الخميس 22 أيار 2025 الموافق 24 ذو القعدة 1446
آخر الأخبار

"لبنان بلد فريد"... هوكشتاين يكشف معطيات "مفاجئة" بشأن الترسيم البرّي!

ياصور

رأى المسؤول الأميركي الرفيع السابق، آموس هوكستين، في حوار مع "الشرق الأوسط"، أن اتفاق الحدود البحرية الذي تولّى الوساطة فيه بين لبنان و"إسرائيل" عام 2022، واتفاق وقف العمليات العدائية بين الجانبين في نهاية 2024، يُظهران أن ترسيم الحدود البرية "في متناول اليد"، لأن الخلافات بين الطرفين "ضئيلة للغاية". وكشف عن "إحراز تقدم كبير" في المفاوضات غير المباشرة، مشيرًا إلى وجود "حلول خلاقة" مثبتة بـ"سجلات وبروتوكولات" تتيح الوصول إلى اتفاق إذا توفرت "الإرادة السياسية".

ونبَّه هوكستين إلى أن "حزب الله" ليس سوى "ذراع لإيران" التي "تحاول فرض إرادتها السياسية على لبنان". وأقر بأن "هناك ما يدعو للقلق" بشأن سوريا، معتبرًا أن اجتماع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، مع الرئيس السوري الانتقالي، أحمد الشرع، "كان تطورًا إيجابيًا" يمكن أن يصب في مصلحة لبنان.

وأوضح هوكستين أن اتفاق الحدود البحرية كان "فريدًا"، مضيفًا: "عملنا عليه لأكثر من عشر سنوات، حاول عدة مبعوثين (أربعة أو خمسة، على ما أعتقد) التوصل إلى اتفاق لكنهم فشلوا جميعًا. وأنا كنت أحدهم. عملت عليه عامي 2014 و2015 ولم أنجح، لكن الفشل حينها مكّنني من النجاح في 2022". ولفت إلى أن "الجهد الدبلوماسي البسيط لم يكن كافيًا"، نظرًا إلى خطر كان يراه ماثلًا: "لو لم نتوصل إلى اتفاق، لكنا دخلنا في صراع ساخن أو حتى حرب على الموارد".

وأشار إلى أن الاتفاق الذي وُقّع عام 2022، والذي وصفه نائب رئيس مجلس النواب، إلياس أبو صعب، بأنه "حل رابح للجميع"، شكّل قاعدة يمكن البناء عليها للوصول إلى اتفاق لترسيم الحدود البرية، متمنيًا لو أنه "امتلك وقتًا أطول"، خصوصًا أن "اتفاق وقف النار بين لبنان و"إسرائيل" تضمن بندًا ينص على بدء محادثات بشأن الحدود البرية بهدف التوصل إلى اتفاق سريع".

هوكستين، الذي عمل على الملف اللبناني في أكثر من إدارة أميركية، قال إن التواصل مع "حزب الله" وأمينه العام، السيد حسن نصرالله، كان "أكثر تعقيدًا"، موضحًا: "لم يكن لدي محاور واحد فقط مع الحزب. كنت أبدأ بدبلوماسية مكوكية بين لبنان ولبنان، قبل أن أذهب إلى "إسرائيل" وأمارس الأمر نفسه هناك".

ولفت إلى أن "الوضع في 2022 كان مختلفًا عن اليوم"، إذ كان لـ"حزب الله" "سيطرة على النظام السياسي بطريقة لم يعد يمتلكها اليوم"، معتبرًا أن هذا ما كان "يجعل الأمور أكثر صعوبة" آنذاك.

وقال: "كنت أسأل المسؤولين اللبنانيين: هل تريدون صراعًا أم ازدهارًا؟ صراعًا أم استقرارًا؟ صراعًا أم فرصة لتجديد بلدكم؟ في كل مرة، يختار الناس الأمل والاستقرار على الصراع". ورأى أن "اتفاق الحدود البحرية نجا من الحرب. لم يُطلق تقريبًا أي صاروخ في البحر. وهذا يمكن أن يكون نموذجًا لحل مشكلة الحدود البرية".

وردًا على سؤال حول الوثائق المسرّبة، أجاب: "أتذكر وجود عدة نسخ من الاتفاق وعدد من الوثائق المسرّبة، بعضها لم أطلع عليه أبدًا. ربما أنتجها الذكاء الاصطناعي. في أحيان كثيرة، كانت تُسرّب أوراق قديمة، ولكن لا أعتقد أن هناك شيئًا لم يُناقش علنًا. لا بنود سرية أو صفقات خفية".

وشدَّد هوكستين على أن "اتفاق وقف النار يتطلب انسحاب "إسرائيل" الكامل من الأراضي اللبنانية، وأن تتولى القوات المسلحة اللبنانية والأجهزة الأمنية السيطرة العملياتية الكاملة على منطقة جنوب الليطاني وصولًا إلى الحدود". وأوضح أن "حزب الله" مطالب بـ"نزع سلاحه والانسحاب من تلك المنطقة إلى شمال منطقة الليطاني – وليس فقط خط الليطاني، بل المنطقة الأوسع".

وأكد أن "وقف النار سينجح إذا تحقق هذان الشرطان"، مشيرًا إلى "آلية أُنشئت لوجود أميركي داعم للجيش اللبناني لناحية الانتشار والتدريب والتجهيز والبنى التحتية".

في ما يتعلّق بالحدود، قال هوكستين إن "الخط الأزرق هو الحاكم حاليًا، لكنه ليس حدودًا"، كاشفًا عن "إحراز تقدّم كبير" في المفاوضات، رغم بعض القضايا الصعبة. واعتبر أن "الحلول الخلاقة موجودة، إذا توافرت الإرادة السياسية"، مضيفًا: "وضعتهما في مكان يسمح لهما بالوصول إلى حل".

وأضاف أن "التمسك بالخطوط التاريخية ليس المفتاح، بل الواقع على الأرض اليوم". وتابع: "الخط الأزرق، الخط الأخضر، الخط البنفسجي، خط ١٩٤٩، وخط ١٩٢٣... كلها ليست المرجعية الوحيدة. المهم هو التفاهم الواقعي".

تحدث هوكستين عن لحظة لبنانية واعدة، قائلًا إن "لبنان لديه الآن رئيس جمهورية، ورئيس حكومة، وحكومة فاعلة، ومن المقرر أن تُجرى انتخابات نيابية خلال عام. هذه لحظة من التفاؤل لم نشهدها منذ أوائل السبعينات". وأضاف: "رحل المحتلون، هناك حكومة جديدة والتزام بالإصلاح، وهناك فرصة حقيقية لإعادة صياغة المستقبل".

لكنه شدّد على أن "التغيير لا يمكن أن يكون تدريجيًا"، داعيًا إلى خطوات إصلاحية جذرية، اقتصادية وقانونية، لأن "لبنان يملك طاقات هائلة، ويمتلك رأس مال بشريًا عالميّ المستوى".

ورأى أن "حزب الله" لم يعد قادرًا على الهيمنة كما في السابق، مؤكدًا أن "إيران تحاول فرض إرادتها، ولكن آن الأوان للبنان أن يقرر بنفسه".

وحول لقاء ترامب والشرع، قال هوكستين: "كان تطورًا إيجابيًا. الشرع يقول كل ما هو صائب. وإذا طابقت أفعاله أقواله، فإنه يستحق الدعم، خصوصًا في ضبط الحدود ومنع انتقال الأسلحة والمسلحين، وتأمين طريق عودة للاجئين السوريين".

وختم هوكستين بالدعوة إلى تغيير في العقلية اللبنانية: "كفوا عن انتظار الخارج لحل مشكلاتكم. عندما تبدأون بالإصلاح، سترون أن الدعم الدولي سيتعاظم. لبنان لا يحتاج إلى صدقات، بل إلى استثمار".

وشدَّد على أن الاستثمار لن يأتي إلا مع سيادة القانون وتراجع الفساد. "إذا أعاد لبنان الثقة بالمؤسسات، فسيأتي الاستثمار، وستعود السياحة، وسينتعش الاقتصاد".

واعتبر أن لبنان ما زال "الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي يمكن لجميع أتباع الديانات أن يعيشوا فيها بكامل الحقوق المتساوية"، مؤكدًا: "هذا بلد فريد... ويستحق النضال من أجله".

تم نسخ الرابط