تخزين الخلايا الجذعية والحبل السري... تقنية واعدة لمواجهة أخطر الأمراض

انطلاقاً من ذلك، لجأت نسبة مهمة من الأمهات، ومنهن من المشاهير، إلى تخزين دم الحبل السري الخاص بأطفالهن عند الولادة ومنهن سيرين عبد النور التي أعلنت عن ذلك قبيل ولادة طفلها، وميريام فارس ومؤخراً إيميه صياح التي أعلنت عن لجوئها إلى هذه التقنية عند ولادة توأميها حيث عمدت إلى تخزين الحبل السري والأنسجة في أحد بنوك تخزين الخلايا الجذعية كوسيلة يمكن أن تساهم في معالجتهما مستقبلاً في حال احتياجهما لذلك. عن كل التفاصيل المتعلقة بهذه التقنية الواعدة، يتحدث الطبيب الاختصاصي في الأمراض النسائية والتوليد الدكتور بيار نخل مؤكداً على أهميتها اليوم وأكثر بعد خلال السنوات المقبلة في معالجة أمراض عديدة.
يبدو تخزين الحبل السري والخلايا الجذعية أملاً واعداً في العلاجات الطبية وفق نخل بحسب، تبعاً للطريق التي رسمتها الأبحاث والدراسات في إطار هذه التقنية. "يستدعي التركيز على تقنية تخرين الخلايا الجذعية من الحبل السري عملية تثقيفية بالدرجة الأولى باعتبار أن في السنوات المقبلة ثمة آمال كثيرة تعوّل عليها الأبحاث في تطوير هذه التقنية كوسيلة علاجية مثلى لأمراض كثيرة".
في تفاصيل التخزين
ويشير نخل الى وجود طريقتين في الحفظ، إما أن يؤخذ دم من الحبل السري عند الولادة حفاظاً على الخلايا الجذعية أو أن يحفظ الحبل السري، فيما يفضّل في معظم الأحيان اعتماد الطريقتين معاً لضمان نتيجة فضلى. بالإضافة الى وجود نوعين من الخلايا بدءاً من خلية الجنين مع بدء تكوّن الجنين ويكون هذا النوع من الخلايا قادراً على القيام بكافة الوظائف وصولاً إلى المرحلة التي يصبح هناك تخصص في الخلايا لكل من وظائف الجسم. وعندما تؤخذ الخلايا الجذعية من الدم من الحبل السري، تكون من الخلايا المختصة لوظائف الأنسجة والقلب وغيرها. "بعد الولادة بواسطة الحقنة، يسحب من الحبل السري وتكون هذه الحقنة متصلة بكيس خاص فيؤخذ منه معدل 30 cc أو أكثر من الخلايا الخاصة بالدم. وفي مرحلة ثانية يؤخذ الحبل السري ويحفظ في سائل خاص. علماً أن لكل منهما طريقة معينة للحفظ في براد خاص، إما في لبنان حيث تتوافر بنوك تخزين الخلايا الجذعية والحبل السري أو في دول أخرى كأوروبا أو الولايات المتحدة. مع الإشارة إلى أن مدة الحفظ الممكنة والأكيدة إلى اليوم مع الحفاظ على فاعلية تامة وعلى نوعية الخلايا الجذعية، تصل إلى 30 سنة بحسب ما تبين لكن لا تزال الأبحاث والدراسات مستمرة لتأكيد إمكان الحفظ لمدة أطول".
أين الفائدة؟
على الرغم من أن بعض الأطباء كانوا يشككون في الفائدة من تخزين الحبل السري قبل سنوات عديدة، يؤكد نخل أن المستقبل في العلاجات الطبية هو للخلايا الجذعية خصوصاً. فبحسب قوله، قد يصبح الدواء من الماضي لفاعلية الخلايا الجذعية في معالجة العديد من الأمراض. وهذا ما سيصبح ملموساً في مختلف الأمراض خلال 10 سنوات ربما. وفيما ترسم الأبحاث طريقاً واعداً لهذه التقنية تبدو اليوم قادرة بشكل مؤكد على معالجة حالات سرطان الدم وغيره من امراض الدم للطفل الذي أخذت الخلايا منه عند الولادة في حال إصابته مستقبلاً وأيضاً لأي من أشقائه. هذا فيما تصل نسبة النجاح بالنسبة للأشقاء إلى 75 في المئة، بحسب نخل. إلا أنه لا يبدو أن ثمة تطابقاً في البصمة الجينية الذي هو ضروري، مع الأم أو الاب في حال اللجوء إليها لدى إصابة أي منهما بالمرض. "ثمة دراسات اليوم على كافة الأمراض وقد حصل تقدم لافت حتى الآن على مستويات عدة بدءاً من سرطانات الدم وغيرها من امراض الدم التي أظهرت هذه التقنية فاعلية تامة وأكيدة في معالجتها، وصولاً إلى السكري وأمراض الكبد والقلب من خلال الدور الذي يمكن أن تؤديه الخلايا الجذعية في تحسين وظيفة عضلة القلب في حال تضررها. هذا إضافة إلى مشاكل عديدة وأمراض لا تعد ولا تحصى يمكن معالجتها بفضل الخلايا الجذعية منها الجهاز العصبي والنخاع الشوكي بحيث يعود المريض قادراً على المشي لدى العمل على استعادة قدرة العصب على التفاعل بفضل الخلايا الجذعية".
عن كلفة حفظ الخلايا الجذعية
من الواضح أن هذه التقنية تبدو إلى اليوم محصورة بالعائلات الميسورة بحيث قد لا يكون أي شخص قادراً على اللجوء إليها. وبحسب نخل، إن "كلفة سحب الخلايا الجذعية وحفظها للشخص المعني لمدة 30 سنة هي حوالى 3000 دولار أميركي". ويشير إلى أن "احتمال عدم الجودة في الحفظ يظهر عامةً من البداية، أي بمجرد أخذ الخزعة فيبلغ عندها المعنيون ان الخزعة لا تعتبر جيّدة أو أنها ملوّثة بجرثومة أو أن طريقة النقل لم تكن جيّدة. ففي هذه الحالة لا يكون الحفظ ممكناً لكن يمكن ان يعرف المعنيون ذلك من البداية لا بعد سنوات من الحفظ.
أما بالنسبة إلى العملية التي قد تكون ثمة حاجة للجوء إليها في حال تعرّض الشخص المعني لمشكلة ما تستدعي اللجوء إلى الخلايا الجذعية التي حفظت، فمما لا شك فيه أنها مكلفة كأية عملية من هذا النوع تستدعي تجهيزات طبية معينة ونقل الدم للمصاب. وقد تتشابه في كلفتها مع أية عملية نخاع شوكي يمكن اللجوء إليها إلا أنه في هذه الحالة ثمة فائدتان للفظ أولاهما تأمين الخلايا الجذعية الذي يكون صعباً عادةً لتأمين التطابق الأفضل في البصمة الجينية. وبالدرجة الثانية لا تكون عملية رفض الجسم واردة لاعتبار أن الخلايا هي من الشخص نفسه ولا حاجة إلى الأدوية حتى لمساعدة الجسم على تقبلها.
يؤكد نخل أنه خلال 5 أو 10 سنوات ستكون العلاجات بالخلايا الجذعية الاختيار الأول والأمثل في معالجة العديد من الأمراض وليس اعتمادها اليوم لمعالجة السرطان إلا بداية الطريق وصولاً إلى المرحلة التي ستكون فيها أكثر شمولية بعد أن تؤكد فاعليتها في مجالات عديدة.