"مدلّل" حارة حريك يشارك في ذبح "حزب الله" !
قبل استشهاد الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، كان جبران باسيل لا يزال يُبقي على شعرة معاوية مع الحزب، مترقبّاً على ضفّة النهر ما ستؤول إليه الحرب ومحتسباً بعض الشيء لمن ساهم بنسبة كبيرة في إيصاله إلى ما هو عليه اليوم. لكن بعد استشهاد السيد ومع وقوع الحزب في أزمة غير مسبوقة منذ تأسيسه، حمل باسيل السكين وحجز لنفسه دوراً في طابور "ذابحي" الحزب، من الوريد إلى الوريد.
الصغير قبل الكبير في لبنان، يعلم أن لـ"حزب الله" الفضل الكبير في تعويم باسيل "سياسياً" وغير سياسي، وهو الذي وافق لأجله على قانون انتخاب يضمن له مقعداً نيابياً في البترون بعد السقوط مرتين متتاليتين في الإنتخابات، والحزب نفسه هو الذي ضرب بيده على الطاولة لتوزيره أول مرة في حكومة الرئيس فؤاد السنيورة عام 2008، وإيقاف كل الحكومات في عهد الرئيس ميشال سليمان، حتى ينال باسيل مبتغاه، وهو أيضاً من عطّل الإنتخابات الرئاسية لسنتين ونصف لإيصال عمّه الرئيس ميشال عون إلى سدة الرئاسة ليحكم باسيل "العهد كل العهد"، دون أن ننسى أن الحزب هو من جعل باسيل الماروني الوحيد "المدلّل" في حارة حريك، ومنحه كل السلطة بحجة الغطاء المسيحي الذي لم يحتاجه الحزب كما يدّعي البعض، بل على العكس كان الحزب دائماً هو الغطاء لباسيل، خصوصاً في موسم الإنتخابات الإنتخابية حيث دعم مرشحيه وأمّن له كتلة نيابية وازنة "نكاية" برئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع.
صُدم الوسط السياسي والشعبي بمواقف باسيل الأخيرة إلى قناة "الحدث" السعودية التي شنّ فيها هجوماً غير مسبوق على "حزب الله"، وكانت ردّة الفعل العارمة مزيجاً من الإشمئزاز والغضب من خصوم الحزب قبل حلفائه وجمهوره جرّاء انتهازية باسيل، الذي يريد تقديم أوراق اعتماده لدى المحور المعادي للحزب اليوم، وقلّة وفائه لمن كان له الفضل الأكبر في صعوده السياسي وقلّة مصداقيته، إذ يكفي العودة إلى أرشيف خطاباته ومواقفه خلال 18 سنة منذ 2006 التي تناقض كل ما قاله بالأمس.
لكن حسابات باسيل لا تأخذ بالإعتبار هذه المبادئ والعواطف، فما يريده باسيل هو استكمال استدارته لحجز مكان له لدى المحور "الرابح" بعدما استشعر خسارة الحزب للحرب الحالية، وهو يقوم تحديداً بالخيار المعاكس لما فعله سنة 2006 حين راهن وعمّه على الحزب لأنه استشعر حينها أن محور الممانعة سينتصر.
يلعب باسيل اليوم على خطوط التوتر العالي في زمن منازلة تأخذ بعداً وجودياً ل"حزب الله" ولإسرائيل ومعركة نفوذ قاسية بين محورين في الشرق الأوسط، وهو يريد أن يخرج رابحاً -رابحاً، أي أن يستفيد من مرحلة المحور المعادي للحزب عند نهاية هذه الحرب، بعدما استفاد من محور الممانعة حين كان في عزّه في مرحلة 2006 حتى اليوم.
فهل تنجح حسابات "حقل" باسيل مع نتائج "بيدر" الحرب، أم أنها محاولة تشاطر قد تقضي على ما تبقّى له من قوة سياسية كان "حزب الله" حتى انتخابات 2022 ضمناً، أكبر المساهمين في محافظته عليها؟