الإثنين 06 أيار 2024 الموافق 27 شوال 1445
آخر الأخبار

'فيديو الغراب' يُجدّد النّقاش حول 'نبوءة زوال إسرائيل'!

ياصور
" جدد الفيديو الأخير لغراب يُسقط العلمَ الإسرائيلي أرضاً، بعدما كان معلقا على سارية فوق إحدى البنايات، المخاوف الاسرائيلية على مستقبل الكيان الذي يواجه حرباً مفتوحة مع الفلسطينيين، وتحديات داخلية وسط انقسامات سياسية توجتها دلالات الفيديو المنتشر بكثرة في منصات السوشال ميديا في الأيام الأخيرة.



وبينما لم يُعرف الزمن الدقيق للواقعة ولا المكان، وتمّت الإشارة إلى أنه حدث في إحدى المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، لا يعد فيديو الغراب الأول من نوعه، فقد أظهرت فيديوهات مماثلة، في وقت سابق، الطائر وهو يُسقط العلم أو يقوم بتخريبه، وحذت حيوانات أخرى، مثل القط، حذو الغراب في تمزيق العلم أو إسقاطه، بحسب ما أظهرته فيديوهات أخرى.

وفي كل مرة تتخذ التفاعلات الفلسطينية والعربية سياقات متعددة، فتتنوع بين تلك التي عدّتها نبوءة بشأن قرب زوال إسرائيل يوماً ما، ارتباطاً بالصورة المرسومة في ذهنية المستوطنين تاريخياً عن الغراب كنذير شؤم، بينما وضعتها تعليقات أخرى في سياق الدليل على "كُره الحيوانات لإسرائيل"، وثالثة تفاعلت مع الفيديو بطريقة ساخرة تجاه دولة الاحتلال. إضافة إلى رابعة، ربطت الواقعة بتواريخ توقَّعها بعض رجال الدين لقرب الزوال، استناداً إلى ما وصفوها بـ"أبحاث مستمرة في أسرار الأرقام القرآنية"، وهي منهجية بحثية محط خلاف وجدل دائمين بين مشايخ الإسلام عبر التاريخ.



وتساءل مغردون: "هل هي صُدفة أن يتكرر الفعل نفسه تجاه العلم الإسرائيلي من طائر الغراب؟ أم أنها تنطوي على رسائل بشأن ما هو قادم؟"

الغراب.. طائر ذكيّ وليس شُؤماً
والحال أنّ الغُراب يفضل البعضُ النظرَ إليه كطائر ذكي أكثر من وصفه تقليدياً بـ"طائر الشُؤم"، لكنه بدا، في البُعد النفسي والسيكولوجي في خضم حالة اليأس والتفكك العربي إزاء سطوة إسرائيلية بلا رادع، وكأنه جاء ليخفف من حدة اليأس، في منظور البعض، عبر منحهم "إشارة بقرب نهاية إسرائيل".. غير أنّ هناك وجهات نظر فلسطينية وعربية تعتقد أنه يجب ألا تُعطى هذه الفيديوهات أكثر من حجمها، فهي مجرد مشاهد ساخرة للاستهزاء بإسرائيل وغطرستها. وقد يقوم الغراب نفسه بأفعال مشابهة في مناطق أخرى!

وحذر أصحاب هذا الرأي من التوغل في توظيف هذه الفيديوهات وكأنها تأكيد حتمي على قرب نهاية إسرائيل؛ لأنها تعني سكون الفلسطينيين والعرب وثنيهم عن "الفعل" الذي يؤرق الاحتلال ويقرب نهايته، وبدلاً من ذلك ستصعد إسرائيل أكثر، بمنظورهم.

تفاعل إسرائيلي متباين
اللافت أن التفاعل مع "فيديو الغراب" لم يكن فقط فلسطينياً وعربياً، بل انضم إليه إسرائيليون عبر مشاركتهم للفيديو في صفحاتهم في "فايسبوك" و"تويتر" و"تيك توك"، إذ رصدت "المدن" تعليقات متباينة لهم، إما بالضحك، أو اعتباره من قبل معلّقين إسرائيليين "أمراً عجيباً لأنه تكرر"، فكتبت امرأة إسرائيلية: "ربما هو يرى شيئاً لا نراه نحن!"

سجال داخلي
بيدَ أنّ التعليقات الإسرائيلية لم تنحصر في دلالات فعلة الغراب بشأن عُمر إسرائيل وبقائها، بل استغلتها شخصيات يمينية في السوشال ميديا في سياق السجال السياسي الداخلي، فكتب أحدهم ساخراً من المعارضة: "يبدو أنه غراب يساري"، وذلك للتشكيك في ولاء اليسار لإسرائيل. وكتبت تغريدة أخرى استهزاء بالمتظاهرين ضد "خطة التغييرات القضائية": "هذا غراب فوضوي".

وكعادته في مثل هذه المناسبات، لم يغب الصحافي الإسرائيلي من أصل لبناني، إيدي كوهين، عن محاولات "تسخيف" التفاعل الفلسطيني والعربي مع "فيديو الغراب"، تارة بالنشر عن "وفاة فنان مصري استهزأ بالعلم الإسرائيلي"، وتارة أخرى بالادعاء بـ"حتمية بقاء إسرائيل..وضعف العرب وتفككهم".

"الانهيار من الداخل؟"
بعيداً من السوشال ميديا وصخبها، فمن الناحية الموضوعية، ثمة نقاش إسرائيلي بحثي وأمني وسياسي يتصاعد في الآونة الأخيرة بشأن عُمر إسرائيل ومخاطر تفككها وزوالها، وكان أبرزها مقال كتبه، أخيراً، رئيس معهد الأبحاث الاستراتيجية الإسرائيلية "مسغاف"، مئير بن شبات، بعنوان تحذيري: "من دون قصد، يمكن أن تنهار إسرائيل من الداخل"، وهو ما ينسجم مع نقاش إسرائيلي يرى أن أي زوال للدولة العبرية سيكون لسبب ذاتي وداخلي بالدرجة الأولى، وليس نتيجة معركة مع العرب والمسلمين.

واختار الكتاب الإسرائيلي، احتفال إسرائيل بذكرى نشوئها، قبل أيام، ليطرح سؤاله بشأن مسألة الارتباط بين يوم "ذكرى القتلى الإسرائيليين" و"يوم الاستقلال"، معتبراً أن انتقالاً سريعاً وحاداً يفرضه الوقت القصير بينهما، حيث الانتقال من "الحزن الشديد إلى الفرحة.. ومن الصمت والعزاء إلى الأجواء الصاخبة والاحتفال والتهليل".

لكنه اعتبر أنه بالرغم من صعوبة الانتقال بين المناسبتين، فإن ذلك قاد بالمحصلة إلى ما سمّاه "التحول إلى أحد أهم رموز الهوية الإسرائيلية"، في إشارة ضمنية إلى أن هذه الهوية بدت وكأنها تتلقى ضربات داخلية.

وأبرز مائير بن شابات "الظروف المعقدة" التي تعيشها إسرائيل الآن، مشيراً إلى "أنها موجودة اليوم في إحدى أصعب الأزمات التي شهدتها في تاريخها، بفعل خطر يهدد حصانتها القومية، وعمق وسعة الانقسام بين مكوناتها المجتمعية، ما فتح جروحاً عميقة من الماضي لم تُشفَ بعد"، على حدّ تعبيره.

"سفينة في مياه هائجة"!
وشبّه الرئيس السابق لمجلس "الأمن القومي الإسرائيلي"، إسرائيل اليوم بسفينة تبحر في مياه هائجة تخشى الاصطدام بكتلة جليدية، محذراً من أن مسؤولية قيادتها إلى "بر الأمان" تقع على "القيادة"..ودعا الإسرائيليين إلى الانتباه لأفعالهم التي يمكن أن تؤدي إلى إغراقها، حسب قوله.

ويبدو أن طائر الغراب لن يوقف معركته مع العلَم الإسرائيلي، فيُصعّد النقاش الفلسطيني والإسرائيلي بشأن نهاية إسرائيل بين الفينة والأخرى، بينما تُسابق دولة الاحتلال الزمن لتكريس وقائع جديدة في الضفة الغربية وكأنّها تستعد ليوم ما.. فالضفة والقدس هما أصل الحكاية وصراع الرواية التي وظفتها الحركة الصهيونية كذريعة لإقامة الدولة العبرية على أرض فلسطين.
تم نسخ الرابط