فترة واعدة بإنتظار لبنان... "بشائر مشروطة"!

في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها لبنان، تبقى أزمة البطالة من أبرز المعوقات التي تقف حاجزاً أمام تحقيق التعافي والنمو المستدام. بين انهيار اقتصادي طويل الأمد وغياب الاستقرار، يطرح السؤال حول واقع سوق العمل اللبناني، وأثر اليد العاملة الأجنبية على فرص التوظيف.
في هذا السياق، يكشف الخبير الاقتصادي د. باسم بواب عن آخر المستجدات والتوقعات، ويرسم صورة مستقبلية متفائلة مشروطة ببقاء الاستقرار وتحقيق الإصلاحات.
ويرى بواب، في حديثٍ لـ"ليبانون ديبايت"، أن "اليوم، من الواضح أن البطالة في لبنان بلغت ذروتها في عام 2020، وذلك نتيجة الانهيار الاقتصادي والمالي الذي شهدته البلاد، حيث فقدت الوظائف جدواها الاقتصادية، خاصة أن الرواتب كانت تُدفع بالليرة اللبنانية ولم تعد تُعادل شيئًا بالدولار، ما أفقدها قيمتها الفعلية. في تلك الفترة، بدأت الشركات بتقليص حجمها وصرف عدد كبير من الموظفين".
ويوضح أنه "بعد عامَي 2022 و2023، ومع استقرار سعر صرف الدولار عند مستوى معيّن، بدأ كل من القطاعين العام والخاص في العمل على تحسين الأجور، مما ساهم تدريجيًا في التخفيف من حدة البطالة، وبالتالي، عادت بعض فرص العمل إلى الظهور، وانخفضت معدلات العجز في سوق العمل".
ويشير إلى أنه "في فترة الذروة، كانت معدلات البطالة في بيروت والمدن الكبرى تقارب الـ30%، بينما وصلت في المناطق الطرفية إلى نحو 45%. أما اليوم، فالوضع آخذ في التحسّن، وخصوصًا مع الحكومة الجديدة، ورئيس الجمهورية والعهد الجديد الذي يحمل نفسًا إصلاحيًا يُعيد الأمل بإطلاق عجلة الاقتصاد".
ويلفت بواب، إلى أن "من أبرز القطاعات التي تساهم اليوم في التخفيف من البطالة هو قطاع السياحة، الذي يوفّر عشرات الآلاف من فرص العمل، إضافةً إلى كونه محرّكًا لقطاعات أخرى مرتبطة به. لذلك، فإن نجاح موسم الصيف السياحي سيكون له أثر مباشر في خفض معدلات البطالة وزيادة الاستثمارات في مختلف القطاعات".
وعن منافسة اليد العاملة الأجنبية، يؤكّد أنه "لا يمكن إنكار وجود منافسة من اليد العاملة الأجنبية، وخصوصًا اليد العاملة السورية، إلا أن هذه اليد العاملة لم تعد تتقاضى أجورًا متدنية كما في السابق، نظرًا لارتفاع تكاليف المعيشة والإيجارات في لبنان. من هنا، لم يعد الفارق كبيرًا بين العامل اللبناني والأجنبي من حيث الكلفة، ومع ذلك، لا تزال بعض الوظائف التي يعزف اللبنانيون عن شغلها تُترك لليد العاملة الأجنبية، فيما تعود الوظائف الأساسية والمباشرة مع الزبائن إلى اللبنانيين، ولا سيما في قطاعات السياحة، والمطاعم، والفنادق، والملاهي، وغيرها، حيث يتميّز اللبناني بإتقانه للغات، وبأسلوبه اللائق والمهني في التعامل".
ويختم الخبير بواب: "نحن اليوم متفائلون، وإذا استمر الاستقرار الأمني ولم تحدث أية تطورات سلبية أو نزاعات لا سمح الله، فإن الفترة الممتدة بين عامَي 2025 و2026 ستكون واعدة، ويمكن للبنان أن يحقق خلالها قفزة اقتصادية حقيقية، مع تراجع البطالة إلى مستويات تتراوح بين 10 و15%، وربما أقل، كذلك من المتوقع أن يشهد الاقتصاد نموًا حقيقيًا قد يصل إلى خانتين عشريتين في 2026، مع تسجيل نسبة نمو بحدود 5 إلى 6% في العام الحالي، شرط بقاء الأوضاع الأمنية مستقرة، واستمرار فتح المرافق، وتوفّر فرص العمل، في هذه الحالة، ستكون جميع المؤشرات إيجابية، والبطالة في مسار تراجعي ملحوظ".