الجمعة 03 أيار 2024 الموافق 24 شوال 1445
آخر الأخبار

الحدود البرّيّة الجنوبيّة: تثبيت لا ترسيم!

ياصور
"في زيارته للبنان في شهر آب من العام 2023، قال المبعوث الأميركي آموس هوكستين: إنّ الوقت حان لترسيم الحدود البرّيّة بين لبنان و"إسرائيل"، وذلك بعدما أشرف على اتّفاق بحريّ بين البلدين اللّذين لا يزالان في حالة حرب رسميًا.

في ظلّ التباس المصطلحات المستخدمة في ملفّ الحدود البرّيّة بين ترسيم وتثبيت أو إثبات المُثبّت، يُحتّم أن نرجع بالزّمن إلى الوراء، لنُدرك تفاصيل هذا الملفّ، بغية عدم إضاعة حقوق لبنان السّياديّة.

الحدود البرّيّة بين لبنان وفلسطين المحتلّة هي حدودٌ مُرسّمة في اتّفاقيّة «بوليه/نيو كومب» الموقّعة في العام 1923، والّتي تمثّل اتّفاقيّةً لترسيم الحدود النهائيّة بين الانتدابين الفرنسي والبريطاني. وقد أُودعت الاتّفاقيّة في عصبة الأمم وتمّ التصديق عليها كوثيقة دوليّة في العام 1924.

وهذه الحدود أُعيد تثبيتها باتّفاقيّة "الهدنة" الموقّعة بتاريخ 23 آذار من العام 1949 بين لبنان و«إسرائيل»، والّتي جاء فيها تحديدًا في المادّة الخامسة منها: "على أن يتبع خطّ الهدنة الحدود الدوليّة بين لبنان وفلسطين".

وتثبيتًا لهذه الحدود، أصدر مجلس الأمن في 19 آذار 1978 القرار "425" القاضي بالانسحاب الفوري للقوّات الإسرائيليّة من الأراضي اللبنانيّة، واحترام سلامة لبنان الإقليميّة وسيادته داخل حدوده المعترف بها دوليًا.

على أثر الانسحاب الإسرائيليّ من جنوب لبنان في 25 أيّار 2000، عملت الأمم المتّحدة، بالتعاون مع المسؤولين اللبنانيين والإسرائيليين بوضع خطّ لمسافة تمتدّ إلى 120 كيلومترًا سُمّي بـ«الخطّ الأزرق»، واعتُبر كمرجع للتحقّق من الانسحاب دون أن يكون له أيّ أثر قانوني على عمليّة تحديد الحدود الدوليّة. فجاء مطابقًا تقريبًا للحدود الدوليّة مع وجود بعض الاختلافات في بعض النقاط (13 نقطة)، وضع لبنان تحفّظه عليها في حينه.

وسعت "إسرائيل" وعمدت إلى التملّص من ذكر كلمتَي «الحدود الدوليّة» و«اتّفاقيّة الهدنة»، رغم أنّ القرار الدولي رقم 1701 ينصّ على ذلك بوضوح، وقد جاء في الفقرة الخامسة منه: "يعيد أيضًا مجلس الأمن تأييده الشديد، كما أشار في جميع قراراته السابقة ذات الصلة، للسلامة الإقليميّة للبنان وسيادته واستقلاله السياسي في نطاق حدوده المعترف بها دوليًا، كما كرّسها اتّفاق الهدنة العامّة الإسرائيلي ـ اللبناني في 23 آذار 1949".

إذن، الحديث اليوم عن بحث اتّفاق إطار لترسيم الحدود البرّيّة بين لبنان وفلسطين المحتلّة، أمرٌ مغلوط. فالحدود مرسّمة والنقاط مثبّتة، فأيّ اتّفاق إطار في ملف الحدود البرّيّة يجب أن ينطلق من التصحيح وإزالة التعدّي الواقع على الحدود البرّيّة المرسّمة والمثبّتة مع فلسطين المحتلّة، بإزالة الفوارق بين الخطّ الأزرق «خطّ الانسحاب الإسرائيلي المؤقّت» وخطّ الحدود الدوليّة اللبنانيّة المرسّمة. وأهمّ هذه الفوارق بين الخطّ الأزرق وخطّ الحدود الدوليّة يكمن عند النقطة (B1) في رأس الناقورة.

المقال مُرفق بخرائط تُثبت المذكور أعلاه:
تم نسخ الرابط