سامي الجميل يكشف عن 3 "رسائل حاسمة" من جولته الدبلوماسية
في سياق جولته الدبلوماسية الأخيرة إلى كل من فرنسا والولايات المتحدة الأميركية، التقى رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميّل بمجموعة من المسؤولين الدوليين رفيعي المستوى، منهم وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو، والمبعوث الأميركي آموس هوكشتاين، بالإضافة إلى رئيس حملة الرئيس المنتخب دونالد ترامب، مسعد بولس، الذي كان وسيطًا محتملاً في المفاوضات لإنهاء الحرب في لبنان.
وفي حديث خاص مع صحيفة "لوريان لوجور"، شرح الجميّل أهداف جولته، والتي ركزت على ضرورة دعم لبنان في هذه الفترة الحساسة، والعمل على منع أي تسوية إقليمية ودولية قد تُنهي الحرب دون أن تأخذ في اعتبارها مصالح لبنان وشعبه.
وأوضح الجميّل أن الهدف الأساسي من جولته كان إنشاء "لوبي" قوي للضغط على الدول الكبرى من أجل أن تكون مصالح لبنان هي الأهم في أي تسوية محتملة.
وقال: "فيما حزب الله يخدم مصالح إيران، وإسرائيل تسعى لتحقيق مصالحها الخاصة، لا أحد يتحدث عن مصالح لبنان الغائبة عن طاولة المفاوضات. هذا أمر مأساوي." وأكد أن الهدف الرئيسي هو ضمان أن لبنان يخرج من هذه الأزمة ليبني دولة ذات سيادة، دولة قانون، وبلد متصالح مع نفسه.
خلال جولته، تمكن الجميّل من إيصال ثلاث رسائل مهمة للمسؤولين الدوليين:
الرسالة الأولى: ضرورة وقف إطلاق النار على الفور لوقف التدمير والعمليات العسكرية. وأكد الجميّل أنه لا يوافق على الرأي القائل بأن الحرب يجب أن تستمر للقضاء على حزب الله على حساب تدمير لبنان وقتل المدنيين وتهجيرهم. وقال: "كلما طال أمد الحرب، أصبح الوضع أكثر صعوبة مع خطر تفاقم التوترات الداخلية. ومع ذلك، يجب ألا يؤدي وقف إطلاق النار إلى تعزيز سيطرة الميليشيا على لبنان".
الرسالة الثانية: الدفاع عن السيادة المطلقة للدولة اللبنانية، والعمل على نزع سلاح جميع الميليشيات المسلحة في لبنان.
الرسالة الثالثة: التأكيد على ضرورة التوصل إلى حل شامل يتضمن إعادة بناء لبنان بمشاركة جميع اللبنانيين، مع ضرورة تجنب تكرار أخطاء الماضي، مثل استبعاد بعض الفئات أو تحميل المجتمع الشيعي ثمن سياسات حزب الله. وأضاف الجميّل أن حزب الله لا يختصر المجتمع الشيعي، بل هو ميليشيا تخدم مصالح إيران، ولا يمثل كل الشيعة اللبنانيين الذين يرغبون في العيش في دولة لبنانية تحترمهم وتعاملهم كمواطنين.
وأشار الجميّل إلى أن المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين يبذل جهودًا للتوصل إلى حل يضمن وقف إطلاق النار. إلا أنه عبّر عن قلقه من أن الحلول المطروحة قد لا تكون مثالية للبنان. وقال الجميّل إن هذه الحلول تتضمن انسحاب حزب الله إلى شمال نهر الليطاني، لكن مع احتمال تعزيز وجوده في مناطق أخرى، مما يثير مخاوف من استمرار نفوذه في البلاد.
وأضاف أن التوصل إلى حل قبل 20 كانون الثاني قد يكون صعبًا، لكنه أكد أن الإدارة الأميركية الجديدة تبدو مصممة على إيجاد حلول لمشاكل لبنان، وأن هناك التزامًا حقيقيًا لتحقيق سلام دائم في المنطقة.
فيما يتعلق بنزع سلاح حزب الله، أوضح الجميّل أن حزب الله قد رفض التفاوض على مدى ثلاثين عامًا حول قضايا السيادة ونزع سلاح الميليشيات، مما يجعل الحل الداخلي لهذه القضية غير واقعي. وأكد أن حزب الله ليس مجرد فصيل لبناني، بل هو أداة ضمن المشروع الإيراني، ويستفيد من الدعم العسكري الإيراني. وأضاف أن المجتمع الدولي يجب أن يلعب دورًا أساسيًا في معالجة هذه القضية، وأن لبنان بحاجة إلى دعم عالمي لمعالجة مسألة الميليشيات المسلحة.
الجميّل أكد أن التعايش مع حزب الله في حال تحوّله إلى ميليشيا بأسلحة خفيفة سيكون أمرًا مستحيلًا. وقال: "إذا تم احتواء دور حزب الله الإقليمي وتحول إلى ميليشيا داخل لبنان، فإن التعايش معه سيكون مستحيلًا، وعندها سيكون علينا إعادة النظر في إمكانيات الانفصال." لكن الجميّل أضاف أنه لا يزال هناك أمل في إيجاد حل، شريطة أن يتم العمل على بناء دولة لبنانية قابلة للحياة بعد معالجة جميع القضايا العالقة.
فيما يخص الانتخابات البرلمانية المبكرة، أكد الجميّل أنه سيكون من الضروري إجراء انتخابات بعد الحرب، مما يسمح لجميع اللبنانيين، بما فيهم المجتمع الشيعي، بإعادة انتخاب ممثليهم. وأضاف أنه يمكن استخدام اتفاق الطائف كنقطة انطلاق لتنفيذ إصلاحات جوهرية مثل اللامركزية، وإنشاء مجلس شيوخ، ونزع سلاح الميليشيات.
وأشار إلى ضرورة إصلاح النظام اللبناني بشكل تدريجي نحو إلغاء الطائفية وتعزيز المواطنة الحقيقية. وقال: "إلغاء الطائفية يجب أن يكون هدفًا طويل الأمد، ولكن يجب أن نبدأ بخطوات ملموسة. هناك أيضًا مشكلة في كيفية سيطرة الثنائي الشيعي على وزارة المالية، ما يضمن له السيطرة على السلطة التنفيذية. هذه مشكلة يجب معالجتها".
وعن الوضع الحالي في لبنان، أشار الجميّل إلى أن الطبقة السياسية في لبنان ليست جادة بما فيه الكفاية في التفكير في مستقبل البلد. وقال: "هناك أنانية وطموحات شخصية، والكل يترقب نتائج الحرب ليعرف التوازنات الجديدة التي ستنتج عنها. لكن هذا ليس الطريق لبناء لبنان. المصالحة الحقيقية منذ الحرب الأهلية لم تحصل بعد، ويجب أن نعمل اليوم على هذا الموضوع".
وأضاف أن المصالحة لا يمكن أن تتم إلا من خلال الاعتراف المتبادل بين جميع الأطراف، وأن لبنان بحاجة إلى حوار صريح وشامل بين جميع مكوناته. وأكد الجميّل أن المساواة بين المواطنين هي الأساس لبناء دولة سليمة، دون أن يكون هناك أي تمييز بين الطوائف.
في نهاية حديثه، أكد سامي الجميّل أن الرؤية المستقبلية للبنان يجب أن تكون مبنية على العدالة، والمساواة، واحترام سيادة الدولة، مع تجنب تكرار الأخطاء السابقة التي أدت إلى تدمير البلد. وأوضح أنه سيواصل عمله لضمان أن يكون لبنان في صدارة الاهتمامات الدولية، وأن يحصل على الدعم اللازم لبناء دولة قوية ومستقرة