الأحد 05 أيار 2024 الموافق 26 شوال 1445
آخر الأخبار

تصريح الوزير سلام.. ليس 'زلة لسان'! بقلم د. مهدي عقيل

ياصور
تصريح وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال، أمين سلام، يؤكّد لنا أن الدول العربية التي اعتادت على تلقي المساعدات والمِنح والقروض من دول الخليج، تظن أن الأخيرة ما زالت على حالها، وآلية عمل مؤسساتها لا تحتاج إلا إلى موافقة حكامها ب"شحطة قلم" أو بأمر شفهي حتى تُنفذ ما يُطلب منها!

يبدو أن معاليه لم يُكلف نفسه عناء قراءة ما توصّلت إليه دول الخليج في نظام الحوكمة والشفافية، ولعبة الأرقام والأرباح التي تستهدفها تلك الدول من مشاريعها الداخلية والخارجية على السواء.

وبالتأكيد، ليس على معرفة بأن عهد المنح والعطاءات، والربت على الأكتاف، والتقرب لدى حكام تلك الدول بكلام محبب لديهم، لا سيما العبارة "التأهيلية" الشهيرة "طال عمرك"، قد ولّى بلا رجعة.

أصبح لدى هؤلاء مؤسّسات ونظام قائم بمختلف القطاعات، مُرفق بحداثة وتطور تقني وتكنولوجي يضاهي بمكان ما المعمول به في الدول الغربية.

ولسوء حظ الوزير أنه اختار الدولة الأقدم في الاحتكام إلى القانون والالتزام بعمل المؤسسات (الكويت) بين أخواتها من دول الخليج العربي.
 
وللعلم، ليس ما قاله الوزير سلام في مؤتمره الصحافي زلّة لسان، إنما قناعة راسخة لديه ولدى معظم زملائه في الحكومة والبرلمان أيضاً، والأمر نفسه يسري على رجالات الحكم في مختلف الدول العربية التي اعتادت على تلقي المساعدات الخليجية.
 
من الواضح أن هناك العديد من الدول التي لم تمتلك بعد أسرار اللعبة الخليجية الجديدة. ذلك أن لبنان، كما غيره من الدول، اعتادت على تلقي المساعدات من دول الخليج بلا أثمان مقابلة، لكن الأخيرة مع الجيل الثاني من قادتها، تغيرت، ولا سيما الكويت والسعودية والإمارات، التي تتعاطى مع الخارج (العربي وغير العربي) بلغة الأرقام، وصولاً إلى التأكيد أن حقبة المنح والهبات المجانية باتت من الماضي إلا عند الضرورة أو في سبيل مصلحة سياسية استراتيجية.
 
ولغة الأرقام هذه دعت دول الخليج إلى احتساب استثماراتها في سائر الدول العربية جيدًا، ومن بينها لبنان، سواء اليوم أو غدًا. وبالتالي، فقدان الشفافيّة أو المنافسة الشريفة، والفساد المستشري في مؤسسات الدول التي تطلب المساعدات أو الاستثمار فيها، سوف يدفع دول الخليج وغيرها إلى الإحجام عن الاستثمار في هذا البلد أو ذاك.
 
خلاصة القول، دول مجلس التعاون الخليجية ليست جمعيات خيرية، إنما دول مكتملة المواصفات، وترسم برؤاها الخمسية والعشرية .. إلى نصف قرن قادم. وللأسف، ما زال لبنان يفتش كيف يشحذ المساعدات من هنا ويقترض من هناك بسبب  الطبقة السياسية التي حكمته من تسعينيات القرن الماضي حتى تاريخ كتابة هذه السطور، بعقلية رجعية لا تُتقن سوى سياسة الفساد والهدر وتضييع حقوق الوطن وبنيه.
تم نسخ الرابط