جنين، غزة، وطولكرم... جراح وطن لا تندمل

5/5/2025
أبو شريف رباح
في قلب الضفة الغربية تقف جنين ومخيمها كعنوان للصمود والمقاومة، شاهدة على واحدة من أبشع فصول الإجرام الصهيوني. فمنذ أكثر من مئة يوم، تتعرض المدينة ومخيمها لعدوان إسرائيلي ممنهج يستهدف كل مظاهر الحياة، من البشر إلى الحجر، في محاولة لطمس هوية المخيم وتهجير سكانه قسرًا، تنفيذًا لسياسات حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة التي تسعى لاقتلاع الوجود الفلسطيني من جذوره.
هذا العدوان لم يأتِ منفصلًا عن ما يحدث في غزة، حيث الإبادة المنظمة والدمار الشامل، بل هو جزء من ذات المشروع الاحتلالي الذي يسعى لفرض السيطرة والهيمنة عبر العنف والترويع. في جنين، كما في غزة، دُمّرت البنية التحتية بشكل شبه كامل؛ أكثر من 600 منزل في المخيم سُويت بالأرض، وأُلحقت أضرار جسيمة بالبقية، فيما يعيش الأهالي تحت حصار خانق يمنع عنهم أدنى مقومات الحياة. عشرات الآلاف اضطروا للنزوح، في مشهد يعيد إلى الأذهان نكبة عام 1948.
وإذا كانت غزة تمثل الجرح المفتوح، فإن ما يجري في طولكرم ومخيم نور شمس لا يقل ألمًا. فقد بات المخيم ساحة يومية للاقتحامات، يواجه فيها الأهالي حملات دهم واعتقالات واعتداءات على الممتلكات، في صورة مطابقة لما تتعرض له جنين. يسعى الاحتلال هناك أيضًا إلى تفريغ المخيم من سكانه، مستخدمًا أساليب القمع نفسها: الحصار، القنص، تدمير الطرق والبنية التحتية، وترويع السكان.
إن ما يحدث اليوم في جنين، غزة، وطولكرم ليس مجرد تصعيد عسكري، بل سياسة تطهير عرقي ممنهجة، تسعى لاقتلاع الشعب الفلسطيني من أرضه وتاريخه. المجازر اليومية، الاعتقالات العشوائية، وتدمير المدن والمخيمات، تجري في ظل صمت دولي مطبق، وتواطؤ مكشوف من بعض الأنظمة العربية، بينما تقدم الولايات المتحدة الغطاء السياسي والدبلوماسي لهذا المشروع الدموي، متجاهلة كل القيم التي تدّعي الدفاع عنها.
ورغم هذا كله، فإن الشعب الفلسطيني لم ولن يستسلم. فالإيمان بحقه في أرضه وعدالة قضيته يمنحه القدرة على الصمود، وسيواصل مقاومته من أجل تحقيق أهدافه الوطنية. فهذه الأرض التي ارتوت بدماء الشهداء ستبقى وفية لأبنائها، وستلفظ الاحتلال، مهما طال الزمن أو اشتد العدوان.