اللواء عباس ابراهيم.. بين ساسة عوانس وبين سلطة ووطن.. بقلم العميد المتقاعد حسين عاصي
تاريخ النشر : 11-06-2023 12
انتهت مهمة اللواء عباس ابراهيم مديراً عاماً للأمن العام، والتي تولاها منذ عام 2011 وانتهت مع بلوغه سن التقاعد كعسكري ( 58 عاما ) ليعاد تعيينه من جديد كمدني حتى الأسبوع الماضي مع بلوغه سن التقاعد ( 64 عاما ) .
خلال مراحل حياته العسكرية إبان تخرجه من الكلية الحربية ضابطا في قوى الجيش، ومن ثم انتقاله إلى مديرية الأمن العام تدرج اللواء ابراهيم في مناصب متعددة وشغل مراكز عديدة تولى خلالها مهام أمنية ومخابراتية حساسة، إلى جانب خضوعه لدورات تدريبية عدة في الحارج، مما أكسبه طاقاته عسكرية وأمنية و سياسية إلى جانب علاقات دولية وظفها من أجل خير الإنسان والوطن، عبر خلالها المذاهب والطوائف ، واجتاز الآفاق ، إقليمية ودولية، عربية وأوروبية من مشارق الأرض إلى مغاربها؛ حتى غدا من خلال ذلك ملاذ كل جهة تعاني مشكلة أمنية أو سياسية ، أفرادا ومنظمات ودولا وحتى رؤساء وزعماء .
أتحدث عنه بطلاقة كوننا جمعتنا أخوة السلاح ، فكنا زملاء في الكلية الحربية، وبقينا على تواصل بعد التخرج، ومنذ ذلك الحين تلمست فيه منهجية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في معالجة شؤون الوطن، وأطلقت عليه لقب بوتين الشرق، والذي حمل لاحقا عنوانا لغلاف إحدى المجلات .


* * *
كان نجاحه في انقاذ أطفال ونساء بؤساء وانتشالهم من براثن الجحيم في مخيمات الحرب السورية، فاستعان به زعماء في بلدانهم مثل رئيس وزراء البانيا " إيدي راما " الذي خصّ اللواء إبراهيم بأرفع وسام ألباني في تشرين الاول 2021 لإيفاء المسؤول الأمني اللبناني حقه. وذلك في خطابه الذي وصفه فيه بـ «الوالد المجهول للألبان» نظراً لقيادته الرفيعة المستوى لعمليات تحرير واسترجاع عدة أطفال ونساء من مخيم «الهول الشهير»، .
* * *
..
على مدى هذه الأعوام استحق اللواء إبراهيم لقب «الأمني النظيف» حيث سخّر الأمن لخدمة المواطن، وبرع في أن يكون سياسياً ودبلوماسياً إلى جانب كونه عسكريا أتقن فن «القوة الناعمة»،

كان دوره محوريا في ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل . إلى جانب دوره في تحرير مخطوفين مع «جبهة النصرة» ..

نجح في تحرير الحجاج اللبنانيين الذين خطفتهم «جبهة النصرة» في منطقة أعزاز في محافظة حلب في سوريا في العام 2012 ، وفي تحرير راهبات دير «مار تقلا» الأرثوذكسي في بلدة معلولا بالقلمون شمال دمشق في العام 2014، وفي فكّ أسر 17 عسكرياً لبنانياً من قوى الأمن الداخلي من يد «جبهة النصرة»، وكذلك تحرير الحاج علي تاج الدين من الأميركيين .

ولم يكن لبنان وسوريا ميدان إنسانيته وحسب، وإنما تخطى ذلك إلى تحرير الرهائن الأجانب من سام غودوين السائح الأميركي الذي فقد في سوريا، إلى الرحالة الكندي كريستيان لي باكستر الذي فقد أيضاً في سوريا، وصولاً إلى تحرير رجل الأعمال الأميركي اللبناني نزار زكا من السجون الإيرانية، والأطفال والنساء الألبان الذين أسهم اللواء إبراهيم بخروجهم سالمين من مخيمي «الروج» و«الهول» في سوريا.
.
وقد وصل به الأمر إلى ما كشفت عنه صحيفة «الواشنطن بوست» الأميركية في تقرير نشرته في 26 أيار 2022 أن «رئيس ( الأمن العام اللبناني ) اللواء عباس إبراهيم التقى مسؤول إدارة الرئيس جو بايدن للبحث في تأمين اطلاق سراح ستة أميركيين محتجزين أو مفقودين في سوريا ومن ضمنهم الصحافي المستقل (وأحد أعضاء البحرية الأميركية السابقين) أوستن تايس الذي كانت له مساهمات كتابية في "الواشنطن بوست"
* * *
إنها نماذج وأمثلة مما قام به اللواء عباس ابراهيم ومثلها الكثير؛ لينتهي الأمر بالسياسيين اللبنانيين إلى إخفاقهم في إيجاد المخارج القانونية والتشريعية للتمديد له مديرا عاما للأمن العام، حيث بات كل سياسي يحيل الموضوع إلى آخر؛ كون اللواء عباس ابراهيم لم يتسكع على باب زعيم ولم يسترض سياسيا لتولي مركز أو تبوّء منصب.
...سقطت كل مفاهيم تدوير الزوايا وتشريع الضرورة والفذلكات القانونية التي كانوا روادها عندما كانت لهم فيها مكاسب ومغانم و.. محاصصات.
أجل، يتطلع السياسيون في لبنان إلى سلطة، في حين أن اللواء عباس ابراهيم يتطلع إلى وطن ويصبو إلى إنسانية وعدالة .
واليوم، وبعد أن كان ما كان ، تترسخ قناعة اللواء عباس ابراهيم ويزداد يقينا بأن الإنسان عندما يبلغ الآفاق من خلال منجزات ونجاحات لايعود ملكا لنفسه، وإنما يصبح ظاهرة ملك المجتمع والإنسانية ، وتتضاعف المسؤوليات ليكون وفيا لها ومستعدا لتحملها ، وهذا ما يشعر به اللواء دون أن يتهيبه ، بل يبدى حماسا واستعدادا لتحمله ليكون الرقم الصعب في المعادلة وفارس المهمات الصعبة في الوطن وفي كل مكان .

   

اخر الاخبار