تآكل الردع وتحييد'حماس'.. بعيون إسرائيلية بقلم د. مهدي عقيل
سعت حكومة بنيامين نتنياهو من اليوم الأول للعملية الأخيرة على غزة، إلى تحييد “حماس” وحصر المواجهة مع “حركة الجهاد الإسلامي”. وراحت تُجري من اليوم الأول الاتصالات يميناً ويساراً لتهدئة الأوضاع ووقف إطلاق النار. ويقول عاموس هرئيل في “هآرتس” إن تأخر الرد الفلسطيني ليوم ونصف “كان أمراً استثنائياً جداً، وأثار قدراً لا بأس به من علامات الاستفهام في إسرائيل.. لقد كانت إسرائيل هي التي ضُغِطَت. الحياة اليومية في العديد من بلدات الجنوب شُلت وهي تنتظر الرد الفلسطيني”.
ويضيف هرئيل بأن “حماس” عرفت كيف تُدخل الإسرائيليين في هلع دون أن تضغط على الزناد، وتركت معظم النشاطات للتنظيم الأصغر. على الرغم من أن “حماس تمتلك قوة النيران الأهم”. ومن هنا نفهم استماتة الحكومة في اتباع سياسة إبعاد الأخيرة عن المواجهة، ويحذر الكاتب من مغبة هذه السياسة “إذا بقيت حماس قوية نسبياً ولا تخاف من إسرائيل، من الواضح أن كل التصريحات عن إعادة الردع الإسرائيلي يعتبر كلاماً فارغاً”.
أما زميله عاموس جلعاد في “يديعوت” فيُحذر حكومته بأنه “إذا ما نجحت حماس في السيطرة على يهودا والسامرة فسيكون التهديد على إسرائيل حتمياً”.
ويتوقع بن كاسبيت في “معاريف“، مستقبلاً مزدهراً لحركة “حماس”، ويقول: “كل عام يمر يزيد من قوة حماس وقدرتها على إلحاق الأذى بنا. لم يتم تعريفها بعد على أنها تهديد وجودي، ولكن على هذا المعدل سنفعل يوماً ما، إذا ما استيقظنا ووجدنا حزب الله على سور عسقلان، ستكون كارثة استراتيجية لا يمكن تصورها، لكن لن يكون لدينا وقت لتشكيل لجنة تحقيق”.
بدوره، يرى ميخائيل ميلشتاين الصحافي في “القناة 12” العبرية، أن ثمة حاجة لإسرائيل الغارقة في أزمة داخلية لا تنتهي إلى الاعتراف بأنه تحت رعاية الاضطرابات الداخلية التي ابتليت بها في السنوات الأخيرة، “تتعزز حماس وشهيتها للسيطرة على النظام الفلسطيني”. وبالتالي، يجد أن التعامل مع المنظمة لا يمكن أن يرقى إلى مستوى “المساعدات الاقتصادية”، إنما يتطلب استراتيجية منهجية طويلة الأجل ومتعددة الأبعاد ومتعددة المجالات.
صحيح أن كتّاب الأعمدة الإسرائيليين، يجمعون على نجاح الجيش في استهداف ثلاثة من أبرز قادة “الجهاد”، يُصنّفون من الصف الأول، وإثنان من الصف الثاني، لكن، حسب تعبير ميلشتاين أيضاً، “من السابق لأوانه القول إن الردع الإسرائيلي، الذي تآكل إلى حد ما في مواجهة الأزمة السياسية في البلاد، قد عاد”.
وبهذا الصدد، يرى أكثر المتفائلين أمثال يوآف ليمور في “إسرائيل هيوم” أن “تحقيق أقصى تأثير، قد يسمح بفترة صمت طويلة قدر الإمكان حتى يتم التوصل إلى حل آخر”.
وفي “معاريف” يقول بن كاسبيت للمنتشين بالنصر من الإسرائيليين، “إن الانتصار الإسرائيلي بعيد المنال، يصعب تحقيقه ويكاد يكون خيالياً، بينما (حركة) الجهاد تحتاج فقط إلى سقوط (صاروخ) واحد حتى يرضيها ذلك، وهذا ما يسمى بالصراع غير المتكافئ”.
ويقول عاموس هرئيل في مقالة أخرى له في “هآرتس“، أنه و”على الرغم من “الطبطبة على الكتف” التي تقوم بها إسرائيل مع نفسها، ثمة من يدرك في غزة أن الإسرائيليين يفضلون عدم التصادم مباشرة مع “حماس”..
وينتقد زميله في الصحيفة نفسها، يوسي كلاين، جموح إسرائيل للنيل من “حركة الجهاد” ولو عن طريق إزهاق أرواح أطفال، واصفاً قتل الأطفال على أنه “الأفظع من بين الأعمال الإجرامية. ليس هنالك جريمة أحقر منه”. وينصح الكاتب وزير الأمن الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، تعديل شعار انتخاباته “50 مخرباً قتيلاً مقابل كل صاروخ”، ليصبح “50 طفلاً قتيلاً مقابل كل صاروخ”.
أما زميلهما في الصحيفة نفسها أيضاً، روغل الفر، فلا يرى جدوى من اغتيال قادة “الجهاد”، انطلاقاً من قاعدة “أن الذين اغتيلوا سيحلّ محلهم آخرون. ومَن سيحل محلهم سيكون له الأهداف وأساليب العمل عينها”، ويتساءل “ألا تشعر بأنك مثل الذبابة التي تصطدم ألف مرة بالنافذة المغلقة”؟