قانون يُثير الجدل ويُربك المشهد... تحذير من "الفوضى"!

أعاد قرار المجلس الدستوري الأخير الجدل حول قانون الإيجارات للأماكن غير السكنية، إذ اعتبر أن هذا القانون غير نافذ لأن إجراءات إصداره لم تُراعَ وفقًا للأصول، وهو ما يجعل عملية النشر مخالفة لأحكام المادة 57 من الدستور، باعتبار أن القانون لم يكن قد أصبح نافذًا حكمًا في تاريخ نشره.
في حديثٍ لـ"ليبانون ديبايت"، شدّدت رئيسة الهيئة اللبنانية للعقارات، المحامية أنديرا الزهيري، على أنّ "الجميع يطمح إلى أن تنتظم الأمور في لبنان، بما فيها التشريعات، بما يتماشى مع روحية الدستور وبنوده"، مؤكدة أن "الهيئة احترمت القوانين والتزمت بها، حتى عندما كانت غير منصفة بحق المالكين القدامى".
وأشارت الزهيري إلى أن "الواقع التشريعي في لبنان يعاني من فوضى قانونية تتمثل بوجود عدة قوانين تعالج موضوعًا واحدًا، ما يؤدي إلى تضارب وتعديلات متكررة حتى بعد إقرارها ونشرها. وأضافت أن "هناك جهات تستفيد من الفوضى والفساد، ولذلك تعرقل انتظام الأمور على المستويات الحياتية، الاجتماعية، الاقتصادية، القضائية، والسياسية، وغالبًا ما تتلطى خلف ذرائع غير دستورية للاستمرار في الواقع القائم وغير السليم".
وتوقفت الزهيري عند ما حصل مؤخرًا، معتبرة أن "ما حدث يُظهر خللًا في الأمان التشريعي ويُحمّل المواطنين أعباء مالية كبيرة في المحاكم، خصوصًا أن المالكين القدامى يواجهون معاناة مستمرة في استرجاع حقوقهم، سواء من ناحية القوانين أو التشريعات. ووصفت الوضع بـ"كرة التنس"، حيث لا تكاد تُنفذ القرارات ويبدأ الناس بالمطالبة بحقوقهم حتى يصدر إجراء جديد يعيد الأمور إلى نقطة الصفر".
وفيما يتعلّق بقرار المجلس الدستوري، أوضحت الزهيري أنه "لم يُشكّل صدمة كونه لم يتناول مضمون القانون الذي يحمي الملكية الفردية المصانة في الدستور، بل اكتفى بالتركيز على آلية النشر، كما نصّت المادة 56 من الدستور، والتي توجب إحالة القوانين من مجلس النواب إلى رئيس الجمهورية لإصدارها ونشرها ضمن المهلة المحددة".
وذكّرت بـ"التطورات التي رافقت قانون الإيجارات غير السكنية منذ إقراره في كانون الأول 2023، حيث تم سحبه من الإصدار والنشر في الجريدة الرسمية، ثم أُعيد بموجب مرسوم إلى مجلس النواب لإعادة دراسته وتعديله، لتليه مراجعة طعن مقدّمة من "تجمّع مالكي الأبنية المؤجرة" أمام مجلس شورى الدولة، مما أدّى إلى وقف تنفيذ مرسوم الإعادة. لاحقًا، أصدر رئيس الحكومة نواف سلام توجيهًا بنشر القانون في الجريدة الرسمية بتاريخ 3 نيسان 2025، عقب مباشرة المالكين برفع دعاوى قضائية استنادًا إلى قانون الموجبات والعقود، نظراً لانتهاء مفاعيل تمديد الإيجارات غير السكنية بتاريخ 30 حزيران 2022".
وأكدت الزهيري أن "القضاء ملزم ببتّ هذه الدعاوى تجنّبًا لتُهمة الاستنكاف عن إحقاق الحق، خصوصًا في ظل الفراغ التشريعي القائم، إلا أن الأمور عادت لتتأزم بعد تقديم مراجعة طعن أمام المجلس الدستوري من قبل رئاسة الجمهورية وعدد من النواب".
وقالت: "نأمل أن تنتظم الآلية القانونية لضمان الاستقرار، ووضع حد للفوضى والفساد والهدر، والعمل على تحقيق العدالة وتسريع إصدار الأحكام. القوانين وُجدت لتواكب حاجات المجتمع وتتطور معها، دون المساس بالثوابت والحقوق، ودون أن تخلّ بالتوازن بين العدالة والإنصاف".
وأضافت: "مع احترامنا لحرص المجلس الدستوري على آلية النشر وصلاحية رئاسة الجمهورية، نطالب بإحالة القانون مجددًا وفق الأصول، وإعادة نشره دون تأخير، مع تأكيدنا أن المجلس لن يتعرض لحق الملكية الفردية، وهو ما يُعتبر من الثوابت والمقدسات، وإلى حين معالجة الوضع، نتمسّك بتطبيق قانون الموجبات والعقود على أماكن الإيجارات غير السكنية القديمة، حرصًا على حقوق المالكين، ومنعًا للفراغ التشريعي".
وختمت الزهيري: "لأننا نؤمن بالدستور، ونؤمن بالقانون كهدف، وبالقضاء كبوصلة، نطالب بإعادة النشر وفق الأصول، واحترام حقوق المواطنين دون المساس بها، من أجل النهوض بالوطن".