
يومياً تتكشّف وقائع جديدة عن الذلّ الذي يتعرّض له العمال في لبنان. ففيما اكتفى وزير العمل محمد حيدر بالاتفاق مع أصحاب العمل على زيادة الحدّ الأدنى للأجور إلى 312 دولاراً، وألا تكون هناك أي زيادة على الشطور، كشف تقرير لمنظمة «Save the children» أنّ ثلث الأسر مصنّف في «مرحلة الأزمة أو الطوارئ» لجهة الأمن الغذائي، ما يحتّم زيادة الحدّ الأدنى إلى 900 دولار بحسب الباحث كمال حمدان.
مشهد سوداوي يخيّم على الوضع المعيشي في لبنان، فيما يتلهّى وزير العمل مع أصحاب العمل بتسويات وصفقات، ترفض البحث في زيادة غلاء المعيشة لتكريس قواعد السوق القاضية بأن التنافس هو دليل خير وعافية حتى لو كانت تعني أن واحداً من بين كل المجموعة سيجد عملاً وسيكون لديه دخل. فقد خلصت لجنة المؤشّر في ثاني اجتماع برئاسة وزير العمل، إلى اتفاق مع أصحاب العمل على رفع الحدّ الأدنى للأجور بقيمة 10 ملايين ليرة، ما يجعل قيمته النهائية بعد الزيادة مساوية لـ 312 دولاراً شهرياً.
في الوقت نفسه، أصدرت منظمة «Save the children» استطلاعاً يشمل 4099 أسرة موزعة على مختلف المحافظات باستثناء محافظتَي الشمال وعكار. وتركز العدد الأكبر من الأسر المستطلعة في محافظة البقاع بنسبة 34%، تليها جبل لبنان بنسبة 27%، وصولاً إلى لبنان الجنوبي بنسبة 13%.
وخلص الاستطلاع إلى أنّ 66% من الأسر تواجه تحديّات في الوصول إلى نوعية جيّدة من الغذاء، وتركزت هذه المشكلة بشكل أساسي في منطقة بعلبك الهرمل، حيث لم تتمكن 11% من الأسر من الحصول على الغذاء الكافي لقوت يومها.
وأبلغت 33% من الأسر أنها تمر في مرحلة طوارئ غذائية، بينما أبلغ 62% من الأسر عن انقطاع في الدخل، وفقد 56% من أرباب الأسر المتضررين من العدوان الإسرئيلي، أعمالهم، وخسر 41% منهم مصادر رزقهم.
وعلّلت 64% من الأسر المستطلعة سبب الصعوبة في تأمين الغذاء إلى عدم قدرتها على تحمل كلفة المواد الغذائية، إذ اعتبرته «العائق الرئيسي أمام الحصول على الطعام». وأبلغت 11 أسرة فقط، عن وجود مصادر دخل كافية لديها لتلبية احتياجاتها دائماً، فيما أبلغ 2273 أسرة، أي 55% من المستطلعين، عن «عدم كفاية مصادر الدخل في الكثير من الأحيان».
هنا تبرز مشكلة تحديد الحدّ الأدنى للأجور بشكل أكثر وضوحاً، فالسلّة الأساسية للبقاء على قيد الحياة لعائلة من 5 أفراد، والمكوّنة من مواد غذائية وغير غذائية، تبلغ قيمتها 450 دولاراً، وفقاً لبرنامج الغذاء العالمي. وفي الوقت نفسه، لن يتجاوز الحدّ الأدنى للأجور في حال إعادة النظر فيه في مجلس الوزراء 312 دولاراً شهرياً، ما يعني بأنّ العجز لدى العامل الذي يتقاضى الحدّ الأدنى للأجور سيبلغ 138 دولاراً شهرياً، وهذا من دون احتساب تكلفة إيجار المنزل، والنقل اليومي، والتعليم، والطبابة.
وفي هذا الإطار، لفت الباحث كمال حمدان بأنّ تقديرات الحدّ الأدنى للأجور لا يجب أن تكون أقل من 900 دولار شهرياً، لا سيّما بعد احتساب كلفة النقل والكهرباء والتعليم، فضلاً عن كلفة تأمين الحدّ الأدنى من الطعام اللازم للبقاء على قيد الحياة. وحول طريقة احتساب الحدّ الأدنى، لفت حمدان إلى افتقار البلد إلى دراسات وأرقام كافية تكفي للوصول إلى مخرجات واضحة. فمتوسط عدد العاملين في الأسرة يصل إلى 1.3 شخص.
وللوصول إلى حدّ أدنى واضح لا يمكن البناء على ما كان قبل الانهيار عام 2019، يجب احتساب متوسط حجم الأسرة، والسعرات الحرارية اللازمة للبقاء على قيد الحياة، وكل أكلاف العيش الأخرى من مأوى وملبس ومشرب وكهرباء، ثمّ تقسّم النتيجة على متوسط عدد أفراد الأسرة لمعرفة كلفة الفرد الواحد، ويكون عندها الحدّ الأدنى للأجور هو حاصل متوسط عدد أفراد الأسرة مضروباً بتكلفة تأمين السلّة الأساسية من الغذاء، والمواد الأخرى اللازمة للبقاء على قيد الحياة. لذا، لا يمكن الاعتماد فقط على المفاوضات بين النقابات التي تزعم أنها تمثّل العمال، وبين أرباب العمل الذين يشكّلون جزءاً تاريخياً من السلطة ويبغون الربح الكبير دائماً، للوصول إلى تعديل الحدّ الأدنى للأجور.
فعلى أهمية المفاوضات، بحسب حمدان، يجب الاستناد إلى العلوم والإحصاءات لمعرفة كلّ المؤشرات الاقتصادية، ولا سيّما نسب التضخم، ووضع العملة المحليّة، وإنتاجية الاقتصاد.
لأنّ البرجوازية تحاول دائماً اللجوء إلى المفاوضات لخفض سقف الحدّ الأدنى للأجور، وفي هذا السياق تستخدم العلوم لمصلحتها بشراء ولاءات الناس. بالنسبة إلى حمدان، لبنان بلد أهدر عشرات المليارات من الدولارات ويقف على زيادة 50 دولاراً للعمال.
محدودية الحصول على الخدمة الصحية
96% هي نسبة الأسر غير القادرة على الوصول إلى رعاية صحية أساسية، علماً أنه بحسب استطلاع «Save the children» فإن 4% من الأسر فقط قادرة على الوصول الكامل إلى الرعاية الصحية. وتفسّر الأسر الموانع الرئيسية أمام وصولها إلى الرعاية الصحية، بعدم قدرتها المادية على تحمل رسوم المستشفى بنسبة 95%، فيما يقول 23% من الأسر أن السبب يعود إلى ارتفاع كلفة النقل من المراكز الطبية وإليها. كذلك، لم تتمكن 19% من الأسر من شراء ما تحتاج إليه، والسبب يكمن في عدم قدرتها على تحمّل كلفة الأدوية بنسبة وصلت إلى 99%.
14%
هي نسبة الأسر غير القادرة على تأمين مياه شرب نظيفة
57%
من الأسر غير قادرة على تأمين مواد التنظيف الأساسية
60%
من الأسر تواجه مشكلات في تأمين شراء اللوازم المدرسية
86%