لم يكن وارداً في حسابات الطالب قاسم جفّال تلميذ الصف السادس في مدرسة شوكين الرسمية أن يكون نهاره المدرسي «دمويّاً». آخر ما توقّعه، كما كل طلاب «الفان» الذي يقلهم يومياً من بلدة قاقعية الجسر إلى مدرسة شوكين، أن يكونوا ضحية الاستهدافات الإسرائيلية على الطرق.
يوم تصعيدي آخر، شهدته منطقة النبطية التي تُستهدف للمرة الثامنة منذ بداية الحرب. فالمستهدف أمس كان أستاذ الفيزياء في ثانوية «حسن كامل الصباح الرسمية»، حيث لم يكن محمد علي ناصر فرّان متّجهاً صباحاً إلى الجبهة حين استهدفته مسيّرة على طريق كفردجال - شوكين، بل إلى مدرسته لمراقبة الامتحانات. ولاحقاً نعاه «حزب الله» وهو من مواليد عام 1989 من بلدة النبطية. شلّت غارة كفردجال المنطقة، زرعت الخوف في نفوس الأهالي، إذ باتت كل الطرق خطرة. بالطبع أربك ما حصل القطاع التربوي الذي عاش يوماً حزيناً، فكان هو المستهدف المباشر في الغارة. ثلاثة جرحى في صفوف التلامذة هم: قاسم محمد جفّال، محمد علي ناصر وعلي رضا عيّاش، فيما أصيب التلامذة الآخرون بصدمة مرعبة.
أكمل الطلاب الجرحى طريقهم الى المستشفى ملطخين بالدماء، وصفت إصابتهم بالطفيفة والمتوسّطة، غير أنّ رئيس المنطقة التربوية أكرم أبو شقرا عاين الجرحى في المستشفيات، مؤكّداً «أنّ هذه الإعتداءات لن تثنينا عن أكمال طريق العلم والتفوّق». في إحدى غرف مستشفى «نبيه بري الجامعي»، يرقد قاسم الذي أُصيب بشظية استقرّت في ظهره، علامات الصدمة تظهر جلية على وجهه الصغير، جلّ ما يقوله: «كنّا في طريقنا إلى المدرسة، ففاجأنا الصاروخ الذي استهدف سيارة كانت على مقربة منّا، تلاها صاروخ آخر». ورغم الرعب الذي عاشه، يشدّد الطالب على «أننا نكتب تاريخ جنوبنا الجديد».
يجلس والد قاسم، محمد جفّال قربه في المستشفى، لم يصدّق أنّ ابنه نجا، «كان مع شقيقه في الباص، عشنا لحظات قاسية ومرعبة، كان الموت على بعد لحظات قليلة منهم، إختار العدو توقيت ذهاب الطلاب إلى مدارسهم لينفّذ إجرامه». تختصر كلمات محمد اللحظات التي عاشها أهالي طلاب الباص، مشيراً إلى «أن الطلاب نجوا من مجزرة محتّمة، لم تبعد عنهم الغارة سوى أمتار قليلة. ظننا لوهلة أنهم ماتوا».
عاش الوالد محمد كما أولياء التلامذة يوماً عصيباً، يغمر ابنه ويذرف الدموع. حال محمد حال والد علي عيّاش وكل التلامذة. علي أيضاً أصيب بشظية في وجهه قرب عينه، سيخضع غداً لعملية مستعجلة، إذ يؤكّد طبيب الطوارئ في مستشفى «الشيخ راغب حرب» الدكتور علي ابراهيم أنّ وضعه مستقرّ، وأنّ إصابته متوسطة، غير أنه يحتاج الى عملية لإزالة الشظية التي استقرت تحت العين وعطّلت حركتها.