الشيخ علي الخطيب: نعتبر أنّ السيادة واحدة لا تتجزأ "إما أن يبقى لبنان أو لا يبقى لبنان"

أطلق نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى سماحة العلامة الشيخ علي الخطيب جملة من المواقف في لقاء حواري عقد في منزل رئيس لجنة أوقاف بلدة الدوير الدكتور غازي قانصو، بحضور إمام البلدة السيد كاظم إبراهيم وفعالياتها السياسية والحزبية والبلدية والإختيارية والإجتماعية.
وقال سماحته: يشهد وطننا حملة تهويل وتضليل لزرع الرعب و الخوف في بيئة المقاومة من قبل بعض اللبنانيين الذين يضللون، اللبنانيين الآخرين، ولكنهم أخواننا وأهلنا ومواطنينا وحريصون عليهم كحرصنا على أنفسنا، وحريصون على البلد، ونعتبر أن السيادة واحدة لا تتجزأ، إما أن يبقى لبنان أو لا يبقى لبنان، ونرى ان خطاب التفريق هو خطاب الاعداء الذي يجب أن لا ننجر إليه، هذه خطة الأعداء بالتفريق المذهبي والقومي لأجل تمرير المشروع الآخر الذي هو سيطرة إسرائيل على المنطقة وأنه هي التي تعطي وتمنع، وانها مركز القرار في المنطقة، وهذا الذي يعملون من أجله.
ان مصالح الشيعة وغيرهم من اللبنانيين تكمنُ في وحدة البلد، لا أحد يستطيع العيش بدون وحدة الدولة، ووحدة البلد بكل ما فيها، نحن لم نؤسس لكانتون، نحن هكذا ننظر، فالبلد توجد فيه وحدة مصالح، البلد توجد فيه وحدة مصير وسيادة واحدة لا تتجزّأ، وان أي منطقة في لبنان قد تتعرض لعدوان فإننا سنكون ، قطعا، الى جانب أهلنا اللبنانيين أينما كانوا، ندافع عنهم، كما ندافع معهم عن بلدنا كله، وعن مواطنينا كلهم.
وتابع سماحته....الآن، وخلال هذه الفترة كلها ومن وقتٍ زُرع هذا الكيان البغيض الغريب في هذه المنطقة وحتى الآن، الأمة غائبة وكل المحاولات التي حصلت من اجل مواجهة العدوان فشلت لأن الأمة غائبة وليس لها وجود، والناس ليس لهم حضور، الحضور للسلطة وللأنظمة، أما الأمة فمغيبة، وأنا أعطيكم مثالاً: الحرب التي حصلت على الجمهورية الإسلامية الايرانية وقتلوا القادة العسكريين وباغتوها بضربة، اعتقد أنه لو أي دولة أخرى غير الجمهورية الإسلامية الايرانية كانت قد انتهت، ما الذي حماها؟ كان قضي عليها، الذي حماها هو شعبها، لأن الأمة حاضرة، حاضرة بكل شيء منذ قيامها منذ 46 سنة، أول خطوة بوضع نظام الجمهورية الإسلامية الايرانية كانت الانتخابات وكانت الاستفتاءات، استفتي على كل شيء في الدستور بنداً بنداً، والأغلبية العظمى أيدت هذا الدستور والتزمت به، هناك خلافات بوجهات نظر في بعض القضايا الخارجية لكن حينما تعرضت إيران للهجوم وللعدوان الخارجي ماذا كان موقف الشعب الإيراني؟ التحم الشعب مع بعضه، البارحة شاهدت مشهد أول ظهور للسيد الخامنئي حفظه الله بليلة العاشر كيف كانت تعبيرات الناس؟ ما هو الخطاب الذي كان مجلسا عاشورائيا؟ الدمج ما بين الموضوع الوطني وبين الموضوع الديني، يعني جمع كل عناصر القوة في الأمة، وهذا هو الصحيح، هؤلاء الناس الذين يتحملون المسؤولية، في مواجهة الخارج ترى أن كل عناصر القوة في البلد تجمعها ولا تمزقها، نحن ماذا حصل عندنا؟ كل هذه الليالي تكلمت عن موضوع الداخل والمعارضة أو خطاب الآخر الذي هو ضد المقاومة ويريد نزع السلاح، أنا كل خطابي كان موجّهاً إلى هذه الناحية والحرب النفسية التي تشن علينا في هذا الظرف، إما تفعلوا كذا إما السِّلة أو الذِّلة، ليس الخارج الذي يتكلم هكذا بل من في الداخل أكثر، أما نزع السلاح او الإسرائيلي قادم، يهددوننا بالإسرائيلي، وقد سمعتموهم أثناء الحرب ماذا قالوا، أنهم يريدون أن يدخل الاسرائيلي ويخلصنا منهم، أنا اعتقد ان غالبية اللبنانيين لا تريد هذا الخطاب، أنا اعتقد اعتقاداً تاماً لو كان هناك استفتاءًا اليوم في لبنان لكان هذا الخطاب مرفوضا، لكن لحسابات طائفية ولحسابات داخلية وللمصالح، أين يُوجّه الاعلام بغالبيته؟ الاعلام بشكل عام مشترى، والإعلام الموجود عندنا بسبب ضعف الإمكانات ضعيف وأتمنى معالجة هذه النقطة، والحرب الاعلامية هي اخطر شيء، الحرب الإعلامية تهزم جيوش وتهزم بلدان، هذه الحرب الإعلامية اللي خيضت خلال ما يسمى بالربيع العربي هي أسقطت انظمة، طبعاً سقطت الأنظمة الهشة، لأن الأمة ليس لها قرار وتم استخدام التواصل الاجتماعي في هذا المجال.
إنّ موضوع الحرب الإعلامية ومواجهة هذه الحرب النفسية التي أريد للناس المتمسكين بوطنهم وبمقاومتهم حفاظاً على سيادتهم وعلى هذه المقاومة وانخرط بها أهلنا وإخواننا وأولادنا ولم يسقطوا رغم حدة الضغوط الإعلامية والسياسية والعسكرية والخسائر الكبيرة والفجائع ودمار البيوت والقرى والمدن رغم كل هذا لم يسقطوا، وأنا بحديثي أثناء خطاب يوم العاشر ليلاً في الغازية تكلمت عن هذا الموضوع، والذين شاهدوا الحضور الهائل لأهلنا رغم التهديدات ورغم الحرب النفسية وبعد الذي أصابهم ما زلوا ممنوعين من الأعمار والتهويلات ما زالت مستمرة، وعلى الرغم من كل ذلك ينزل أهلنا الى الشارع وهذه المشاركة الكبيرة يوم العاشر هي تعبير عن الصمود عن إعطاء الصورة أننا لم ننهزم ولم نتراجع وما زلنا على نفس النهج حماية للبنان، هذه ورقة قوة أعطيناها للمفاوضين اللبنانيين الحضور الشعبي في عاشوراء ويوم العاشر والخطابات الموجهة للأمريكيين وللإسرائيليين ولمبعوثيهم إلى لبنان هذه كان رسالة قوية للمسؤولين في لبنان لكي يقفوا على أرض صلبة، وبالتالي يكون موقفهم موقفا قويا، دون خوف من التهديدات التي تصلهم وترسل اليهم، أن تؤخذ هذه بعين الإعتبار لدى الحكومة اللبنانية والرؤساء و يروا في هذا مظهر قوة للبنان وأعطي لبنان إلى جانب المقاومة هذا الموقف الشعبي الحسيني أعطى أرضية قوية للصمود ولعدم التراجع والخوف.
وأعتقد أن النتائج الأولية حسب ما قرأتها اليوم بمجيء هذا المبعوث أنه فُهمت الرسالة ورغم التهديدت كلها شعبنا ما زال واقفاً ولم تهتز أقدامه ولا شعروا بالخوف، أحياناً بعض الأخوان كان يسألونني الى أين ستتجه الأمور، كنت أجيبهم أنه كلها تهديدات وحرب نفسية من أجل التنازل والتراجع وتقديم المزيد مما يريده الآخرون، فلا تخافوا، وأمس استشهدت بهذه الآية الكريمة: (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لم يمسسهم سوء).
اليوم أنا أوجه الخطاب ولست في مقام الارشاد وإعطاء التعليمات للحكومة وللمسؤولين، ولكن لي رأي أقوله، اليوم رئيس الجمهورية رجل محترم ونحن أظهرنا تأييدنا له ودعونا إخواننا الى الوقوف الى جانبه لما يمتلكه من شجاعة وحكمة ومن تجربة لإخراج لبنان من هذا الوضع الذي هو فيه، أنا أوجه هذا الكلام بشكل عام ولكن فخامة الرئيس منوط به تطبيق الدستور وخطاب القسم ، وأقسم عليه، بحسب الدستور، الحفاظ على وحدة البلاد وعلى وحدة الشعب اللبناني، كيف يتحقق ذلك؟ في الواقع وفي الداخل الضمني الشعب اللبناني ليس في وارد التنازل للعدو الاسرائيلي، وليسوا في هذا الظرف مع ما يقال والتعبير العدواني "بنزع سلاح المقاومة"، يقولون هذا عن المقاومة وبيئة المقاومة التي قدّمت كل هذه التضحيات ويعبروا بهذا التعبير العدواني، ولا يقولون ذلك عن العدو الإسرائيلي.
إن سلاح المقاومة ما زال مصدر قوة للبنان وهذا بيد فخامة الرئيس والحكومة اللبنانية وعليهم أن يتمسكوا بورقة القوة هذه لكي يحققوا المطلوب والحل ببناء الدولة لتقوم بهذه المهمة حماية السيادة وحماية الشعب وحفظ كرامة الناس.
فخامةَ الرئيس أنت بيدك عناصر القوة، وبإمكانك بهذا العهد أن يكون هناك تميز وتبدأ باستخدام عناصر القوة، وتكوين فريق عمل اللازم من أجل ذلك، وهناك عناصر قوة عند كل اللبنانيين، مثلاً: الاعمار واعادة البناء، يستغلوننا بأنه لن يكون هناك مال إلا بتسليم السلاح، هل نحن اللبنانيين بحاجة؟
المغتربون سحبوا اموالهم من الخارج واتوا بها الى لبنان ولم تستثمر ثم ضاعت الاموال هي معروفة المصير لمن هناك تحايل لصرف النظر عن الطالبة به، طبعاً الآن فخامة الرئيس والحكومة الحالية لا يتحملون هذه المسؤولية، ولكن اموال المغتربين الذين أودعوهم في لبنان هنا، أنا أكيد أن المغتربين قادرون، ويريدون تقديم الاموال اللازمة الى جانب الدولة ( التي تدعي الفقر دائماً) وهذا يمكن لفخامة الرئيس وللحكومة الاستناد اليه اذا كان هناك جدية وهذه من ضمن عناصر القوة للبنان، وحتى الناس على استعداد لتحمل جزء من هذا الجهد ليكون لبنان قوياً، الوحدة مطلوبة في لبنان ولكن من يحققها؟ وحدة الشعب والحفاظ على الارض، فخامة الرئيس أقسم عليها اليمين، لتجميع عناصر القوة واهمها المبادرة الى تحقيق وحدة الشعب اللبناني التي اهم عنصر من عناصر القوة للحكم لتكون في خدمة لبنان، أولاً في دفع الأخطار وثانياً في بناء الدولة القوية العادلة القادرة، المقاومة ومع الوضع الذي كان موجوداً في السابق من حرب أهلية وانقسام داخلي استطاعت تحرير جنوب لبنان لأول مرة بتاريخ الأمة منذ سقوط غرناطة الى الآن، لأول مرة يُجبر العدو الذي دخل لأراضٍ عربية وإسلامية على الخروج من دون ثمن مقابل ومن دون اتفاق وخرج من لبنان مهزوماً، يهولون علينا؛ بأن سوريا سقطت، والمنطقة تغيرت والى آخره... صحيح في كل الذي جرى سابقا كانت توجد عوامل مساعدة، ولكن الأصل هو الشعب اللبناني، فخامة الرئيس منوط به تحقيق هذه الوحدة وهو قادر وسيكون خلفه، ويهولون أيضاً بأن الاسرائيلي سيدخل ويحتل الى الأولي، اذا كان قادراً على ذلك لماذا لم يدخل؟ لن توقفهم أميركا التي هي وراء كل فعل اسرائيلي، والحقيقة أن العدو ليس قادراً على تحقيق ذلك.
وبالتالي الوضع الآن يتوقف على مبادرة من فخامة الرئيس والحكومة وسترون كيف يصنعون هذه الوحدة، نريد مبادرة تجسد (خطاب القسم) الذي هو خطاب جيدٌ، ولكن نريد أن يتحول هذا الخطاب الى فعل، وعلى رأسه القضايا الدستورية والعمل على تجميع عناصر القوة وعلى رأسها وحدة الشعب اللبناني وسائر عناصر القوة في البلد، والغالبية العظمة أيدت خطاب القسم، وهذه فرصة كبيرة جدا للمستقبل.
هذا ما نرجوه بالإنتقال الى مرحلة أفضل بعد أن أُعطي هذا العهد قوة في موقف المقاومة وفيما أنجزته المقاومة من منع للعدو الاسرائيلي باختراق الحدود، فهو استغل الاتفاق التي وقعته الحكومة اللبنانية وتنفيذه، الذي لا يكون فقط بالدبلوماسية، اذا لم تكن قوياً لا أحد يصغي اليك، عليك بتفعيل عناصر القوة لتحقيق مصالح لبنان أوله حفظ حدوده وسيادته وعدم الرضوخ لما يفرض علينا من قبل المبعوث الاميركي وغيره، هؤلاء لا يعلمون لمصلحتنا إنما لمصلحة اسرائيل ويدعمونها بالمال ويغطونها اعلامياً واقتصاديا وعسكرياً ويتدخلون عسكرياً عندما تريد اسرائيل، عام 1973 تدخلوا، وأمس في ايران تدخلوا، والطائرات التي كانت تضرب بيروت والضاحية والبقاع والجنوب من أين كانت تأتي؟
نحن نأمل أن يكون هناك دولة، او ان يصار الى تكوين دولة قادرة عادلة، وتستجمع عناصر القوة في هذا البلد، وإلا ما هي مهمة الحكم، واذا لم يكن هناك وحدة وتجميع لقوى الشعب اللبناني هذا يعني أن هناك فشلاً؟ ونحن لا نريد الفشل؟ نريد النجاح للعهد وأن تتحقق مطالب الشعب اللبناني وكرامة الشعب اللبناني وعلى المخلصين وكل من يستطيع ان يقدم خدمة في هذا المجال ان يقف خلف فخامة الرئيس لتحقيق هذه الغاية الكبيرة.

