاح شباك التذاكر. 



صورة رقم 29

صالة السينما من الداخل ما زالت تحافظ على رونقها بجهد مشكور من المخرج الصوري قاسم أسطمبولي 



صورة رقم 30

مجموعة صور من افلام الويسترن من ذلك الزمن الجميل

أما بالنسبة لي  فإن مبلغ 60 قرش او 40 قرش الذي كان يعتبر مبلغلَ باهظا للرجل ، فما بالك لطفل في عمرالسادسة . مع العلم انه لم يفوتني اي فيلم حتى عمر 10 سنوات  ، و قد شاهدت مئات ومئات الافلام مجانا كيف ذلك؟



صورة رقم 31

مجموعة ملصقات من الأفلام العربية من زمن السبعينيات

لقد بلغت بي الجرأة حداَ  حينذاك ، حتى اني الآن اتعجب من نفسي ، هل انا نفس هذا الشخص الذي كان يفكر ويجرؤ على ابتكار وسائل لا تخطر على بال احد للدخول الى اي من السينمات الثلاثة، في اي وقت واي يوم من دون دفع اي قرش ومن دون ان يعلم احد بسري الذي ابوح به فقط الآن للقراء ، حتى أهلي لم يكونوا على علم بما يجري وكانوا يظنون اني العب مع رفاقي.



صورة رقم 32

آلتين ضخمتين لعرض الافلام



صورة رقم 33

آلتين لعرض الافلام ما زالوا في حالة جيدة

والطرق التي كنت استعملها هي احدى طريقتين، اذا كان فيلم مشهورا جدا وتوجد عجقة كبيرة على باب الدخول حيث كانت تتدافع الجموع للدخول دفعة واحدة وخاصة عند بدء الفيلم وحين يسمع طنين جرس بدء الفيلم الاساسي او مقاطع  من الافلام والتي كنا نسميها ( المناظر) وهي عرض اجزاء من الافلام القادمة التي سوف تعرض لاحقا. كنت اقف جانباً من دون ان اجعل الموظف الذي يستلم التذاكر على باب الدخول كي لا يحفظ وجهي اقف جانبا بقرب باب الدخول وحين اشاهد احدى المجموعات التي تتدافع للدخول مستعجلة كنت( أدحش ) نفسي بينهم لصغر حجمي ولكثرة الداخلين كنت ازمط من دون ان يشاهدني . وكنت عندما اعبر الباب اركض مسرعا الى الصالة المعتمة واختبىء وراء الستارة الرئيسية الخلفية التي تعزل الشاشة عن باب الدخول لأرى اذا كان يتبعني احد من موظفي السينما لكي لا يطردني الى الخارج . ومعظم الاوقات كنت ازمط ( أدخل ) من دون ان يلاحظني قاطع التذاكر ولكن في بعض الاحيان كان يراني ويعرف اني لم اعطه التذكرة . ولكن اكون قد اصبحت من داخل السينما فيقول لي اخرج اذا كنت لا تمتلك تذكرة وهو معجوق كنت اسمع كلامه واقف الى جانبه من جهة الداخل واقول التذكرة معي في الجيب اعطني مهلة لاخرجها وانا اضع يدي في جيوبي الكثيرة متظاهرا باخراجها في تلك اللحظات كنت اهرب مسرعا كالعادة الى الصالة واختبىء نحو عشرة دقائق حتى تنطفىء كل الانوار ويبدأ الفيلم.



صورة رقم 34

بعض المنشورات الدعائية الورقية لأفلام ذلك الزمن

وحتى بعد ذلك ولزيادة الامان وكي لا اخسر مشاهدة الفيلم المنتظر المشهور كنت اذهب الى حمام السينما اي التواليت وابقى كذلك 5 دقائق واخرج منها رافع الراس لا يبدو علي الخوف كي لايظن من يضيء المقاعد و هو  الموظف الذي يساعد المشاهدين بالجلوس في المقاعد المرقمة الى اصحابها ، وبما اني لا املك تذكرة كان يتوجب علي تحضير نفسي لاجابته بجأش كوني صغيرا ووحيدا في السينما فحتما سوف  يخرجني فكنت اذهب الى الصفوف الامامية التي نادرا ما تملأ بالمشاهدين لقربها من الشاشة فكان لا يقترب مني لسؤالي اين اجلس ولكن بعد مرور حوالي 15 دقيقة من بدء الفيلم كنت انظر خلفي لأرى اذا كان احد المقاعد الخلفية شاغرا فكنت اذهب مطمئنا الى ذلك المكان لان الموظفين جميعا كانوا يقفون وراء الستارة الخلفية يتابعون بانفسهم الفيلم وهكذا كنت اتمتع بلذة مضاعفة في مشاهدة الفيلم الذي احبه ومجانا .



صورة رقم 35

بعض منشورات الأفلام العربية الخادشة للحياء من ذلك الزمن الجميل

اما الحيلة الثانية فهي تتطلب تفكير وذكاء الاكبر سنا وكانت دائما تنجح وخاصة في المساء حيث تأتي العائلات مع اولادها ويكون الحضورعاديا و عائلياَ اي لا يوجد زحمة مشاهدين وهنا كانت لا تنفع التقنية او الحيلة الاولى . وبما اني اصبحت مدمنا على حضورالافلام كنت اشغل عقلي باي طريقة كي ادخل من دون دفع اي قرش حتى اتت الفكرة وهي لا تخطر على  بال احد ولا حتى الكبار يستطيعون ان ينفذوها. وهذه الحيلة هي . 

 كنت في تلك الاوقات وما زلت البس دائما الثياب الانيقة والجديدة ولو كنت اذهب بها للعب وذلك بسبب عقلية والدتي التي ما كانت تسمح بخروجي من البيت الا مرتبا وانيقا على آخر(موضة) . 

كنت اذهب الى دور السينما وكنت اقف خارج باب الدخول كي لا يراني الموظف المذكور حتى لا يحفظ وجهي كوني زبون دائم ولكن مجانا. وانتظر حتى تاتي احدى العائلات اي زوج وزوجة وكنت اختار اكثرهم اناقة ويبدوعليهم الثراء فكنت اتكلم معهم ( لانه كان يسمح بدخول ابن واحد او ولدين مجانا مع العائلات للدخول الى البلكون اي التذكرة ذات السعر الغالي في تلك الايام) كنت اتكلم معهم بحجة اني لا املك ثمن التذكرة بالسماح لي بالوجود الى جانبهم عندما يعبرون باب الدخول واطلب منهم في حال سأل عني الموظف من اكون ان يخبرونه باني ابنهم او قريبهم وهكذا كان فكان نصف الذين اسالهم يرفض بتاتا ان اكون االى جانبهم وهنا كانت الحيلة والجرأة الاعظم فبعد ان يرفض احد من هذه العائلات التطوع لادخالي فكنت اتظاهر باني ذهبت وكنت اختبىء خلف الحائط او العامود الموجود امام باب الدخول كي لا يراني كليهما موظف التذاكر والعائلة التي رفضتني .

فكنت وقبل بلوغ مترين من باب الدخول اخرج من مكاني واقف خلف العائلة ملتصقا بها واضعا يدي على جاكيتته من دون لمسها لابدو كأني ابنهم وادخل معهم برباطة جأش وجدي للغاية من دون ان يبدو علي الخوف كي لا تفشل خطتي وكنت دائما انجح في محاولتي هذه حتى اني وبعد ذلك ومع استسهالي والخبرة التي اصبحت امتلكها وصلت بي الجراة لكي اجلب معي اختي الصغيرة التي كانت تصغرني بثلاث سنوات بان اصطحبها معي لكي نبدو كالعائلة السعيدة اي كنت انتظر العائلة ذات الزوج والزوجة من دون اولاد ونتظاهر انا واختي وامسكها بيدي واضع يدي الاخرى بملامسة جاكيت الرجل وهذه الخطة اي مع اختي كانت مقنعة اكثر للرجل الذي يقطع التذاكر الذي كان لا يجرأ على مجرد السؤال من الرجل وزوجته اذا كنا اولادهم او لا. 



صورة رقم 36.

بكرات عرض الافلام  من مختلف الاحجام

وهكذا مرت السنون وجميع افلام تلك الفترة الجميلة والشهيرة كانت لا تفوتني أبداً ومجانا.
تم نسخ الرابط