السبت 04 أيار 2024 الموافق 25 شوال 1445
عاجل
آخر الأخبار

'أطفال لبنان مهددون'... قتل واعتداء، تعذيب وحرمان من أبسط مقومات الحياة: والمسؤولون بين 'غارق في عسل الإهمال' و 'مشغول بتكديس مليارات الدولارات الفريش' من التبرعات !!

ياصور
"كما في كل أزمة إنسانية، ينال الاطفال الحصة الأكبر من كل معاناة كونهم الحلقة الأضعف في النسيج الإجتماعي والأكثر اعتماداً على صيرورة غيرهم، مادياً ونفسياً واجتماعياً.... لذا تداعت الجهود عبر العصور لتشكيل جمعيات تعنى بالطفولة والأحداث، بهدف حمايتهم ورعايتهم وإنقاذهم من براثن الخطر.... إلا أن الحال في "وطن النجوم" مخيف حد الريبة: كلما اشتدت أزماته المتتالية، ضعف دور الكثير الكثير من هذه الجمعيات والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية حد الاضمحلال كلياً .... ليترك أطفال لبنان، من مواطنين ومقيمين على حد سواء، لمصير مجهول لم تحمهم منه مليارات الدولارات التي تتدفق على جهات موكلة برعايتهم.... فمن يحاسب من؟

شهر تموز 2023 كان دموياً بامتياز لأطفال واحداث لبنان.... فعن هذا البلد المأزوم والذي لا يتجاوز عدد سكانه 7 ملايين نسمة، تصدرت أخبار العثور على الاطفال حديثي الولادة صفحات الحوادث....كان كلب أحن على طفلة من ذويها وحمى لهيب الاسفلت آخرين من برودة أهلهم... اهتز الضمير العالمي لمقتل الطفلة "لين" بعد تعرضها لاعتداء جنسي وحشي من اقرب المقربين كما تشير التحقيقات الجارية، كما تداعت الأنباء عن حوادث الاعتداء والتحرش بقاصرين آخرين.... تبادلت الاطراف السياسية التهم حول انتماء قيمين على جمعية كان المفروض بها رعاية الاطفال والاحداث، فاذ بشبهات تطوف حولها حول دورهم في الاتجار بالبشر واستغلال الطفولة البريئة لأغراض دنيئة.. تحولت دور الحضانة من دور احتضان الى دور اعتداء... سالت دماء أطفال جراء اصابتهم برصاص "طائش" قاتل في العديد من الأحداث الأمنية التي نشرها "يا صور" ...

وبينما يكفكف أهالي الضحايا الملائكيين دموعهم، لا يبدو مستقبل "الأحياء" من الأطفال في لبنان أكثر إشراقاً.... فبينما يتسابق المعنيون في وزارة "التربية" (كما تسمى) ونقابات المعلمين ووزارة المال والتخطيط وغيرها من الجهات اللبنانية كما الجهات المانحة تربوياً الى اعلان الاخبار المشؤومة عن مصير "مؤسف" للمدارس والثانويات الرسمية مع تقاعس الدولة عن تأمين أبسط مقومات الصمود للاساتذة والمعلمين فيها، ما يهدد مئات آلاف الطلاب فيها ممن لا يستطيع أهلهم تحمل "جشع" و"استشراس" ادارات الكثير من المدارس الخاصة ومغالاتها في اقساطها في ظل أزمة اقتصادية خانقة مستمرة منذ ما قبل "عام الانهيار المعلن" (2019) .... فهذه الازمة التي أثرت على طلاب لبنان عجزاً عن تأمين حاجياتهم الاساسية لناحية الغذاء الصحي والدواء الشافي غير منتهي الصلاحية، اضافة الى ما يتطلبه حسن تربيتهم النفسية والجسدية والثقافية كما الاجتماعية....

تكثر هذه الجرائم بحق الطفولة خصوصاً في المناطق التي تعاني أكثر من غيرها من تبعات هذه الازمة الاقتصادية والتي تتكشف يومياً في أزمات اجتماعية وأخلاقية أشد وطأة... فما نُشر ما هو الا القليل القليل من حوادث العنف التي يتعرض لها الأطفال في منازلهم، في شوارعهم، في مدارسهم، وفي محيطهم الأكبر... وغالباً ما يكون المعتدون من أقرب المقربين لهؤلاء الاطفال ما يساهم في "طمطمة" الحادثة خوفاً من الفضيحة ولكن....

أين هي جميع المنظمات المحلية الحكومية وغير الحكومية (NGOs) التي تدفقت عليها مليارات الدولارات في سنين الازمة الراهنة أقله بغية تدريب وتأهيل منتسبيها (غير المتطوعين الساعين للفريش دولار بنسبة كبيرة منهم) حول كيفية حماية الطفولة من حمم الازمة الراهنة؟ فهل بات دور الأجهزة الأمنية انتظار وقوع الأزمات لاصدار تقارير اخبارية عنها فقط؟ اين هو دور الاجهزة الرقابية الرسمية في وزارات التربية والصحة والشؤون الاجتماعية وغيرها؟ أين هو المجلس الاعلى للطفولة؟ ماذا عن الكثير من منظمات المجتمع المحلي؟ أم ان دورها يقتصر على تصوير بعض انشطة البالونات والرحلات الميدانية لتوثيق انشطة بفواتير خيالية تدفعها الصناديق التمويلية العربية والأوروبية والاميركية والأممية، إلا ما قل منها ورحم ربي ؟ أين هي دور اليونيسيف واليونيسكو؟

في وطن تتخضب مساحته الصغيرة بحزين الأنباء ومروعها، وترتفع فيه رايات الويل من كل حدب وصوب، وان اضعف ص"نحيبها" حالياً موسم صيفي واعد لن يغني ولن يسمن من جوع بعد سفر المغتربين، لا حل أمام الأهالي سوى أن يكونوا كل ما سلف ذكره: أن يقاوموا مأساتهم وأزماتهم وأن يضطلعوا هم أيضاً، وأكثر من أي وقت مضى، بدور أكثر حزماً في حماية اطفالهم أقله والصلاة على نية عبورهم هذه العاصفة "بأقل الضرر الممكن" ريثما يسطع "نور المحاسبة والضمير" يوماً في لبنان...
تم نسخ الرابط