بريطانيا تعرض "عيون إلكترونيّة" على الحدود الجنوبيّة… ولبنان يشترط الانسحاب الإسرائيلي أوّلًا!

جاء في “الشرق الأوسط”:
قدّمت المملكة المتحدة عرضاً رسمياً إلى لبنان يتضمّن تثبيت أبراج مراقبة على طول الحدود الجنوبية مع إسرائيل، وتسليمها إلى الجيش اللبناني، بهدف دعم الاستقرار وتطبيق القرار الدولي 1701، بحسب ما أفادت مصادر رسمية لبنانية لصحيفة "الشرق الأوسط".
ويأتي هذا العرض البريطاني في سياق مشابه لما نفذته لندن خلال السنوات العشر الماضية على الحدود اللبنانية - السورية، حيث موّلت تجهيز عشرات الأبراج المزودة بكاميرات وأجهزة مراقبة متطورة.
وقدّم العرض البريطاني خلال زيارة وزير الخارجية ديفيد لامي إلى بيروت السبت الماضي، حيث التقى عدداً من المسؤولين اللبنانيين، بينهم الرئيس اللبناني جوزيف عون، الذي رحّب من قصر بعبدا بأي دعم يساهم في تعزيز الأمن على الحدود، وشكر بريطانيا على دعمها للجيش اللبناني، لا سيما في مجال البنى التحتية والتجهيزات.
لكنّ مصادر وزارية مطلعة أوضحت أن لبنان لم يبدِ قبولًا نهائيًا أو رفضًا قاطعًا للعرض، إنما أبلغ الجانب البريطاني بأن الأولوية في الوقت الراهن هي لتثبيت وقف إطلاق النار، ووقف الخروقات الإسرائيلية المتكررة، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من خمس نقاط لبنانية لا يزال يحتلها، ما يعيق اكتمال انتشار الجيش اللبناني بالتوازي مع قوات اليونيفيل في المنطقة.
ولم تنفِ السفارة البريطانية في بيروت هذه المعلومات، لكنها أكدت في تصريح لـ"الشرق الأوسط" على "الشراكة الثنائية القوية مع الجيش اللبناني"، مشيرة إلى تقديم أكثر من 115 مليون جنيه إسترليني منذ 2012 لدعم بنيته التحتية وتجهيزاته وتدريبه.
ويُنظر إلى الأبراج البريطانية، بحسب المصادر، كأداة دعم لوجستي وتقني تمنح الجيش اللبناني واليونيفيل قدرات أكبر في الرصد والتوثيق والتعامل مع أي خروقات، على أن يجري التنسيق عبر اللجنة الخماسية (التي تضم لبنان، إسرائيل، اليونيفيل، فرنسا، والولايات المتحدة) لضمان احترام القرار 1701.
ورغم أن المشروع لا يزال في إطار "العرض الأولي"، فإن من المتوقع أن تختلف مواصفاته التقنية عن الأبراج المثبتة على الحدود الشرقية، نظرًا لاختلاف الطبيعة الجغرافية والمعطيات الأمنية، مع الإشارة إلى أن تفاصيله ستحال لاحقاً إلى قيادة الجيش في حال وافقت الحكومة اللبنانية عليه.
الجدير ذكره أن هذا الطرح البريطاني ليس بجديد، إذ سبق وطرحت لندن خلال مفاوضات وقف إطلاق النار التي أعقبت الحرب الأخيرة مع إسرائيل (خريف 2024) فكرة إنشاء مراكز مراقبة متطورة، وهو ما اصطدم آنذاك برفض "حزب الله" لأسباب سياسية، إضافة إلى تحفظات تقنية تتعلق باتجاه الكاميرات المثبتة على تلك الأبراج، وما إذا كانت ستغطي الحدود فقط أم تتعدى ذلك نحو العمق اللبناني.
وفي السياق نفسه، قالت مصادر وزارية إن "حزب الله" لم يُفاتح حتى الآن بهذا العرض الجديد، مضيفة أن النقاش لم ينتقل بعد إلى التفاصيل التقنية، إذ إن الحكومة تصرّ على أولوية تثبيت الاستقرار أولًا، قبل الدخول في أي ترتيبات أمنية ميدانية جديدة.
ومنذ العام 2014، ساهمت بريطانيا في بناء 39 برجاً ثابتاً ومتنقلاً للمراقبة على الحدود مع سوريا، يمتد مداها من العريضة شمالًا حتى راشيا جنوب شرق البلاد، وهي تمنح رؤية شاملة لمسافات تصل إلى 10 كيلومترات.
وكان المستشار الأول لوزارة الدفاع البريطانية لشؤون الشرق الأوسط الأميرال إدوارد ألغرين قد أكد في آذار الماضي استعداد بلاده لاستكمال مشروع الأبراج الأمنية، في إطار دعم استقرار لبنان ومساعدة جيشه في ضبط حدوده.
وفي وقت يستمر فيه التوتر على الحدود الجنوبية، ترى بيروت أن أي دعم تقني أو لوجستي يجب أن يُبنى على قاعدة سياسية واضحة، تُنهي الخروقات وتحترم السيادة اللبنانية.