الخميس 27 آذار 2025 الموافق 27 رمضان 1446
آخر الأخبار
ياصور

تتصدر الحوادث الأخيرة في سوريا دائرة الاهتمامات في العالم العربي عموماً وفي لبنان خصوصاً، نظراً إلى الترابط  الوثيق بين البلدين.

 

وما جرى أخيرا على مستوى الأقليات في سوريا ترك حالة من القلق في لبنان وخصوصاً لدى المسيحيين الذين كانوا يتمتعون بنوع من الحماية من النظام السابق، كما برزت حالة تخوّف من أن يطال المسيحيين في سوريا ما يطال الأقليات العلوية من قتل ومجازر، بعدما تسربت مقاطع مصورة عن دخول مسلحين صالات الكنائس في الساحل السوري، ودوس صور السيدة العذراء وتدنيس الأيقونات وتهديد الناس في بيوتهم.

 

واكب البطاركة في سوريا تلك الحوادث، وأصدر بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر، وبطريرك أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس والرئيس الأعلى للكنيسة السريانية الأرثوذكسية في العالم إغناطيوس أفرام الثاني، وبطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يوسف عبسي، بياناً دانوا فيه "المجازر التي تستهدف المواطنين الأبرياء".

 

وقالوا في بيان مشترك: "تشهد سوريا في الأيام الأخيرة تصاعدا خطيرا في أعمال العنف والتنكيل والقتل، ونطالب بوضع حد لهذه الأعمال المروعة التي تتنافى مع كل القيم الإنسانية والأخلاقية".

 

ودعا البطاركة إلى "الإسراع في توفير الظروف الملائمة لتحقيق المصالحة الوطنية بين أبناء الشعب السوري، والعمل لتأمين مناخ يسمح بالانتقال إلى دولة تحترم جميع مواطنيها، وتؤسس لمجتمع قائم على المواطنة المتساوية والشراكة الحقيقية، بعيدا من منطق الانتقام والإقصاء".
وفي الوقت نفسه، أكد البطاركة وحدة الأراضي السورية، رافضين أي محاولة لتقسيمها.

 

وفيما تلتزم الفروع اللبنانية التابعة للبطريركيات الآنفة الذكر بيان البطاركة، وتؤيد ما جاء فيه بحرفيته، وتقف إلى جانب البطاركة والمواطنين السوريين، بدا لافتاً غياب الحوادث السورية عن عظة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الأحد في بكركي، وخصوصاً أن الطائفة المارونية لم تكن طرفاً في موقف البطاركة، بالإضافة إلى الثقل الكنسي والمعنوي والتاريخي والحضاري الذي تشكله بطريركية لبنان على مستوى العالم، إذ توصف بأنها الموقع المسيحي الأهم في الشرق.

 

في هذا الإطار يؤكد مصدر كنسي لـ"النهار" أن الكنيسة المارونية في لبنان تدعم من دون شك بيان البطاركة في سوريا وتقف إلى جانبهم، فالسلام مطلب كنسي، والمطالبة به من أسس الكنيسة.

 

ويذكّر المصدر بأن مواقف الكنيسة المارونية تتسم بالحذر الشديد من الأوضاع في سوريا. فتاريخياً، كان للبطريركية المارونية دور في مساعي الحفاظ على حياد لبنان في الأزمات الإقليمية. في بداية النزاع السوري، عبّر البطريرك بشارة الراعي عن قلقه من التدهور الأمني في سوريا وتأثيره على لبنان، لكنه كان أيضاً حريصاً على الحفاظ على علاقات طيبة مع جميع الأطراف المعنية، مشيراً إلى أن الكنيسة المارونية، باعتبارها جزءاً من البنية المسيحية في لبنان، تجد نفسها في موقف صعب إذا ما اختارت تأييد طرف ضد الآخر في النزاع السوري.

 

ويوضح أن أحد الأسباب التي قد تجعل الكنائس في لبنان أكثر حذرا هو الخوف من "ارتدادات" تداعيات السياسة السورية على الوضع الداخلي اللبناني، فلبنان قد يكون معرضًا لمزيد من الانقسامات أو التوترات إذا اختارت الكنائس دعم طرف معين في النزاع السوري.

 

مثل هذا الموقف قد يؤدي إلى تفاقم الخلافات الداخلية في لبنان بين الطوائف السياسية والميليشيات المختلفة التي لها علاقات مع أطراف متناحرة في سوريا.

 

ويختم المصدر بأن الكنيسة في لبنان، غالبًا ما تسعى للحفاظ على الحياد السياسي وتجنب الانحياز إلى أي طرف في الصراع السوري، وذلك للحفاظ على مكانتها كمؤسسة دينية جامعة لكل اللبنانيين بمختلف انتماءاتهم. هذا الحياد يُعتبر استراتيجية لحماية مصالحها الداخلية وتجنب تصاعد الخلافات داخل المجتمع المسيحي اللبناني، لكن هذا كله لا يعني القبول بمشاهد المجازر وقتل الأبرياء من نساء وأطفال، وتخوفها من تعرض المسيحيين للأذى، وهي ستعمل مع جميع الأطراف وخصوصاً البطاركة السوريين لتجنيب المسيحيين في سوريا أي مخاطر ضمن سيادة الدولة السورية ووحدتها.

تم نسخ الرابط