ما مصير الطفلة الرضيعة التي عثر عليها جانب الطريق تحت زخات المطر في برد قارس ؟!
المصدر : عبير محفوظ
المصدر : عبير محفوظ
تاريخ النشر : 25-12-2022
صور تعبيرية
صور تعبيرية
"ظهر الامس، نشر موقع "يا صور" نقلا عن مصادر شمالية خبر العثور على طفلةٍ رضيعة لا يتعدّى عمرها الـ3 أشهر، مرمية على جانب الطريق في محلة  شارع الحرم أبي سمراء. كما افيد تسليم الرّضيعة إلى القوى الأمنية ومباشرة التحقيقات في القضية، حيث نقلتها فرق جهاز الطوارئ والاغاثة الى مستشفى طرابلس الحكومي. 



وكالعادة مع نشر مثل تلك الاخبار، تداعت التعليقات والمنشورات التي تتناول هذه القضية الاجتماعية الاخذة بالانتشار يوما بعد يوم. فالبعض اكتفى، من خلف شاشته، بكيل الشتائم بحق اب وام تجردا من ابسط معاني الانسانية والرحمة واقترفا ما لا تجرؤ عليه الحيوانات الضالة في الشوارع، وهذا صحيح لا يختلف عليه من يملك ادنى مقومات "الشعور والرحمة"، خصوصا في ظل البرد القارس والامطار الغزيرة التي كانت، لا قدر الله، لجرفت بسيولها الطفلة المسكينة الى مصير أكثر شؤماً. 



وكذلك، بادر الكثيرون الى المطالبة باحتضانها والسؤال عن أحوالها، خصوصاً الأزواج ممن لم يمنن الله عليهم بنعمة الامومة والابوة، فابصرا فيها، كما في كل طفل أو طفلة يتخلى عنهم من يحملون دمهم وعاشوا في احشائهن شهوراً، الامل الواعد ببسمة بريئة تنير حياتهم وتسعدهم وتنقذ الرضع من "المجهول" في مجتمع "لا يرحم"، خصوصاً الفتيات، من وصمات العار وهن "لا ناقة لهن ولا جمل" بذنب ما اقترفنه. 



أما القيمون على شؤون الدولة، فكما جرت العادة... لم يبادروا ولن يبادروا... فقد تفاقمت هذه الظاهرة بشكل ملحوظ، وتتناقل اخبارها مواقع التواصل الاجتماعي بكل شجب وغضب ممكن، ممزوجا بدموع الحسرة والقهر والاسى... يبرر البعض الجريمة الأنكر بالظروف الاقتصادية القاهرة التي تصيب الازواج أحيانا ، وهو ما لم ولن يكون مبرراً يوماً لحمل أتم في اطار الشرعية ثم تزهق ثمرته في غياهب الهروب من المسؤولية.... أما آخرون فيرون فيها "هروبا لأم حملت بها خارج اطار المؤسسة الزوجية" ولكنها خافت "غضب الله" فما اجهضت طفلها أو طفلتها، بل انتظرت ولادتهم، وعاشت ما عاشته معهم من مشاعر هي الارقى على الاطلاق من نبضات الامومة وتغلغل الروح المباركة في احشائها، ثم قررت رميهم "لاصحاب الايادي البيضاء" وانبرت تدعو الله ليغفر لها وللاب الجبان وأن يرزقه ذريتهما "من هم احن من ام  واب" !!! 



وفي جميع ما سلف من حالات، تبرز الحاجة الماسة والضرورية في لبنان الى تفعيل اجهزة الدولة ومنظمات المجتمع المدني، خصوصا المعنية بالشؤون الاجتماعية والصحية، لتامين الارشاد النفسي والاجتماعي والدعم المادي والصحي للأمهات بحال مرورهن بمثل هذه الحالات، شرعا او خارج اطار "الشرعية"، لان الجريمة الاكبر ليست "جريمة التخلي عن الشرف" (كما يسمونها)، ولا "جريمة ازهاق روح" (عبر الاجهاض).... فالله الستار الغفار الرحيم ايضا هو الداعي للاحتكام الى العقل وعدم القنوط ولا اليأس من رحمة الله.... فليقم المعنيون بواجباتهم لدعم الاسر بما يلزم لتنظيم الاسرة وحماية حقوق الاطفال بحياة سليمة تدعم نموهم السليم جسديا ونفسيا، وليقوموا بمسؤولياتهم الاخلاقية والاجتماعية بتأمين ما تحتاجه المرأة الحامل والعاجزة عن تأمين الحماية لها ولجنينها (بصرف النظر عن الموقف من الحمل خارج اطار المؤسسة الزوجية وهو ما يرفضه ويشجبه المجتمع اللبناني خصوصا والشرقي عموماً لاعتبارات دينية واخلاقية واجتماعية عدة).... فالقاء الطفل الى المجهول انما يرمي الى حضن المجتمع آفات اجتماعية قادمة أكثر فظاعة وخطراً على حياته وحياة ابناء مجتمعه، ما لم يتم انقاذه من قبل خيرين.... 



هذه الطفلة الرضيعة ستسجل مع كثر من رفاقها ورفيقاتها، على نعومة اظفارهن، على لوائح التبني لتدرس الاجهزة الامنية ملفات المتقدمين لتبنيهم .... ولكن ان لم نبادر لتجنب "العثور على طفل او طفلة رضيعة" في الشوارع وفي سلات القمامة وعلى ابواب المساجد والكنائس، وكي لا تضيع الانساب والارحام وتتفاقم الافات الاجتماعية، لا بد من خطة وطنية شاملة لتفهم اسباب تزايد هذه الحالات وسبل حماية هؤلاء الاطفال الرضع ممن يجب أن يقوموا بحمايتهم وأن يكونوا لهم أهلا فاصبحوا لهم من اشرس الاعداء.... هذا ما لم يتم العثور على امها وابيها، ليطرح السؤال الاصعب: هل سيستحقون شرف تربيتها من جديد ان عادت لحضنهم بعد "صحوة ضمير"؟ !

   

اخر الاخبار