"الخسائر ضخمة"... سلام يحذّر من "كارثة الكوارث"!
أكد وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الاعمال أمين سلام، إن حجم الخسائر الاقتصادية الضخمة التي لحقت بلبنان خلال الحرب وصل حسب تقييم بعض المؤسسات الخاصة إلى 20 مليار دولار.
وإعتبر سلام في حديث مع صحيفة "الشرق الأوسط" على هامش اجتماعاته مع صندوق النقد الدولي في واشنطن، أن هذا المبلغ هو مجموع دمار البنى التحتية والتأثيرات السلبية على الاقتصاد والخسائر، مشيراً إلى أن الدولة اللبنانية "تقوم بمجهود كبير لتقدير حجم الخسارة بشكل رسمي"، مضيفاً: "لكن رقم العشرين ملياراً ليس بعيداً عن الحقيقة".
وفصّل سلام الخسائر الاقتصادية التي يتغير حجمها "بين ليلة وضحاها"، قائلاً: "هناك الخسائر المباشرة على الاقتصاد، أي ضرب قطاعات أساسية في لبنان، منها السياحة والزراعة وقطاع الخدمات، والخسائر غير المباشرة التي تشكل لي بصفتي وزير اقتصاد اليوم هاجساً وخوفاً؛ لأنها خطرة على المديين المتوسط والطويل؛ فهي تؤثر على الناتج المحلي بشكل خطير جداً، وعلى ارتفاع نسبة البطالة التي كانت قبل الحرب 50 في المائة، واليوم أتأسف أن أقول إننا نتحدث عن أكثر من 70 في المائة من نسبة البطالة، وهذا رقم كارثي على أي وطن وعلى أي دولة، ونتكلم عن توقعات النمو، النمو غير موجود اليوم".
وتحدث سلام عن الدمار الهائل الذي لحق بقرى ومدن في الجنوب والبقاع، مشيراً إلى أنه حسب المعلومات التي تصل للحكومة اللبنانية، هناك أكثر من 4 آلاف مبنى مهدم، ومليون ومائتي ألف شخص مشرد في مراكز الإيواء وعلى الطرقات، منهم 400 إلى 500 ألف من القوى العاملة في البلد في القطاع الزراعي وقطاع الخدمات وغيرها. وقال: “إذن المشهد الاقتصادي اليوم هو الذي حذّرنا منه منذ عام تقريباً عندما قلنا إننا إذا دخلنا في حرب مع ”إسرائيل" فستدخل البلاد في العصر الحجري، وللأسف اليوم نرى ركاماً وحطاماً".
وأشار سلام إلى أن الولايات المتحدة تعهدت بمبلغ 154 مليون دولار من دعم مباشر لمسألة النازحين، مخصص لمشروع الطوارئ الذي تعمل عليه الوزارة لإيواء النازحين. ووصف سلام أزمة النازحين بأنها "كارثة الكوارث"، مضيفاً: "إن بلداً بحجم لبنان شهد نزوحاً لأكثر من مليون شخص في فترة 10 أيام، لا يمكن لأي بلد في العالم تحمل هذا، خصوصاً في بلد منهك اقتصادياً. وهناك دعم دولي للمساعدة في التطرق لهذه الأزمة، فأميركا إلى جانب الدول العربية هي من أكبر الدول التي قدمت هذا الدعم، أما أوروبا وبكل دولها فهي لم تقدم هذا الرقم".
وتحدث سلام عن مؤتمر المانحين الذي ينطلق اليوم في فرنسا، مشدداً على أهمية مبادرة من هذا النوع، لكنه أشار إلى أن "الدعم الدولي الذي وصل إلى لبنان اليوم لا يصل إلى 15 في المائة من حاجة المشكلة".
وأضاف، "هذا المؤتمر مهم ونحن بانتظار ما سيخرج عنه، لكن يجب أن تكون النتيجة مؤثرة لأنه إذا وصلنا فتات فلن نتمكن من إحداث فارق على الأرض".
وأكد سلام أن أزمة النازحين لن تحل في وقت قصير، قائلاً: "حتى إذا حدث وقف إطلاق النار غداً وتوصلنا إلى سلام، فسنحتاج إلى 3 أعوام على الأقل لنحل مشكلة النازحين وتأمين عودة لائقة وآمنة وكريمة لهم".
وعن شروط صندوق النقد الدولي السابقة، قال سلام إن كل الحسابات التي وُضعت في الحسبان تغيرت كلياً هذا الشهر، مضيفاً: "هذه الحرب أعادتنا 10 أعوام إلى الوراء من حيث البنى التحتية والقطاعات الحيوية؛ لأن صندوق النقد درس كل شيء على أساس أن الاقتصاد ممكن أن ينهض، وأن الاقتصاد في لبنان قد ينتعش بسرعة بعد الإصلاحات والثقة والأمان، هذا لم يعد موجوداً اليوم. اليوم نفكر في مليون ونصف المليون نازح بين لبناني وسوري، وبدمار القطاع الزراعي بشكل كامل بكل الجنوب والبقاع، وهو كان من القطاعات الأساسية التي تدخِل عملة صعبة نتيجة تصدير المنتجات اللبنانية، أما قطاع السياحة فقد اختفى".
رأى وزير الاقتصاد أن الظروف الدولية اليوم اختلفت عما كانت عليه في حرب عام 2006، "عندما أمطرت مليارات الدولارات على لبنان لإعادة إعماره"، إذ إن لبنان "خسر اليوم ثقة العالم العربي والولايات المتحدة".
وقال: "اليوم اختلف الظرف؛ فالولايات المتحدة والعالم العربي يقولون للبنان عليك أن تنتخب رئيس جمهورية وأن تنشئ حكومة جديدة لنرى إن هناك فريق عمل لديه الثقة والمصداقية كي نقدم له الأموال والدعم".
وعن عدم التوصل إلى توافق لانتخاب رئيس لبناني، قال سلام: "إن عدم انتخاب رئيس جمهورية أظهر للمجتمع الدولي مجدداً أننا في حاجة إلى الذهاب إلى مؤتمر يشبه الطائف أو الدوحة؛ كي يجلس اللبنانيون على الطاولة ويتم التوصل إلى صيغة معينة".
أما عن دعوات بعض أعضاء الكونغرس الجمهوريين إلى فرض عقوبات على رئيس مجلس النواب نبيه بري، حذّر سلام من خطورة خطوات من هذا النوع في الوقت الحالي، قائلاً: "في هذه المرحلة من الخطر أن نزيد التصعيد على أشخاص لديهم مفاتيح الحلول، ولا أقول هذا دفاعاً عن أحد، لكن اليوم من دون وجود الرئيس بري للتفاوض وحل موضوع الطائفة الشيعية في لبنان، لا أعرف من سيعمل على هذا الموضوع غيره في المرحلة الحالية. هو قادر على جمعهم، وقادر على اتخاذ موقف وطني، وخلال اجتماعاته مع رئيس الحكومة قال الأخير إن هناك انفتاحاً كاملاً لتطبيق القرار 1701 وإرسال الجيش إلى الحدود، إذن توقيت الدعوة إلى فرض عقوبات ليس بمكانه لأنه سيخلق سوء ظن، فقد صدرت الدعوة عندما كان الموفد الأميركي آموس هوكشتاين في مكتب بري".