كيف نواجه التنمر .. بقلم الشيخ جمال بري

التنمر قد يكون لفظيا أو جسديا او نفسيا أو حتى بالإيماءات وتعبيرات الوجه ، يمكن أن يكون التنمرعن طريق التحرش الفعلي والاعتداء البدني، أو غيرها من أساليب الإكراه الأكثر دهاء مثل التلاعب النفسي . عادة ما يستخدم التنمر في إجبار الآخرين عن طريق التخويف أو التهديد. يشار إلى المتنمر أيضاً في المدارس وفي أماكن العمل بالقرين المزعج الذي " لا يطاق "..
تشير البحوث إلى أن المتنمرين البالغين غالبا ما يكون لهم شخصيات استبدادية، جنبًا إلى جنب مع حاجة قوية للسيطرة أو الهيمنة. وقيل أيضا أن وجهات نظر المرؤوسين والموظفين يمكن أن تكون عامل خطر عليهم بشكل خاص..المتنمرون عادة ما يكونون متكبرين ونرجسيين , ومع ذلك يمكن أيضا أن يُستخدم التنمر كأداة لإخفاء العار أو القلق أو لتعزيز احترام الذات عن طريق إهانة الآخرين، حيث يشعر المسيء نفسه/ نفسها بالسلطة والسيطرة .
ومن اسباب التنمر : الاكتئاب واضطراب الشخصية وسرعة الغضب واساءة استخدام القوة والنفوذ، والإدمان على السلوكيات العدوانية، وسوء الظن ومرض الارتياب , وسوء فهم أفعال الآخرين وتفسيرها بأنها معادية، والقلق على الحفاظ على صورة الذات، والانخراط في أعمال الهوس أو العنف .
ومن اشكال التنمر في المدرسة : التنابز بالألقاب ، أو الإساءات اللفظية أو المكتوبة ، أو الاستبعاد من النشاطات ، أو من المناسبات الاجتماعية، أو الإساءة الجسدية ، أو الإكراه او تخريب الممتلكات , بالاضافة الى التسقيط الاجتماعي او اشعار المتنمر عليه بانه تافه ووضيع . يمكن أن يتصرف المتنمرون بهذه الطريقة كي يُنظر إليهم على أنهم محبوبون أو أقوياء , أو قد يتم هذا من أجل لفت الانتباه . ويمكن أن يقوموا بالتنمر بدافع الغيرة أو لأنهم تعرضوا لمثل هذه الأفعال من قبل وكانوا ضحايا له . التنمر يتضمن قدراً كبيراً من العدوان الجسدي مثل الدفع والنغز، ورمي الأشياء، والصفع، والخنق، واللكم والركل والضرب والطعن، وشد الشعر، والخدش، والعض .
العدوان الاجتماعي أو التنمر غير المباشر يتميز بتهديد الضحية بالعزل الاجتماعي. وتتحقق هذه العزلة من خلال مجموعة واسعة من الأساليب، كرفض الاختلاط مع الضحية، والتنمر على الأشخاص الآخرين الذين يختلطون مع الضحية وتهديدهم ، ونقد أسلوب الضحية في الملبس وغيرها من العلامات الاجتماعية الملحوظة (مثل عرق الضحية، والدين، والعجز، والفقر إلخ). ومنها مجادلة الآخرين حتى الاستسلام، والتلاعب النفسي، واطلاق الشائعات المغرضة والأكاذيب واستخدام النميمة والوقيعة , ومنها تعمد التحديق الغاضب او المشمئز، والقهقهة والضحك على الضحية ، وقول كلمات محددة تثير رد فعل من حدث سابق ، والاستهزاء .
يمكن الحد من التنمر المدرسي عن طريق تعليم الأطفال والمراهقين المهارات الاجتماعية للتفاعل الناجح مع المحيط مع توفير الحماية المناسبة لهم وطرق الدفاع عن انفسهم بشكل سليم. وسوف يساعدهم ذلك على أن يكونوا أشخاصا بالغين منتجين عندما يتعاملون مع بعض الاشخاص المزعجين. ومنها : تفعيل برامج مكافحة التنمر لتعليم التعاون بين الطلاب، وكذلك تدريب المشرفين والمعلمين والنظار على أساليب التدخل وتسوية النزاعات ومقاصصة المتنمرين بالطرق التأديبية التربوية واستدعاء اولياء امورهم .
تداعيات التنمر :
يمكن أن تكون آثار التنمر خطيرة جداً، بل ومن الممكن أن تؤدي إلى الوفاة . هناك العديد من الدراسات توضح أن الأفراد، سواء كانوا أطفالا أم بالغين والذين يتعرضون باستمرار للسلوك التعسفي، يكونون معرضين لخطر الأمراض المتعلقة بالضغط النفسي والتي من الممكن في بعض الأحيان أن تؤدي إلى الانتحار خصوصا عند المراهقين والشباب. يمكن أن يعاني ضحايا التنمر من مشاكل عاطفية وسلوكية على المدى الطويل . حيث قد يسبب التنمر بالشعور بالوحدة والنبذ، والاكتئاب والقلق , وتؤدي إلى تدني تقدير الذات، وزيادة التعرض للمرض, وحدوث الفشل الدراسي ورفض المدرسة.
التنمر في أماكن العمل :
خلافا عن شكل التنمر في المدارس الذي يتعلق أكثر بالإيذاء الجسدي، فإن التنمر في العمل غالباً ما يحدث على شكل اساءات لفظية واستهداف الروح المعنوية للموظف او العامل وتشويه صورته وتسخيف عمله وتقزيم انجازاته واثارة الشكوك حوله ونبذه وصولا الى " الاغتيال الوظيفي " .
تنمر الإنترنت او التنمر الالكتروني :
هو الاستعانة بالمعلومات وتقنيات الاتصالات مثل الرسائل الإلكترونية والهواتف المحمولة والرسائل النصية والفورية ووسائل التواصل الاجتماعي ومواقع وحسابات الإنترنت الشخصية التشهيرية والفضائحية والمدونات والألعاب على الإنترنت للقيام بتصرفات عدوانية تتصف بالتكرار والتعمد من قبل فرد أو مجموعة، وبهدف ايذاء الأخرين وابتزازهم او اسكاتهم او اخضاعهم الخ... ومن انواع التنمر المذمومة : التنمر السياسي والديني والعسكري والرياضي .
يحرِّم الاسلام الحنيف كل اشكال التنمر والاذية اللفظية والبدنية والمعنوية واستهداف المؤمن واهانته والنيل منه ويذم كافة اساليب العدوان على الاخرين بدون مسوغ شرعي كرد الظلم والدفاع المشروع عن النفس والعرض ونصرة المظلوم ..
والمسلم كما في المروي عن النبي الاكرم (ص) هو " من سلِمَ الناس من لسانه ويده " .
وعنه (ص) انه قال في ذم العدوان اللفظي على الاخرين : " وهل يُكبُّ الناس في النار على وجوههم او على مناخرهم الا حصائد السنتهم "
ومن الايات القرآنية التي تذم التنمر وكافة اشكال العدوان الاجتماعي قوله تعالى :
" وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ " ( الهمزة : 1)
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ " ( الحجرات : 11 ) .
وفي الختام من واجبنا جميعا كأهل واولياء امور ومعلمين ورجال دين واصحاب مهن وعاملين في القطاع الخاص والعام ان نرفض التنمر وندين من يمارسه ونصلح ونرشد الصغار والمراهقين والشباب ممن يقوم بافعال اجتماعية مسيئة , وان نساعد كل من يتعرض للتنمر وندافع عنه ونحفظ حقوقه ف " كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته " .