ازمة جديدة للحكومات الاوروبية: يخوت الأثرياء الروس... هذا ما يحلّ بها بعد الحجز عليها
تاريخ النشر : 10-03-2022 3,19
تواجه الحكومات الأوروبية التي صادرت اليخوت والفيلات الخاصّة بالأثرياء الروس سؤالاً أكثر صعوبة: ماذا نفعل بها؟
أدّت العقوبات المفروضة على الأغنياء الروس في أوروبا، التي فرضها الاتحاد الأوروبيّ والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركيّة ودول أخرى، إلى موجة من تجميد الأصول في جميع أنحاء أوروبا. وقد صادر المسؤولون يختًا بطول 213 قدماً، يملكه أليكسي مورداشوف في "إمبيريا" بإيطاليا، ويخت إيغور سيتشين، الذي يبلغ طوله 280 قدماً في ميناء "لا سيوتات" الفرنسي، ومجمع منتجع أليشر عثمانوف، الذي تبلغ قيمته 18 مليون دولار في سردينيا.


لكن خبراء العقوبات يقولون إنّ تجميد الأصول هو الجزء البسيط من قضيّة فرض العقوبات. فمن المرجّح أن يكون تحديد ما يجب فعله بها - ومَن الذي سيحصل على العائدات - أكثر صعوبة، ويُمكن أن يؤدّي إلى معارك قضائيّة تستمرّ لسنوات، بحسب ما أوردت شبكة CNBC، لأن القوانين تختلف حسب الدولة. وأحدث جولة من العقوبات، التي تذهب إلى أبعد من أيّ جولة عالمية منسَّقة من العقوبات على الأفراد، تخلق أسئلة قانونيّة جديدة لم تتمّ الإجابة عنها بعد.
وقال بنجامين مالتبي، الشريك في Keystone Law في المملكة المتّحدة، والخبير في قانون اليخوت والأصول الفاخرة: "نحن في مياه مجهولة، والمواقف التي نراها الآن لم تحدث بالفعل من قبل. ويُمكن لأصحاب اليخوت أن يجادلوا بشكل معقول، فلقد تصرّفوا ضمن القوانين التي كانت سارية في #روسيا وأوروبا؛ لذلك، يجب أن يكون هناك دليل واضح على الإجرام".
ويُضيف أنّ "هُويّة المالك الحقيقيّ لليخت ليست مسألة تسجيل عام في كثير من هذه الأماكن؛ لذا، عليك أن تخترق عقدة Gordian Knot للهيكلة الخارجيّة لمعرفة المالك المستفيد"، مشيراً إلى أنّه "يمكنك أن ترى وضعاً تتراكم فيه الديون وتتدهور قيمة السفينة، وهناك ديون ضخمة وتتمّ مصادرة اليخت وبيعه لسداد الديون."
ووفق الخبراء القانونيين، العقوبات نفسها بشكل عام لا تسمح للبلدان ببساطة بالاستيلاء على قوارب وطائرات ومنازل النخبة الروسية. وبموجب العقوبات التي أعلنتها الولايات المتحدة وأوروبا، فإن أعضاء الأوليغارشيا الروسية الذين "أغنوا أنفسهم على حساب الشعب الروسي، ساعدوا بوتين في غزوه لأوكرانيا، سيتمّ تجميد أصولهم وحظر ممتلكاتهم".
وبموجب قانون الولايات المتحدة ومعظم القوانين في أوروبا، تظلّ الأصول المجمَّدة مملوكة لحكم النخبة، ولكن لا يُمكن نقلها أو بيعها. فسيتشين وموردساهوف، على سبيل المثال، سيستمرّان في امتلاك يخوتهما، لكن السلطات ستؤمّنها على الأرصفة، وستمنعها من الإبحار إلى شواطئ أكثر أماناً.
وللاستيلاء على يخت أو فيلا تابعة لحكم الأقلية، يتعيّن على المدّعين الحكوميين إثبات أنّ الممتلكات كانت جزءاً من جريمة. وبموجب قانون المصادرة المدنيّة الأميركي، لا تجوز مصادرة الأصول "المستخدَمة لارتكاب جريمة أو التي تمثّل عائدات نشاط غير قانونيّ، إلا بموجب أمر قضائي".

كذلك، الرئيس السابق لقسم مصادرة الأصول وغسيل الأموال في مكتب المدعي العام الأميركي في ماريلاند، ستيفان كاسيلا، اعتبر أنّه "يتعيّن على الحكومة إثبات الجريمة والاتصال". فالخبراء القانونيون يؤكّدون أن إثبات جريمة معيّنة وربط الأصول بهذه الجريمة مباشرةً قد يكونان صعبين.

وقد يستغرق إثبات الجريمة في قضايا مصادَرة الأصول سنوات. وساعدت الولايات المتحدة في استرداد أكثر من 300 مليون دولار سُرقت من نيجيريا أثناء الديكتاتور العسكري السابق ساني أباتشا، بعد أكثر من خمس سنوات من الإجراءات. واستمرت إحدى القضايا ضد رئيس الوزراء الأوكراني السابق بافلو لازارينكو، الذي أُدين في الولايات المتحدة بغسل الأموال، لأكثر من 15 عاماً.



ويُعتبر الأوليغارشيّون أيضاً سادة الفنون المظلِمة لحماية الأصول العالمية. ويستخدمون الشركات الوهمية، والصناديق الائتمانية، والولايات القضائية الخارجية وشبكة من أفراد الأسرة والمنتسبين، لإخفاء ملكيتهم الحقيقية. وغالباً ما تكون اليخوت الضخمة مملوكة لكيانات قانونية منفصلة بدلاً من الأفراد، وغالباً ما يتم تسجيلها في بلدان مثل جزر "كايمان" أو جزر "فيرجن" البريطانية أو "بنما"، التي تملك قوانين مواتية لخصوصية الثقة. ويخت عثمانوف الذي يبلغ طوله 512 قدماً، على سبيل المثال، مسجَّل في جزر "كايمان" من خلال كيان مؤسسيّ في مالطا.


ولا يُمكن للحكومة أن تحصل على الملكية إلّا إذا تمكّن المدعي العام من إثبات وجود جريمة، وإثبات ارتباط الأصل بالجريمة وهُوية المالك. وإذا قرّرت الدولة بيع الأصل، فعادةً ما تذهب العائدات إلى تطبيق القانون. وسيسمح مشروع قانون ثنائيّ الحزب في الكونغرس، يُسمّى قانون "اليخوت لأوكرانيا"، للسلطات بمصادرة أيّ ممتلكات تزيد قيمتها عن 5 ملايين دولار في حوزة النخب الروسية في الولايات المتحدة والسماح للحكومة ببيع الأصول وإرسال العائدات لمساعدة أوكرانيا.

حتى الآن، لا تزال اليخوت والفيلات التي تمّت مصادرتها في مأزق قانوني، في ظلّ خلافات محتمَلة حول مَن سيدفع مقابل صيانتها. فالأوليغارشيّون مسؤولون تقنيّاً عن دفع تكاليف الطواقم والموظفين والصيانة وأتعاب الأصول المحتجَزة. ومع ذلك، قد يرفض الأوليغارشيون الدفع. أو قد تجد السلطات التي تحتجز السفن أو المنازل أنّه من المستحيل جمع الأموال من الأوليغارشية، حيث لا يُسمح لهم إجراء أيّ معاملات مالية مع الأفراد الخاضعين للعقوبات.

وتُعدّ صيانة اليخت أمراً مهماً بشكل خاص، إذ يمكن أن تتدهور قيمته، وتنخفض بسرعة، إذا لم يتم تنظيفه وإصلاحه باستمرار.

إلى ذلك، دخل مستقبل طاقم اليخت وموظفيه أيضاً في نزاع قانوني. وقال "مالتبي" إنّه يتوقع أن يترك موظفو اليخوت الروسية المضبوطة ببساطة، أو يبتعدون ويحاولون العودة إلى بلدانهم الأصلية. وذكرت مجلة "فوربس" أنّ الشركة التي توظف طاقماً مؤلفاً من 96 شخصاً على متن يخت عثمانوف الفائق أبلغت الطاقم عبر البريد الإلكتروني أنّ "التشغيل العادي لليخت قد توقّف"، وأن الشركة لم يعد بإمكانها الدفع لهم.

المصدر: النهار

   

اخر الاخبار