خطر داهم على أوتوستراد الجنوب-بيروت: إحذروا وحذروا !!!
المصدر : عبير محفوظ
المصدر : عبير محفوظ
تاريخ النشر : 16-03-2022
صورة تعبيرية
صورة تعبيرية
"منذ ولادته، لا تحل المصائب على البلد الصغير القابع على فوهة بركان من الصراعات فرادى... بل دائماً ما تحل جماعات... وكلما استبشر خيراً، حلت على لبنان المزيد من الويلات حتى يكاد لا يمر عقد من الزمن إلا وفي جعبته "هزة"... وما حصل ويحصل على أوتوستراد الجنوب-بيروت لا يختلف عن هذه الصورة البتة، خصوصاً مع الحوادث التي ارتفعت وتيرتها مؤخراً بشكل ملحوظ... 
استبشر الجنوبيون خيراً لما شق هذا الأوتوستراد "عباب الانتظار" ليصل العاصمة بيروت بأقصى الجنوب، مخففاً عنهم الزحمة وطول المسافات، حتى غدا بسرعة، كما خُطط له، شرياناً حيوياً يضخ يومياً عشرات آلاف المارة والركاب المتنقلين بين العاصمة بيروت ومختلف مناطق الجنوب والنبطية... كلف خزينة الدولة (التي تعتاش على ضرائب المواطنين ومن أموالهم) ميزانية ضخمة تكاد تكفي لأوتوسترادات تمتد أكثر منه بعشرة أضعاف على الأقل في أي دولة من دول القانون والمحاسبة، وفق ما أكد أحد خبراء الهندسة المدنية لموقع "يا صور" ولكن.... سرعان ما تبدت عيوبه الكثيرة للعيان، حفراً وانهيارات، فشهد على مئات الحوادث الدموية وتخضب "اسفلته" بدماء الأبرياء... إلا أن "الاعصار" الضارب في لبنان منذ نهاية 2019 حمل إليه المزيد من المخاطر الجمة على السلامة العامة، بين جودة طرقاته المشهودة وضعف صيانة الآليات التي تعبره...  


حفر وبرك و"ترقيعات" في جنح الظلام


لا يحتاج المرء إلى شهادة خبرة أو اختصاص ليصدر شهادة "عدم صلاحية" لطرقات الأوتوستراد في معظم المناطق التي يمر فيها... فبين حفر تستوطن كيلومتراته القليلة و"مطبات" استحدثت عليه دون دراسات وافية، عدم انسيابية مستوياته و"ترقيعات الزفت"، التي ترتفع بالسائق ثم تهبط فجأة دون إنذار، يغامر المرء بنفسه وبمن معه في سيارته أو باصه على الطرقات التي زادت الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد من معاناتها، فتراجعت الميزانيات الهزيلة التي تنالها للصيانة الدورية... ناهيك عن الإنارة الشبه معدومة منذ عقود طويلة، حتى في أنفاقه الموحشة... وعند "تقطيبات" جسوره، تبرز "نتوءات" حديدية و"حفر فراغية" تهدد سلامة المارة على الطريق السريع و"طوفانه" في أكثر من موضع على طول الطريق يبتز آلياتهم، وهو ما لطالما شكا منه المواطنون ولكن... من يبالي؟ 


صيانة السيارات والباصات باتت حلماً 


مع ارتفاع سعر صرف الدولار، باتت "الزيارة الدورية" لصيانة السيارات والباصات ذكرى من الماضي الجميل... فجميع أصحابها، خصوصاً سائقو النقل العام من سيارات أجرة وباصات وفانات لنقل الركاب، باتوا أمام مفاضلة مرة: بين إصلاح أعطالها وتخصيص "كلفتها" المرتفعة لتأمين قوت عائلاتهم ودوائهم وحاجياتهم الأساسية التي "حلقت" أسعارها الى أرقام خيالية. 


لذا تراجعت وتيرة استبدال الإطارات، حيث يكلف "دولاب الفان" الواحد أكثر من الحد الأدنى للأجور، ناهيك عن ارتفاع كلفة قطع الغيار التي تدفع بالدولار الفريش أيضاً ("بوجيات، كولاص، وغيرها...). حتى "الفرش" يعاني من "قلة حيلة" السائق... لا صوت يعلو هنا فوق "صوت الضروري الضروري وأول بأول" حتى لو هدد ذلك سلامة السائق نفسه وركابه"، كما أفاد صاحب أحد محلات الميكانيك الذي اعتاد طوابير من الفانات تصطف أمامه للفحص الدوري... "فهؤلاء السائقون، بعيداً عن ضجيج الاعلام والتصاريح والخطابات، يقعون بين نارين: 


- نار ركابهم الذين كانوا أساساً من أبناء الطبقة المتوسطة ثم انحدروا بسرعة مع تراجع القدرة الشرائية لرواتبهم وأجورهم، بحيث أنهم بالكاد أصبحوا قادرين على تسديد كلفة النقل اليومية (التي ارتفعت من 8000 ليرة في تموز 2020 الى 60 الف ليرة في آذار 2022 من صور الى بيروت، كما ارتفعت كلفة السرفيس المحلي من 2000 الى 30 أو 35 ألفاً في الفترة عينها)  


- نار التصليحات اللاهبة بعد ان خابت آمالهم بتحقيق أي من الوعود بتأمين تسعيرة خاصة لهم لقطع الغيار من أموال الدعم (التي صرف بعضها على أمور أهم، كالكاجو...). ولعل زيادة حالات اصطفاف الباصات والسيارات على جانبي الطريق، بانتظار وصول مصلح "رخيص وكويس وابن ناس" ما هي إلا مؤشر على تراجع قدرة هذه الآليات على المضي قدماً دون صيانة "مكلفة". 


"لا زفت انتخابات هذا الموسم" 


يحمل "الراكب" دمه على كفه ويغامر مع "السائق" المغلوب على امره ويمضون على أمل الذهاب والعودة بالسلامة... وعلى عكس ما جرت عليه العادة، لن تفوح رائحة الزفت الا ما في ما ندر في هذا الموسم الانتخابي... تُرك المواطنون لمصيرهم على طرقات ارتفعت على أطرافها يافطات الحملات الانتخابية على قاعدة "انتخبوني انتخبوني لو كنتم بتحبوني"... حبذا لو استبدلت يافطاتهم بلمبات انارة أو بـ"رقعات" من الاسفلت الأسود ولكن... في مغارة الهدر الفاحش في الانفاق العام، والذي نالت منه وزارة الأشغال حصة كبرى لم تثمر أي تحسن على البنى التحتية للبلاد، يبدو أن مارك توين محق في مقولته الشهيرة عن تغيير السياسيين، ولا يبدو أن رياح التغيير إلى الأفضل لا يبدو أنها ستهب قريباً على "وطن الأرز"...

   

اخر الاخبار