الإثنين 07 تموز 2025 الموافق 12 محرم 1447
آخر الأخبار

فلنتوقف عن الكذب والدجل لنبني وطنا.. بقلم جعفر قرعوني

ياصور
يا أخوان، مشكلتنا في أوطاننا العربية ليست في أن زعماءنا يسرقون ويقمعون ويحتالون ويتلونون وكل ما ترونه من الآفات. مشكلتنا الحقيقية هي انهم يكذبون ونحن نعلم انهم يكذبون ولكن نحب أن نصدقهم. لماذا نصدقهم؟
لعل الجواب يستلزم الكثير من التحليل، ولكن الظاهر هو عشقنا لعبادة الأصنام البشرية! لاحظوا اننا نعبد الكثير من الاصنام البشرية، منها من وجدنا آباءنا لها عاكفين، ومنها ما صنعناه بأيدينا.
هناك سبب علمي لذلك، وهو فيزيائي.
من المؤكد في الطبيعة أن الأجسام تحب دائما أن تضع نفسها في الحالة التي تكلفها أقل طاقة Low Energy Level. يعني ان البقاء في الوادي لا يكلف طاقة لان اي ابتعاد عن القعر يعيدك اليه مجانا بينما البقاء في القمة مكلف وغير مضمون ويتطلب طاقة لان اي ابتعاد ينزلق بك.
عندما تعيش في الدول التي سبقتنا، تلاحظ أن الناس يعرفون ان السياسيين ملاعين! وانهم يستغلون مناصبهم لاهداف شخصية بطرق ذكية محكمة. ولكن الناس لا يشهدون لأي سياسي بالوطنية الصادقة، ولا السياسي يدعي الوطنية، وكذلك باقي القيم المستهلكة في بلادنا الى ابعد الحدود...
كالتسامح الطائفي مثلا. مامعنى التسامح الطائفي في بلد تنهشه الطائفية الإقطاعية؟
الناس في تلك البلاد تؤمن بما يتحقق لهم وما يلمسوه على ارض الواقع، ولا يعطون اعتبارا للذقون الممشطة.
يكفي ان نتذكر كيف اسقط الطلاب شارل ديغول. لم يرحموه لأنه ديغول ولم يخجلهم، بل لبى طلبهم بشرفيته.
نحن شعوب متخلفة ويجب ان نتعلم ان نتعلم من تجاربنا وتجارب غيرنا، وإلا فسنبقى مستعبدين.
الوطنية الحقة كما يفهمها من سبقنا تظهر عندما تحدق الاخطار بالوطن فيهب الناس للدفاع عن مكتسباتهم التي تجمعهم لأنهم حصلوا عليها بالتساوي، وليس بسرقة وظلم بعضهم البعض.

فلسفة وكلام فارغ طبعا...
ويبقى السؤال... كيف اهتدت شعوب العالم المتقدم...لقد تحملوا وصبروا. فالثورة الفرنسية واجهت مىة سنة من مقاومة الفساد حتى حققت اهدافها ولم تكن كبسة زر. طبعا هذه معلومة ستفرح "سياسيينا"، يعني ان معهم لغاية سنة 2043 لمىوية الاستقلال ليسرحوا ويمرحوا....
لعل الجواب هو أنهم تعلموا من تجاربهم مع المستغلين الكذبة الذين استعملوا الخداع والنفاق بكل اشكاله وافتضحوا بعد ذلك. الفرنسيون مثلا في كندا يقولون: La cravate ne fait pas le moine يعني ان المظهر لا يصنع الفضيلة... أما عندنا فالحرامية اكثر دهاءا وتلونا ووقاحة، وباعهم طويل.
لقد نجحت تلك الدول لأنهم يتكلمون بالأرقام، ونحن فشلنا لاننا نعتمد الكذب والدجل.....
فهل سنفيق ....؟
علينا أن نرفض تعطيل عقولنا ونتوقف عن عبادة الاصنام البشرية وان نترك الكسب الرخيص على حساب الاجيال القادمة. نحن اقدر من تلك الشعوب اذا رفضنا التخجيل على حساب حقوقنا واذا واجهنا وحاسبنا بعضنا.
وارجو المعذرة.....

جعفرقرعوني
تم نسخ الرابط