أربعـوُن ثانيةً.. بقلم فضيلة الشيخ غازي حمزه

أربعـون ثانيةً وهم يتسألونَ عن ريختر وميزانهِ المُنصف للمشاعر من دون مواربة . وعن طبقات الأرض وقشرتها وعن مفهوم المركز والإرتداد الذي أقلقَ البلادَ والعباد . حتى إن البهائم تحتاطُ فتخرجُ من مخابئها . هكذا سمعتُ بعضهم يقول .
أربعون ثانيةً من الرقص البطيء للأرض المنكوبة بحاكميها وبمنْ تَحملُ فوق ظهرها أحياناً .حركَ برقصتها أحاسيس الجحافل من الأموات الذين يَجأرون بالتحدي الصريح للخالق ولإبداعه الجميل .
وكأن الوباء المَار من خلف أقنِعتهم . ثم إختلال الموازين في المعيشة والغذاء . وليس إنتهاءاً بأزمات تَتفوقُ على القلب في تَحمُلها لا تعنيهم . إلا ما يستجمعون من ملذات خاصه .
لكن ثوانٍ من الرقص المُسجل في الصدور . ولمن تَحسَسهُ .أذهبَ المغانم برمشةٍ . ليُبقي سنَّانيراً في الأحداق . كبَريدٍ مُستعجلٍ ينقلُ الصورَ لأذهانهم .
أربعون ثانية لا أكثر . كان التسليمُ فيها للخالق وحدهُ . وليس لزعيم أو المذهب والعرق.
ثم بسط سبحانهُ الأبصار للتأمل البسيط في مرمىَ النفس . بأي حال نحن فيه؟
فذا يهرعُ وذاك يهرولُ وأخر يخشى أو يطمئن من تصدع مبناه بعد تصدع أماله أو أحلامه .
ناهيكَ عن الأراء المُفعمةِ بالتبرير والتبريد . أو إستخراج العلل والبراهين الدينية . في غضب السماء أو رضاها بما جرى . فلأنيةُ خاويةُ ولا تنضحُ إلا بغبار من فوقَ التصدُعات إجمالاً .
أربعون ثانية ولن تقفَ ههنا . طالما الجورُ مُستفحلُ والظلمُ سائدُ والرعايا لاجئون . والمنكوبُ خائفُ والحاكمُ مُهرج فوق مصائب الناس .
فأُمُنَا الأرضُ قررت المشاركةَ مع المناخ في إعادة ترتيب المفاهيم الواقعيه . فاليس غضباً من السماء أو لأن من عليها يتحدون الخالق . بل لتُحافظ على خلاياها التي تُستَئصل من رحمها عنوةً من دون حق .
أربعون ثانيةً وقد رتلَ الناسُ من بعدها أيات الخالق .وتسابيح القدسين واستغفارات المخلوقين من دون جدوى!
اذا لا جَدوةَ من قلوب قتلتها التجارب مع سلاطين حُب البقاء . ولم يكن البقاءُ يوماً أو للحظةٍ إلا للباقي سبحانهُ .
أربعون ثانيةً من أعمارنا كانت بمثابة دُعاء ودعوى . على ماضينا ولمستقبلنا الذي لا يستقيمُ إلا بالعلم والعمل . الخالصان لوجه الله الكريم ولإنسانه المسكين الذي يكفيه من الخوف ما هو فيه .
أربعون ثانية والعمر يترنحُ في حسابهَا المصروف .فلعل الحساب أتٍ أو فُتحَ من جديد لشعوب . لم تُشرعَ نوافذَ العقل أو القلب لخالقها . بل لما هم دونه . فعسى الرجوع اليه أنفع وذكرهُ أنجع سبحانه
أربعون ثانيةً أكثرُ بكثير من عمرٍ طـويل .لمنْ عاشَ أو يعش الكفاح والمُعاناة . والترفُ قصيرُ ولإن طال أمَدهُ .
الشيخ غازي حمزه