ندوة سياسية للدكتور مهدي عقيل في بلدة بريقع الجنوبية
تاريخ النشر : 04-12-2022 2
حاضر الباحث في العلاقات الدولية الدكتور مهدي عقيل في ديوانية أبو فضل العباس في بلدة بريقع الجنوبية، بدعوة من الشيخ أحمد مراد، وبحضور شخصيات عُلمائية ومجموعة من المثقفين والمهتمين، عن العلاقات المصرية الإيرانية.
وقدّم الدكتور عقيل سرد تاريخي لهذه العلاقة الجديرة بالبحث والقراءة، منذ ما قبل نيل مصر استقلالها، حيث عُقدت معاهدة "أرضروم" بين السلطنة العثمانية وإيران عام 1848، وعلى أثرها تبادل البلدان القناصل، لحين ارتقاء هذه العلاقة إلى مستوى سفارات عام 1922.
وثمة تشابه في أنظمة البلدين، في مصر تربعت أسرة محمد علي باشا قرابة نصف قرن على عرش مصر (1800-1952)، فيما توارث الحكم في إيران الصفويون ومن ثم القاجاريون وصولاً إلى سلالة آل بهلوي (1923- 1979).
وأكد الباحث على أهمية العلاقة بين مصر وإيران التي تتعدى الشؤون السياسية والاقتصادية إلى شؤون ثقافية ودينية، وهناك كثير من المؤلفات المصرية تُرجمت إلى الفارسية والعكس صحيح، خصوصاً ديوان حافظ الشيرازي. هذا عدا عن دور البلدين في توحيد القراءة الدينية والبعد عن التفرقة، وكان الفضل لعلماء الأزهر وقم بإقامة مجلس التقريب بين المذاهب في بداية أربعينيات القرن الماضي.
ساءت العلاقة بين البلدين بعد ثورة الضباط الأحرار في مصر وتماهيها مع انقلاب حكومة محمد مصدق في إيران، واختلاف توجهات وسياسات البلدين في الإقليم، خصوصاً أن الشاه محمد رضا بهلوي كان على علاقة وطيدة مع إسرائيل، مما دفع بالرئيس المصري جمال عبد الناصر إلى قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران اعتراضاً على اعتراف الشاه الرسمي بالكيان العبري. وظلّت مقطوعة لحين وفاة عبد الناصر عام 1970، حيث أعاد خليفته الرئيس أنور السادات وصل ما انقطع، وكانت مرحلة الوصال الوحيدة بين القاهرة وطهران في التاريخ الحديث.
وفي عام 1980 قطع الإمام الخميني علاقة بلاده مع مصر بسبب اتفاقية السلام الشهيرة (كامب ديفيد)، ليتبين أن إسرائيل هي السبب في القطيعتين المذكورتين، وما زالت مقطوعة حتى أيامنا هذه.
وبُعيد الحرب العراقية الإيرانية، أمل كثيرون بتحسن العلاقة بين البلدين، لا سيما مع سياسة الرئيس الاصلاحي علي أكبر رفسنجاني، لكن جلّ ما توصل إليه البلدان هو اعتماد مكاتب لتسيير أعمالهما في مطلع تسعينيات القرن الماضي.
وأكد الدكتور عقيل أن السبب الحقيقي المانع لعودة العلاقات هي إسرائيل، التي تخشى أي تقارب مصري إيراني، والذي من شأنه تغيير قواعد اللعبة في الإقليم بل تغيير وجه المنطقة، إضافة إلى معارضة دول الخليج لذلك، والذين ويدفعون بقوة نحو استمرار القطيعة، مستغلين حاجة المصريين لهم ولمساعداتهم واستثماراتهم، لا سيما بعد ثورة 25 يناير عام 2011 وتعطل العجلة الاقتصادية في البلاد.
وقال المحاضر: "أن امتناع مصر عن المبادرة إلى إعادة العلاقات بحجة الوقوف عند هواجس أهل الخليج ليس دقيقاً، وربط أمن الخليج بالأمن القومي المصري، وإن الطريق من القاهرة إلى طهران لا بد من أن تمرّ من الخليج ما هي إلا تبرير حتى لا تعود العلاقات ولا تُزعج القيادة المصرية الأنظمة الخليجية الرافضة بشكل كلي لعودة تلك العلاقات".
واستغرب عقيل، كيف أن هناك علاقات لمختلف دول الخليج مع إيران ويحرّم ذلك على مصر. والسعودية، منذ ما يقرب من سنة ونصف، وهي تعقد لقاءات مع إيران في العاصمة العراقية بغداد، لتذليل العقبات أمام عودة العلاقات المقطوعة منذ العام 2017، فيما الإمارات وعُمان مثلاً على علاقات وطيدة مع إيران.
وانتهى الدكتور عقيل بأن عودة العلاقات المصرية الإيرانية مرهون بقدرة مصر على حسم قرارها واتخاذ الخطوات التي تراها مناسبة لها ولمصالحها. وليس من المنطق بمكان أن تنتظر إشارة من هنا وإيماءة من هناك، إنها أرض الكنانة – أم الدنيا، صاحبة المكانة والدور الكبيرين في المنطقة، لا بدّ أن تعود إلى سابق عهدها، في الوقت الذي تبدي فيه إيران استعدادها الدائم في أي لحظة لعودة هذه العلاقات.
وفي الختام دار حوار بين المحاضر والحضور تناول مختلف القضايا التي تهم كل من مصر وإيران، وعبّر معظم المشاركين عن رغبة في عودة تلك العلاقات التي يعول عليها الكثير حسب تعبير صاحب الدعوة الشيخ أحمد مراد.

   

اخر الاخبار