الخميس 03 تموز 2025 الموافق 08 محرم 1447
آخر الأخبار
ياصور

كتبت صحيفة “الأخبار”: حتى مساء أمس، لم يكن الرؤساء الثلاثة جوزيف عون ونبيه بري ونواف سلام، قد أنجزوا تصوّرهم للردّ على ورقة المقترحات التي حملها إلى بيروت المبعوث الأميركي توم برّاك.
وقالت مصادر مطّلعة إنّ عون وسلام اتّفقا على انتظار الجواب النهائي الذي سيحمله رئيس المجلس باسمه ونيابة عن حزب الله.
فيما تستعدّ الدوائر الرسمية والسياسية لاستقبال برّاك الإثنين المقبل كموعد مبدئي، فيما علم أنه سيمضي عدّة أيام في بيروت ويعقد اجتماعات مع المسؤولين اللبنانيين ولقاءات سياسية أخرى.
وبحسب المصادر، فإن الرؤساء الثلاثة دقّقوا في ورقة المبعوث الأميركي، لم يجدوا فيها أي تهديد أو تحذير مباشر. لكنّهم فهموا ما قاله الرجل شفهياً بأنّ “لبنان أمام نافذة فرص قد تُغلق خلال شهرين في حال لم يتجاوب مع المطالب”. وأضافت إنّ المشكلة الرئيسية في الورقة الأميركية، لا تتعلّق فقط بأنها تحمل مطالب إسرائيل، بل تحاول ربط كل الملفات الداخلية بملف نزع السلاح. وأشارت إلى أن برّاك لم يضع جدولاً زمنياً بالمعنى الحرفي، لكنه تحدّث عن أنّ مهمّته ليست طويلة، وأنه يتوقّع أن يترك هذه المهمة خلال شهرين إلى ثلاثة على أبعد تقدير، ويفضّل أن يتوصل خلال هذه المدّة إلى تفاهمات مع السلطات اللبنانية.
وأوضحت المصادر أنّ المناقشات الجارية تركّز على سُبل إعداد ردّ يهدف إلى إعادة ترتيب الأولويات التي وردت في ورقة برّاك، وأنّ البحث قائم عبر اللجنة الاستشارية الرئاسية التي واصلت اجتماعاتها في بعبدا، من أجل “بلورة ردّ موحّد، ليكون محلّ توافق بين الرؤساء الثلاثة، وهو ما لا يزال يحتاج إلى جلسات إضافية”.
وقد تحدّث برّاك عن ملف السلاح باعتباره خطوة أولية مطلوب من الدولة اللبنانية تقديم برنامج زمني وآلية لتنفيذها، على أن يليها اتفاق على ملف الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية المحتلة.
وفُهم من كلمة “اتفاق” أنها ترتبط بمفاوضات أشار المبعوث الأميركي إليها من زاوية أنّ على لبنان ترسيم حدوده مع سوريا أولا، وبعدها يصار إلى البتّ في نقاط خلاف مركزية، لا سيّما في منطقة مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من قرية الغجر.
وفي هذا الإطار، أصرّ برّاك على أنّ على لبنان أن يدخل في نقاش سريع مع السلطات الجديدة في سوريا لترسيم كامل الحدود البرية من منطقة حدود الجولان جنوباً حتى آخر نقطة على حدود عكار الغربية شمالاً، ووضع آلية لترسيم الحدود البحرية بين البلدين.
وقالت المصادر إنّ الملف الأخير يتعلّق بالإصلاحات الاقتصادية والمالية الداخلية، وإنّ برّاك يلمح إلى أن إدارة الرئيس دونالد ترامب قد تلجأ إلى فرض عقوبات على كل من يعرقل إقرار قوانين الإصلاحات أو منع تطبيقها.
وبحسب زوّار أحد الرؤساء، فإنّ التهديد الفعلي لبرّاك تمثّل في القول بأنّ أي دولة عربية أو إسلامية أو أجنبية لن تكون مستعدّة لتقديم أي نوع من المساعدة المالية للبنان، وإنّ ملف الإعمار لن يكون ممكناً تحقيقه ما لم يلتزم لبنان هذه الطلبات. وهو ما شرحه برّاك أمام بعض من اجتمع بهم في بيروت، عندما قال إنّ دول الخليج العربية منشغلة بأمورها الاقتصادية، والأولوية لديها لسوريا، ولبنان ليس حاضراً في جدول اعمال دول كبيرة، ولا سيّما السعودية.
وفيما قالت المصادر إنّ “ورقة برّاك تعني الاستسلام الكلّي، وإنّ السعودية شريكة فعلية فيها”، لفتت إلى أنّ “الملف الثاني الذي أقلق الرؤساء وركّز عليه الموفد الأميركي هو العلاقة مع سوريا وتطبيع العلاقات مع السلطة الجديدة فيها”، كاشفة أنّ “موضوع مزارع شبعا حُسِم بالنسبة للأميركيين، وستعلن سلطة الشرع عن سوريّتها، في مخطّط مشترك لسحبها كذريعة للمقاومة”، كما حسم موضوع ترسيم الحدود بينَ البلدين وفقَ خرائط الانتداب وما تقتضيه المصلحة الإسرائيلية، في ضوء ما يُحكى عن ترتيبات أمنيّة يفترض الإعلان عنها قريباً بين سوريا والعدو الإسرائيلي”. وتخوّفت المصادر من أن تكون “الإجراءات الأميركية الجديدة تجاه سوريا، ولا سيّما رفع العقوبات، جزءاً من الثمن الذي يجنيه الشرع ليكون شريكاً في تطويق لبنان في المرحلة المقبلة”.
لذلك اعتبرت أوساط بارزة مطّلعة على الاجتماعات التي عقدها برّاك في بيروت وما تضمّنته ورقته أنّ كل ذلك يجعل من الاجتماعات والردّ اللبناني مضيعة للوقت. فالمبعوث الأميركي “لم يأتِ بنيّة الوساطة، أي إنه لم يكن يبحث عن تسوية بين لبنان وإسرائيل لوقف الحرب، بل جاء ليقول إنّ هناك خيارات محدّدة مطروحة على لبنان، إمّا أن يوافق عليها كما تريدها الولايات المتحدة أو يبقى في هذه الدوّامة مع ازدياد الضغوطات في كل الاتجاهات”.
واعتبرت الأوساط نفسها أنّ “هامش الردّ اللبناني ليس واسعاً”. لأنّ برّاك كانَ “واضحاً أنّ سياسة الاستمهال وموضوع الحوار والتفاهم الداخلي ليس أمراً مستساغاً لدى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ما يجعل العرض مقدّما لمرة واحدة وأخيرة”. وأشارت المصادر أنّ “برّاك لمّح إلى أنّ كلفة الرفض ستكون عالية على لبنان”، ملوّحاً بـ “رزمة عقوبات جديدة ستطال أي جهة معطّلة للمطالب الأميركية، ليس في ما يتعلّق بملف السلاح وإنما في ملف الإصلاحات”، وقد كان هذا الملف من “الأمور الأساسية التي ركّز عليها”.
وقال مصدر وزاري، إنّ ما يمكن للبنان القيام به الآن، هو مناورة تقوم على تبديل الأولويات التي قدّمها برّاك، عبر المطالبة أولاً بتحقيق الانسحاب الإسرائيلي من كل المناطق المحتلة، وضمان التزام إسرائيل تطبيق قرار وقف إطلاق النار، عبر وقف كل الاعتداءات والخروقات، إضافة الى إطلاق سراح الأسرى.
ثم إطلاق عملية إعادة الإعمار، وفق خطوات عملية فعّالة، تقتضي رفع أي نوع من الحصار المالي المباشر وغير المباشر عن لبنان، على أن يكون ملف السلاح خطوة أخيرة تستند إلى حوار داخلي لبنان يتعلّق بالمصلحة الوطنية وليس بتحقيق مطالب إسرائيل.

تم نسخ الرابط