الرئيس عون: إذا كان الدستور يشوبه خطأ فلنطبّقه ثم نسعى لتعديله وتطويره

أكّد رئيس الجمهورية جوزف عون أن "المشكلة الأساسية في لبنان تكمن في عدم تطبيق القانون والدستور". وقال: "إذا كان الدستور يشوبه خطأ فلنطبقه بداية ثم نسعى الى تعديله وتطويره. فلا شيء مقدّساً او لا يمس إلا الكتب السماوية، أما ما يعدّه الإنسان فهو قابل للتطوير في سبيل تحقيق المصلحة الوطنية العليا".
موقف عون جاء في خلال استقباله بعد ظهر اليوم الثلاثاء "ملتقى التأثير المدني" و"الهيئة المدنية لبناء دولة المواطنة" برئاسة رئيس مجلس المديرين فيصل الخليل وعضوية: القاضي عصام سليمان، عبد السلام حاسبيني، الياس حويك، ايلي جبرائيل، معتز الصواف، طلال الشاعر، زياد الصايغ، الهام كلاب البساط، إبراهيم شمس الدين ورياض شيا.
وأضاف عون: "مهما أعددنا من قوانين ودساتير، ما لم يتمتّع الإنسان بالأخلاق وما لم يتم إعلاء المصلحة الوطنية يبقى كل ذلك من دون فائدة".
وتساءل: "لماذا لا يتم فتح المجالات أمام اللبنانيين المبدعين في الخارج ليبدعوا في وطنهم الأم؟ وهل الأهم ان يبقى العامل والغطاء الطائفي والمذهبي هو السائد؟".
وجدّد التأكيد على "أهمية إعلاء الخطاب الوطني والرؤية الوطنية الاقتصادية لمصلحة البلد على حساب الخطابات المذهبية والفئوية".
وختم: "قادرون ولدينا فرص كثيرة لبناء دولة شرط توفر النية الصادقة".
وشهد قصر بعبدا سلسلة لقاءات ديبلوماسية واجتماعية وسياسية، استهلها عون بلقاء سفير فرنسا هيرفيه ماغرو الذي سلّمه رسالة خطية من نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، تضمّنت دعوة رسمية للمشاركة في قمة تعقد في نيس في 9 حزيران/يونيو المقبل مخصّصة لقضايا الاتصال المادي والرقمي والطاقة في منطقة البحر الأبيض المتوسّط وتشارك فيها دول متوسطية وعربية وخليجية.
وأكّد ماكرون في رسالته، أن "هذه القمّة سوف تعقد بعد مؤتمر الأمم المتحدة للمحيطات الذي يعقد في دورته الثالثة"، مشيراً إلى أن "القمة المخصصة لقضايا الاتصال سوف تسمح حتماً بإيجاد تمويل لاستثمارات في مشاريع استراتيجية تهم دول حوض البحر الأبيض المتوسط وجوارها في مختلف المجالات البرية والبحرية، بهدف تطوير سبل التبادل بين هذه الدول".
وأوضح ماكرون أن "هذه القمة سوف يشارك فيها رؤساء دول ومنظّمات دولية وجهات مانحة وشركات كبيرة تعمل خصوصا في مجال البنى التحتية"، وأعرب عن أمله في ان "يشارك عون في هذه القمة للبحث في مشاريع واستثمارات تهم لبنان".
رسالة من أمير قطر
دبلوماسيا أيضاً، استقبل عون سفير قطر الشيخ سعود بن عبد الرحمن آل ثاني، الذي سلّمه رسالة خطية من أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، تضمنّت دعوة للمشاركة في مؤتمر القمة العالمي الثاني للتنمية الاجتماعية المقرّر عقده في الدوحة في الفترة الممتدة من 4 الى 6 تشرين الثاني/نوفمبر المقبل وفقاً لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الرقم 318/078 .
ويهدف هذا المؤتمر إلى معالجة الفجوات في مجال التنمية الاجتماعية وتجديد الالتزام الدولي بالأهداف والإجراءات الواردة في اعلان برنامج عمل كوبنهاغن العام 1995 والتعجيل في إحراز تقدّم في تنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030.
وأوضح أمير قطر في رسالته أن المؤتمر "سيجمع رؤساء الدول والحكومات من جميع انحاء العالم لإجراء تقويم للوضع الحالي للتنمية الاجتماعية والحلول الممكنة لمواجهة التحديات وبناء الثقة والاتفاق على إجراءات مناسبة للقضاء على الفقر وتحقيق العمالة الكاملة والمنتجة وتشجيع الادماج الاجتماعي. وسيؤكد المؤتمر الدور البالغ الأهمية للتنمية الاجتماعية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر وضمان عدم تخلّف أحد عن تحقيق التنمية المستدامة. وسيعتمد المؤتمر إعلاناً سياسياً موجزاً لتوجيه الجهود المستقبلية في هذه المجالات وتحفيز العمل على تنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030".
وأعرب الشيخ تميم عن ثقته بأن "مشاركة عون في المؤتمر ستضيف قيمة كبيرة للمؤتمر وستسهم في تحقيق أهدافه المنشودة".
وفد الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي
واستقبل عون وفداً من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي برئاسة المدير العام للصندوق محمد كركي الذي القى كلمة في مستهل اللقاء، عدد فيها "أبرز إنجازات الصندوق رغم التحديات العديدة التي شهدتها السنوات الأخيرة، أبرزها تأمين الحماية الاجتماعية لأكثر من ثلث الشعب اللبناني، تنفيذ المرحلة الأولى من المخطط التوجيهي للمكننة وربط كل المكاتب بالمركز الرئيسي للصندوق، المشاركة الفاعلة في تأسيس الجمعية العربية للضمان الاجتماعي ومقرّها بيروت، تأمين الرعاية الصحية للمتقاعدين وأفراد عائلاتهم منذ العام 2017 مع استفادة حوالى 42,000 لبناني منها، إضافة الى المساهمة في إعداد نظام التأمين ضد البطالة بالتعاون مع وزارة العمل ومجموعة من الخبراء، عودة تقديمات الصندوق الصحية إلى ما كانت عليه قبل الأزمة لحوالى 80% من الأعمال الطبية والاستشفائية والدوائية".
أمّا في الصعوبات التي اعترضت عمل الصندوق ومنعته من تحقيق كامل أهدافه، أشار كركي إلى أن "الحوكمة حالت دون تعيين مجلس إدارة جديد في الصندوق منذ العام 1999، وتعطيل دور اللجنة الفنية المخولة التدقيق في حسابات الصندوق وتطوير آليات ومسالك العمل فيه، وغياب اللجنة المالية المخولة متابعة توظيف واستثمار أموال الصندوق بسبب عدم صدور مرسوم تعيينها منذ العام 2013".
ولفت إلى "تقييد الاستقلال المالي والإداري لصندوق الضمان"، مشيراً إلى أن "الصندوق تعرّض في السنوات العشرين الأخيرة إلى تقييد استقلاليته الإدارية والمالية التي منحه إيّاها القانون، إضافة إلى النقص الهائل في الموارد البشرية، خصوصاً تلك المتخصّصة في أعمال المكننة وتطوير برامج المعلوماتية وغياب التخطيط الاستراتيجي على مستوى الدولة".
وأكّد كركي أن "التعاون الحتمي بين أصحاب العمل والعمال برعاية الدولة المؤتمنة على سلامة جميع المواطنين وتنفيذ استراتيجيات شاملة على كل المستويات الاقتصادية والاجتماعية والتحول الرقمي وملء الشواغر، هي السبيل الوحيد لإرساء الحلول اللازمة للصعوبات والمعوقات التي تواجهها مؤسسة الضمان الاجتماعي".
ولفت إلى أنّه بانتظار الحلول الشاملة، "فإن الصندوق بحاجة ماسة إلى مساعدات مالية استثنائية وتخصيصه بمبالغ معينة من المساعدات والهبات الدولية المنوي تقديمها للبنان، وحماية أمواله بالدولار الأميركي وبالليرة اللبنانية من أي عملية اقتطاع ومن أي جهة كانت، واعادة النظر بمعدّلات الاشتراكات وسياسات تمويل الضمان إذا لزم الأمر، وكذلك إعادة النظر بالحد الأدنى للأجور الذي تدّنى من 450 دولار أميركي الى 200 دولار أميركي، كما الحاجة الى تعزيز موارده البشرية بصورة عاجلة بعناصر متخصصة تسهم في تطوير خدماته لتحقيق اهدافه الاجتماعية وعدم ربطه بوصايات متعدّدة تعيق قدرته على التجاوب مع مطالب المضمونين بالسرعة اللازمة".
وشدّد كركي على "ضرورة إنجاز المراسيم التطبيقية اللازمة لوضع نظام التقاعد والحماية الاجتماعية الجديد الصادر في نهاية 2023 موضع التنفيذ، وبالتالي استبدال نظام تعويض نهاية الخدمة بمعاش تقاعدي مدى الحياة، إضافة الى أهمية تفعيل قانون المعوقين الذي اقر في العام 2000 والذي يشكّل ضرورة وطنية وإنسانية عظيمة، وإقرار مشروع قانون انشاء نظام التأمين ضد البطالة ما يساهم في استكمال مظلة الحماية الاجتماعية في لبنان، وتعميم الضمان الصحي الاإزامي على جميع اللبنانيين".
وردّ عون مؤكّداً "أهمية الرعاية الاجتماعية بمختلف وجوهها"، لافتاً إلى أن "تراكمات الأعوام الماضية عطلت الكثير من الخدمات الاجتماعية والصحية في وقت يفترض بالدولة ان توفر للإنسان العيش بكرامة، لا سيما لجهة تأمين المسائل الأساسية، مثل الضمان الصحي والتعليم".
ولفت إلى "أهمية مكننة الإدارات لتسهيل المعاملات الإدارية وصولاً إلى اعتماد الحكومة الالكترونية"، وشدّد على "ضرورة ملء الشواغر في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في مختلف وحداته".