الثلاثاء 14 أيار 2024 الموافق 06 ذو القعدة 1445
آخر الأخبار

السنة الدراسيّة مع ارتفاع اصابات كورونا: قرار باستمرار التعطيل ؟

ياصور
"ها هو الموسم الدراسيّ سيغطّ في سُبات يقارب الشهر، فقد وجدت جميع الأطراف أنّ العيد قد حمل لها هديّة جديدة هذه السنة، قناع يُخفي من ورائه تعثّر السنة الدراسيّة، وفشل القطاع التربويّ في القيام بأيّ انجاز... ما أحلاها كانت أيّام العُطلة، وما أمرّها اليوم فهي تكشف عن كلّ شيء مُعطَّل... وعاطل.

وراء هذا القناع المجمِّل لحالة البلد، يختبئ لبنان الّذي يستعطي كلّ قرش من الدول المانحة، فما أنبل التعليم والتربية في عيون المشفقين على حاله، وما أبخسه في عيون بعض المسؤولين المتسوّلين، فقد أصبح وسيلة لإثارة الشفقة، ولم يكن أبدًا هدفًا، وكيف يدعمونه والتعليم هو السلاح الأقوى ضدّ الفقر، والجهل، والتبعيّة؟

لا يمكن لأيّ مساعدة مادّيّة أن تكون حلًّا مستدامًا، فالقلم سيفرغ، والكتاب المدرسيّ سيبلى، والأقساط إلى ارتفاع ما دامت الحالة الاقتصاديّة في موت سريريّ، وهي السبب الأوّل في هجرة الكفاءات، ومن دون استقرارٍ اقتصاديّ، لن يكون القطاع التربويّ ركيزة من ركائز المجتمع. وأكثر من ذلك، وعلى المدى الطويل، لن يفتقد لبنان إلى الخبرات المتقدّمة وحسب، بل إنّه سيفتقد إلى الطبقة المتعلّمة نفسها، في ظلّ أرقام مرعبة عن نسب التسرّب المدرسيّ، ومعدّلات الأمّيّة، خصوصًا لدى الشريحة الأشدّ فقرًا، والآخذة بالاتّساع.

ما زال القائمون على القطاع التعليميّ يطرحون التساؤلات نفسها منذ ما يناهز الثلاث سنوات. هل التعلّم عن بعد بديلٌ حقيقيّ للطريقة الكلاسيكيّة؟ في عطلة نهاية العام، سيذهب الطلّاب إلى بيوتهم، وهم لا يدرون إن كانت عودتهم إلى مدارسهم وجامعاتهم أكيدة، أو ممكنة، أو مستحيلة... فكلّ السيناريوهات مفتوحة في بلد أصبح مسرحيّة ينتقل بنا سياسيّوه من "فصلٍ" إلى فصلٍ أقسى تراجيديّة.

اليوم، لا تتعامل الدول المتحضّرة مع مسألة التعلّم عن بعد كونه مأزقًا، أو قناعًا، أو سياسة أمر واقع، بل مصدرًا متجدّدًا لإبداعات، وإمكانات لم تكن في حسبانها في الفترة السابقة، لكنّها اليوم أصبحت جزءًا من مخطّطاتها المستقبليّة.

نعم، ما زال يشهد عالمنا المزيد في طفرات فيروس الكوفيد-١٩، وهو السبب الأساسيّ الّذي دفعنا للتفكير بالتدريس عن بعد، لكنّ الطفرة الأعظم، كانت طرائق التدريس نفسها، الّتي لا يمكن العزوف عنها اليوم، ولا سيّما أنّ النشء الجديد استطاع تقبّلها والاندماج في وسائلها بسرعة إلى حدٍّ كبير، وقد تكون الطرائق الهجينة، المنهج الكلاسيكيّ في المستقبل القريب، بالرغم من رداءة سُبل الاتّصال وتكلفتها في لبنان. كما أوجد التعليم الإلكترونيّ مصادر جديدة للاهتمام لدى الطلّاب، فاخترق الحيّز الشخصيّ لديهم، فأصبحت تجربة الدراسة نفسها مبتكرة ومتجدّدة.

قبل العودة من عطلة عيد الميلاد المجيد، ورأس السنة، وقبل أن نتفاجأ "من جديد" بالواقع الصحّيّ والاقتصاديّ والاجتماعيّ قبيل سويعات من انتهاء عطلة "قياسيّة" بكافّة المعايير... هل يمكن أن نخطّط، ولو لمرّة في تاريخ أزمتنا، لكيفيّة متابعة السنة الدراسيّة؟ أم أنّ المسؤولين هم أيضًا سيدخلون بحالة التعطيل، ويعطّلون معهم أيّ فرصة إيجابيّة للنهوض بالعام الدراسيّ؟

والتساؤلات الّتي نطرحها على اللجان المسؤولة، الّتي نعتمد عليها في ايقاظ القطاع التربويّ قبل أن يستمرّ في سُباته: هل فكّرت في استقطاب الكفاءات في مجال التعليم عن بُعد؟ وهل ستؤهّل من لديهم الرغبة والنيّة الصالحة على الاستثمار في الحقل التربويّ؟ هل من معجزة يمكن أن تحصل على مستوى الاتّصالات لتسهيل عمليّة التدريس، أمّ أنّ جائحة رفع أسعار الانترنت ستحرّك تسونامي جهل يمتدّ أثره على أجيال وأجيال؟ ومن يهتمّ في "تربية" الأجيال بحقّ، أي الاهتمام لا بتعليمهم وحسب، بل بتنشئتهم، وصحّتهم النفسيّة، وتكوينهم العاطفيّ، والبدنيّ، والفكريّ...؟

تبقى هذه التساؤلات، وخوفنا أن يكون تفجير الموسم الدراسيّ "فرصة" لعرقلة مسيرة العلم في بحثه الدائم عن "الحقيقة" الّتي يسعى اللبنانيّ إلى الوصول إليها في مدارسه وجامعاته، بعدما تعوّد أن يرى القائمين على بلده يطمسون كلّ حقيقة ممكنة.

لبنان 24
تم نسخ الرابط