نور حكومي ينبلج.رغم ظلامية المشهد برمته .. بقلم زياد العسل

كتب الكثير وقيل الكثير عن هذا العام المكدس بالأزمات والبلاوى الزرقاء , هذا العام الذي سيبقى في ذاكرة اللبنانيين طويلا لارتباطه بمحطات مفصلية يعتبر الخروج منها شيئا اعجازيا يحتاج لصلاوات استسقاء للحلول عوضا عن الأمطار ,فمنذ ثورة 17 تشرين وحتى الآن ,انقلب الوضع لبنانيا بشكل غير طبيعي وكأنك تشاهد فيلما أمريكيا طويلا , تحتاجه في بعض أجزاءه للتوقف عند محطات استثنائية وحاسمة لم تكن في الحسبان
هذا الفيلم الأميركي الطويل المطعم بأحداث صنعت في لبنان على مدى سنوات وعقود من الزمن ,بفعل سياسات خاطئة وسوء تقدير لإدارة الدولة ومواردها وثقافة المحاصصة والمسايرة والتحالفات السياسية التي تصل لرمتها حينا وتنقلب عداوة مفرطة أحيانا , كل ذلك وأكثر اضافة لسياسات ورؤىاقتصادية لا تخطر على قلب بشر .كان لها اليد الطولى في الخراب الجلل الذي آلت اليه الأمور , إضافة لمنطق التسويات والتحالف تارة على القطعة وتارة أخرى على المفرق ,كما يستعمل في ادبيات التجارة , هي جملة عناصر أودت بالبلاد لما وصل إليه , اضافة لأطماع دولية في نفطنا وغازنا ومياهنا وهوائنا ,وحتى أبسط ما نملكه من مقومات سعادة في البلاد ,بالإضافة للصراعات المحلية التي تترك أثرها دائما على المعادلة اللبنانية ,بحكم الموقع الجغرافي للبنان ,وتنافس دول الغرب على مربط خيل في سويسرا الشرق
أتت الثورة الشعبية وظن اللبنانيون أن لبنان الجديد بدأ يرستم, ولكن الكارثة الكبرى أن هذه الثورة أضحت ثورات , وكل يفصل على قياسه ,فهذا يريد مطلبا وهدفا ومبتغى ,وذاك يريد العكس تماما ,لندخل في حلبة صراع جديد عند أبناء الثورة نفسها التي احتضنها اللبنانيون في الأيام الأولى من خلال شعاراتها الإصلاحية ,قبل أن يذوب الثلج ويبان المرج ,ويتضح أن البعض من قياداتها ينتظرون التشكيلة الوزارية بفارغ الصبر !
وبعد صراع وإقفال طرقات وامتلاء للساحات عاشه لبنان لأشهر , تشكلت حكومة جديدة بقيادة الدكتور حسان دياب ,وهنا عاد النقاش بين مؤيد ومعارض ,النقاش الذي لن يغير في مصيرها ومسارها وفي الود قضية لأن كل الكتل قد وافقت عليها سواء من فوق الطاولة السياسية والإعلامية , أو من نقطة ما أسفلها , لتبدأ الحكومة العمل الجدي بعد أن قبلت التحدي وانتشال ما يمكن انتشاله من كوارث عمرها من عمر الكيان , قبل أن يطل علينا وباء العصر ,الكورونا الخبيثة المخبئة في ثياب فايروس فتاك لا يرى بالعين المجردة ولكنه رغم صغر حجمه ,أجبر المليارات من الناس في الكوكب برمته على المكوث في منازلهم تجنبا للعدوى والوفاة جراءه
هذا الأمر دفع الحكومة للعمل الجدي ,واذا ما أمعنا النظر نرى أنها لغاية اللحظة استطاعت تحقيق الكثير نسبة لامكانياتها المتواضعة والوضع الإقتصادي الكارثي الذي يمر به لبنان والذي يهدده وجوديا ,والذي أجبر هذه الحكومة أن تكون كمثل طبيب يريد أن يعالج مريض يموت أمام ناظريه ,ولكن الوزارة المعنية بهذا الملف ووزيرها قدموا لغاية اللحظة أداء جبارا وكبيرا ,اضافة للممرضين والممرضات والصليب الأحمر وكل الطاقم الطبي والتمريضي اللبناني , وذلك باشراف مدروس ومهنية وأخلاقية من الوزير حمد حسن
هذا بالإضافة للملف الإجتماعي الذي توج وزيرا ملكا جديدا هو رمزي مشرفية الذي يقدم جل الإمكانيات لتفادي الأزمة الإجتماعية والإقتصادية المقبلة من خلال خطط وعمل دؤوب أنتجا مساعدة عينية لأكثر من 60 % من اللبنانييين الذين حظيوا وسيحظون بالقريب العاجل لأخريات منها ,اضافة لمبلغ 400 ألف ليرة لبنانية لكل عائلات من العائلات الأكثر فقرا والمتضررة من أزمة كورونا ,نتيجة توقفها عن العمل اليومي ,وهذا ما يحسب ويسجل للوزير المشرفية أيضا
الحكومة أمام تحديات مصيرية وكبيرة جدا ,واذا استمر الأداء على ما هو عليه ستدخل حكومة حسان دياب التاريخ اللبناني من مصراعيه لتدون أسماءه بحروف من ذهب ,كيف لا وما يحدث اليوم نسبة لجكومة محاربة من الشرق والغرب هو الإنجاز بعينه ,وسط واقع مأساوي عاشه لبنان لعقود من الزمن على شتى المستويات