الرئيس بري والعمالة مع إسرائيل ................. بقلم الاستاذ مهدي عقيل

يبدو أن هؤلاء نسوا تاريخ وماضي هذا الرجل الحافل بالوطنية والمواجهة مع إسرائيل، نسوا أنه أول من حمل لواء المقاومة مع القوى الوطنية، وتربى وتتلمذ على أيدي السيد موسى الصدر.
قد تختلف مع هذا الرجل في محطات عديدة إلا في موضوع العداء لإسرائيل، وهو واحد ممن حمل السلاح ووقف على الجبهات في معركة خلدة الشهيرة وغيرها، وبعد أن تولى رئاسة مجلس النواب عام 1992، وتراجع دور حركة أمل العسكري في مواجهة العدو الإسرائيلي والإكتفاء بدور الرديف، وأُخليت ساحات المواجهة لحزب الله، أخذ الرئيس بري على عاتقه المقاومة السياسية بالأصالة عن نفسه وبالنيابة عن حزب الله، وحروب 1993 و 1996 و 2006 خير شاهد على ذلك.
تلقى بري الكثير من الإهانات والإتهامات، لا سيما بالفساد، وقد تعْذُر هؤلاء بمكانٍ ما، كون بعض المحيطين بالرئيس يحوم حولهم شبهة التورط بالفساد، وهذا غير مستغرب على كل أحزاب السلطة، لكن أن توصم تنظيم بطوله وعرضه بالفساد كرامة مجموعة لا تتجاوز عدد أصابع اليد أمر لا يجوز، والحركيون أنفسهم يقرُّون بذلك، أما أن يصل بالبعض لأن يشككوا بوطنية الرئيس بري هذا أمر معيب ومن يتبنّاه مغرض ولا يريد الخير لهذا البلد.
ثمة من في حركة أمل ممن يُعتز ويُفتخر بهم، ولن ندخل بالأسماء كون اللائحة تطول، هذا عدا عن القاعدة الحركية التي حفظت وصية الإمام الصدر وخطّه، الذي لا يختلف عليه إثنان ويُجمع عليه اللبنانيون، عن ضهر قلب، وصابرة على كل المآسي والجروح. وهم من دفعوا ضريبة المقاومة من ثمانينات القرن الماضي مع أقرانهم من القواعد الحزبية الوطنية والإسلامية التي قاومت إسرائيل.
نختم لنقول؛ ما هكذا يتم التعاطي بملف على هذا المستوى من الإستراتيجيا، ويشكل محطة مفصلية بتاريخ لبنان الحديث، ولا هكذا يتم تناول شخصية بحجم الرئيس بري الذي حمل "جمر" مفاوضات الملف المذكور أكثر من عشر سنوات، وتحمل التحديات التي أحيطت به وضغوطات الوسيط الأميركي، الذي تنفس الصعداء بعد أن إنتقل ملف التفاوض إلى الحكومة ورئيس الجمهورية، ونأمل أن ينجح الوفد اللبناني بالتفاوض برئاسة العميد بسام ياسين ويستفيد من خبرة الرئيس بري ومن صعوبة مراسه. وأن لا يُفرط بنقطة نفط واحدة ويتسلح بفريق من الخبراء والمختصين في كل الجوانب التي يحتاجها التفاوض، والله وليّ التوفيق.